المعوق الأساسي للاستثمار والتنمية عموماً هو شحوم الترهل السابقة والأكثر اللاحقة . فالسابقة كانت أكثر مشروعية كونها تقع ضمن اقتصاد شمولي يشكل القطاع العام سداه ولحمته ،أما اللاحق فلم يملك مثل هذا المسوغ دستورياً ثم أن مستلزمات التنمية الحقيقية تسير عكس الترهل . لذلك بات الترهل سياسياً بامتياز مثل الفقر ، أيضاً .
فنحن أمام إشكالية وهو أن الترهل يمنع الاستثمار ويحجمه ولكن بدون الترهل يزدهر الاستثمار ليحتوي الترهل من خلال إعادة هيكلة تكون الكفاءة معيار الأول والأخير . فالعلاقة طردية بين الريع النفطي وتسييس الترهل في ظل تجربتنا الحالية .
فمثلاً في صناعة السمنت كما يستغيث د . عبد الحسين العنبكي في الجزء الأول والثاني في مقالته لجريدة الصباح يوم 3/3/ 2013 وما قبلها . نلاحظ أن هذا النشاط الحيوي ( صناعة السمنت يرادله أن يموت كما يقول الدكتور . وهو طبعاً لا يموت وحده، إذ سيسحب أشقاءه في الصناعة الإنشائية عموماً ثم قاعدة البنية التحتية لكل النشاط التنموي . فعشرة آلاف عامل تدفع الشركة لهم رواتب في حين يحتاج المستثمر ( 3500 ) والباقي مشجعون . وإضافة للتسييس في وظيفة الولاء هناك ساندون وهم التعرفة تلك الفريضة الغائبة وقانون حماية المنتج الوطني والفريضة الواجبة المغيبة ( كهرباء الوطن ) وأسعار الوقود المرفوعة على المعامل بشكل استثنائي متعمد من قبل ( النفط والكهرباء ) .
فالعامل الأول المهبط للاستثمار هو الترهل في العمالة في السمنت وغيره إذا استمر لا يتقدم الاستثمار وإذا قمنا بنشاط وحركة لتخفيف الشحوم ينطلق الاستثمار والساسة لا يجازفون بقاعدة اجتماعية مشتراة على حساب الجدوى الاقتصادية . ولكن هذه العملية السياسية الساذجة لها ما يعززها ويجعلها واقفة على قدميها . وهم حيتان الاستيراد ومساعدوهم المفسدون الذين لعنهم بمرارة د . العنبكي . هذه القشرة الأولى .أما الغلاف الثاني الحامي فهم جميع الذين رفضوا كشف ذممهم المالية. فهم لهم علاقة بالسمنت المستورد أو غيره من عمل غير قانوني . إضافة إلى أن هؤلاء لابد من مراجعة أسسهم كرواتب وامتيازات وتزوير . وما هي دستورية هذه العلة التي تأتي بدرجة واحدة مكررة مع الترهل في شل التنمية عموماً والاستثمار خصوصاً لأن مصالحهم ازدهرت في ظل هذه الخلطة للأوراق .
لذلك يتوجب أن تدفع وزارة المالية ضاماً صوتي لصوت الدكتور عبد الحسين لأننا في كل الأحوال ندفع من جيب واحد وهو الخزينة المركزية ولكن مجرد تغير الموقع من الصناعة إلى المالية يزدهر الاستثمار . إضافة إلى اعتماد نظام تقاعدي أسوة بتجارب الدول التي مرت بالتحول من القطاع العام إلى الخاص وهي رأسمالية متقدمة أو بلدان نامية أو اشتراكية سابقاً مثل المجموعة السوفيتية .
من خلال التقاعد المبكر وتخفيض السن القانوني وكشف أوراق التلاعب السياسية .
فهذه السياسات جعلت جيراناً وغير جيران يتجاسرون على وحدتنا الوطنية بشغب التقسيم وبأدواته العراقية . كانت ومازالت سياسة الترهل هي العامل الأساس الذي بني على الولاء وليس الأداء وأي استمرار لهذه السياسة يعني كسبا رخيصا وخطأ إذا علمنا أن الدولة توفر العمل والكرامة للمواطن دستورياً، فلماذا نصرف أموالا محسوبة على الجدوى الاقتصادية ولا تصرفها من خزينة المركز التي تتقاذفها أسواق العملة وغسيل الأموال والامتيازات ،والعمل يجب أن يكون فعلاً كذلك وليس إعانة لأن لكل منهما شروطهما وأسسهما والتلاعب بهما عمل سياسي قصير النظر واقتصادي فاشل بكل الأحوال .