عندما كان خافير مارياس طالباً في فقه اللغة الإنكليزية، في مدريد في أعوام السبعينات مع إحساس (بالرهبة والإجلال) كان يشتري روايات بنغوين الكلاسيكية، وكان كتابها: من كونراد إلى جيمس وفوكنز والى جويس، توماس مان وفورد مادوكس فويد، ومن فيرجينيا وولف إلى كا
عندما كان خافير مارياس طالباً في فقه اللغة الإنكليزية، في مدريد في أعوام السبعينات مع إحساس (بالرهبة والإجلال) كان يشتري روايات بنغوين الكلاسيكية، وكان كتابها: من كونراد إلى جيمس وفوكنز والى جويس، توماس مان وفورد مادوكس فويد، ومن فيرجينيا وولف إلى كاموا، ولم يسمح لنا باكوف بالانضمام إلى تلك القائمة. وفي العام الماضي، أصبح خافير مارياس من بينهم – واحداً من بين عدد محدود جداً من الكتاب الأحياء، الذي ينضم إلى تلك القائمة).
ويقول معلقاً، (أحس أنه شرف كبير، حتى إن لم أقدر على منع نفسي من التفكير في كيفية حصول ذلك أو أن خداعاً قد حصل).
وبعيداً عن هذا الأمر، يبدو صعباً التفكير بالكثيرين من الكتاب الأحياء، الذين يستحقون الانضمام إلى تلك القائمة.
وحسب المصطلحات التجارية، فإن هذه الخطوة من قبل بنغوين، قد ترشحه للحصول على جائزة نوبل، شيء يطمح فيه، وحسب القواعد الأدبية، هناك أمر آخر، إن قلّة من الكتاب تواصلوا مع كلاسيكيات دا (انغلوفون) كانون، فهو كمترجم قد نقل إلى الإسبانية أعمال هاردي، ييتس، كونراد، نابوكوف، فوكنر، أبدايك، سالينجر وآخرين، وهو كروائي، نسج أعماله على خطى أولئك الكتاب، ويقع تحت تأثير أعمال شكسبير شتيرن وسيرفانتس وبروست.
ويقول مارياس، (إن هناك موضوعات معينة للكاتب، ومنها: الخيانة، السرية، استحالة معرفة الأشياء أو الناس أو حتى نفس المرء، وهناك أيضا الزواج والحب، وهذه الأمور هي التي يتناولها الكتاب، إن تاريخ الأدب هو سقوط نفس قطرة الماء على الحجارة نفسها ولكن بلغة أخرى، وبطريقة أخرى وأشكال مختلفة، ولكنها تبقى نفس الشيء، نفس القصص، نفس قطرة الماء، ونفس الحجارة منذ هومر أو قبله.
وخافير مارياس، قد باع من كتبه ملايين النسخ، التي ترجمت إلى 40 لغة، وروايته الثانية عشرة، (الافتتان)، ستطبع في إنكلترا الشهر القادم، وقد توّج بالعديد من الجوائز والألقاب الأدبية ، ومن بينها (ملك ريدوندا)، وريدوندا صخرة ضخمة في بحر الكاريبي، لا يسكنها احد وتداول عدد من الكتاب، هذا اللقب، الواحد بعد الآخر.
ويقول خافيير مارياس مبتسماً، إنه سيحافظ على التقليد المتبع لنبلاء الثقافة، وهو يعني بذلك تخصيصه جائزة أدبية للمتميزين من الكتاب التي شملت حتى الوقت الحاضر كلاً من:
أليس مونرو، أ.س.بيات، ويليام بويد، أمبرتو إيكو، وكان ج.م.كوتزي، الفائز الأول بها.
ومارياس لم يزر ريدوندا، ويعيش في شقة مليئة بالكتب، تطل على أقدم ساحات مدينة مدريد، حيث يعمل على آلة طابعة كهربائية، وليس لديه إنترنت، كما أنه قديم الطراز بالنسبة لنوع سيكارته، ولمارياس رفيقة على علاقة معها منذ زمن طويل، وهي تعيش في برشلونة.
ويقول (هذا هو حظي، إما أن كافة صديقاتي تزوجن في زمن لم يكن فيه الطلاق مسموحاً به في إسبانيا، أو إنهن يعشن في أماكن أخرى، أو تبرز عقبة ما في الطريق).
