أكبر هيئتين سياسيتين في البلد هما "التحالف الوطني"، ومجلس الوزراء. الأولى هي المسؤولة عن تسمية رئيس الوزراء. والثانية تمثل السلطة التنفيذية المسؤولة عن السياسة العامة للدولة. التحالف الوطني مؤلف من ائتلاف دولة القانون( 89 مقعدا)، والائتلاف الوطني( 70 مقعدا). كل منهما كان قد خاض انتخابات 2010 منفردا. بعد الانتخابات تحالفا وشكلا الكتلة البرلمانية الأكثر عددا لضمان الحق في منصب رئاسة مجلس الوزراء.
والهيئتان تفتقدان الى نظام داخلي. أي الى قانون ينظم عملهما. فليست هناك في التحالف هياكل تنظيمية محددة الاختصاصات، ولا طريقة أو منهج للتصويت على الآراء أو الاقتراحات عند ظهور اختلافات بين قوى التحالف تستدعي استخدام آلية التصويت.
الخلاف بين أكبر طرفين للتحالف، وهما دولة القانون والتيار الصدري (40 مقعدا)، هو عند حده الأقصى. والانسجام ليس متحققا بأفضل صورة بين المجلس الأعلى ودولة القانون. وقد حافظ التيار الصدري والمجلس الأعلى على علاقات جيدة مع "القائمة العراقية" و"التحالف الكردستاني"، خلافا لعلاقات "دولة القانون" المتشنجة مع الكتلتين الأخريين.
لا توجد طريقة يستطيع التحالف الوطني بها استبدال رئيس الوزراء إذا أراد أو إذا اضطر. وتظل القوة العددية لمقاعد دولة القانون هي الحاكمة والمتحكمة في مسألة منصب رئيس مجلس الوزراء. من ناحية أخرى لا يستطيع أي طرف من أطراف التحالف الوطني الانسحاب منه ولو انقلبت السماء على الأرض، لأن ايران ترفض ذلك رفضا باتا، فالتحالف الوطني يمثل أهم مصالحها الاستراتيجية في العراق.
التيار الصدري يتمتع بأكبر نصيب من الحرية تجاه الضغوط الايرانية. وقد بلغ هذا التحرر أقصاه مع انضمام التيار الى "العراقية" و"الكردستاني" في الحملة الفاشلة لسحب الثقة عن المالكي. لكن التيار الصدري لا يستطيع الذهاب خطوة أبعد الى درجة الانسحاب من التحالف الوطني.
هذا كله يجعل سد المالكي أمينا من جهة التحالف الوطني، أو بالأحرى من جهة الإئتلاف الوطني.
أما سده الأمين الآخر من جهة مجلس الوزراء فيتمثل بغياب نظام داخلي يحكم وينظم عمل هذا المجلس. ان المادة (85 ) من الدستور تنص على وجوب أن "يضع مجلس الوزراء نظاما داخليا لتنظيم سير العمل فيه". والجدير بالذكر ان صلاحيات السلطة التنفيذية الأساسية المنصوص عليها في الدستور تعود الى مجلس الوزراء لا الى رئيسه بنص المادة (80). وكيفية التحكم بهذه الصلاحيات هي ما يجب على النظام الداخلي تفصيله وتحديده. لكن بغياب النظام الداخلي تمتع رئيس مجلس الوزراء بحرية التحكم الواسعة بالسلطة، أي بالجيش والشرطة والمخابرات والى حدود معينة بالقضاء والهيئات المستقلة وتعيين أصحاب الدرجات الخاصة في الوزارات. وقد تعاظمت هذه السلطة مع ضعف الدور الرقابي للبرلمان.
إن غياب القانون، أو النظام الداخلي، لكل من التحالف الوطني ومجلس الوزراء هو أهم اسباب تنمية نهج التفرد أو الاستئثار بالسلطة لدى رئيس مجلس الوزراء.
و"فوق البيعة" فإن العمل الحزبي بالجملة لا يخضع للقانون لأن البلاد تخلو من قانون للأحزاب. وبعبارة جامعة فإن العمل السياسي كله يفتقد الى مظلة القانون. ومن المشكوك فيه أن تعرف السياسة غير المرخصة بقانون معنى حكم القانون. لكن البلد لحسن الحظ لا يخلو من قانون العقوبات الجنائية، الذي يقيد المجرمين، ولا يعطي الفرص لأهوائهم ورغباتهم، وإلا لفلتت الأمور وأصبح المجرمون والسياسيون معا علينا.
سياسة خارج القانون
[post-views]
نشر في: 3 مارس, 2013: 08:00 م
جميع التعليقات 1
كاطع جواد
لماذا يسمح السياسيون بتمرير هكذا قوانين اذا كانت تقيد حريتهم وتحد من نرجسيتهم السياسية فالكل يحب التفرد وعدم مشاركة الاخرين هذه النرجسية .والتي تبدأ من أعلى الهرم الى اصغر موظف في الدولة ، فالديمقراطية وتوزيع السلطات ومحدودية القرار الفردي كلها شعارات ل