ورواية (افتتان) تروى من قبل امرأة- شيء نادر بالنسبة إليه، ونجد فيها الرواية (ماريا) تتناول الإفطار في المقهى نفسه يومياً، حيث تشاهد زوجين لهما نفس الروتين، وبعد مرور الأيام، يتوقف الزوجان عن ارتياد المقهى ،وتعلم ماريا أن الزوج قتل بوحشية، وهكذا تبدأ بالاهتمام بحياة الأرملة والتشعبات العاطفية لوفاة الزوج.
ويقول مارياس، للحب وللوقوع في الحب، اعتبارات حسنة، ولكنه يكون أحياناً على العكس من ذلك، لقد رأيت في حياتي أناساً نبلاء يتصرفون بشكل سيئ عندما يكونون في حالة حب، كما أن هناك، (القدر) الذي يدفع الواحد منا إلى ذلك الحب، ويقول الناس دائماً، "لو لم أذهب إلى تلك الحفلة، أو ذلك المكان، لما قابلتها أو قابلته!".
وقد بيع من رواية خافير مارياس أكثر من 160،000 نسخة في إسبانيا ومنحت الجائزة الوطنية الأولى للدولة، والنقد الذي يوجه لمارياس، هو عدم الانغمار في الحياة السياسية الإسبانية، على الرغم من ان الحرب االهلية وحكم فرانكو، في رواياته، هي من الفترات المظلمة في رواياته ولكنه لم يبد اهتماماً بالأحداث السياسية اليومية، و له عمود يومي في إحدى الصحف منذ (18) سنة.
ويقول، (في كتاباتي الصحفية تردني الكثير من الأفكار، وقد طبع كتاباً عن مقالاته عن كرة القدم- ولكن كتابة الرواية أمر مختلف، وأنا أكره الأسلوب الصحفي للروايات التي تعتبر سائدة حالياً.
ولد مارياس في مدريد عام 1915، والده، فيلسوف بارز، نشاطاته لتأييد الجمهورية، أدت إلى سجنه، بعد الحرب الأهلية وكانت والدته مترجمة.
وكان منزل العائلة مليئاً بالكتب، ولكن اهتمام مارياس بالأدب جاء عبر تأثره بخاله، الذي كان يعيش في باريس ويكتب قصص أفلام الرعب والجنس.
وفي خلال ستة أسابيع أمضاها في باريس، كتب مارياس أولى رواياته، (دومينو الذئب) وهو في الـ 20 من عمره، كما شاهد 85 فيلماً.
وفي الأعوام التالية، طبعت له روايتان، ولكن عمله كمترجم جاء في المقدمة، وقد فاز بجائزة الدولة عن الترجمة- عام 1979، والترجمة كانت مفيدة له كقارئ وكاتب.
ويقول، (لو اهتممت بصناعة الكتابة الخلاقة أو كان لدي مدرستي للكتابة الخلاقة، لما سمحت بدخولها إلا لمن يجيد الترجمة.
ويقول إن المعروف عنه، امتلاكه أسلوبه الخاص- الجملة الطويلة المتشعبة والموسيقية، وقد استغرق الوصول إلى ذلك عدة أعوام من الكتابة، ومن رواياته التالية، ( الأرواح كافة -1989، عن تجربته التدريسية في أوكسفورد في الثمانينات، ولكن (قلب ابيض جداً) هي التي رفعت اسمه، وحقق المرتبة الأولى في المبيعات وبيع منها 1،3 مليون نسخة، وهو عادة يكتب مختصراً قصيراً لأحداث رواية يزمع كتابتها، لا يتجاوز أربع أو خمس أوراق صغيرة، وقد لا يعود إلى بعض منها في ما بعد.
ويصف مارياس الوضع الحالي في إسبانيا بـ(المفزع) وهو مع موقف الحكومة في خلال الأزمة الاقتصادية الحالية: إصلاحات عمالية، تشديد قوانين الإجهاض، تخفيض مصروفات التعليم والثقافة، ويقول إن الأمر مع الرواية مختلف، إذ أن شخصياتها تتحدث عن كافة الأمور، حسبما تشاء، إذ أن القارئ، يطلع أولاً على عنوان الرواية، ويقرأ نبذة عن كاتبها، ولكنه ما أن ينغمس في قراءتها، حتى ينسى المؤلف، ليتابع الأحداث دون أن يفكر فيمن كتبها ولماذا.
عن الغارديان