لو بحثنا عن شيء يتفق عليه العراقيون، في ضوء ما يحدث بالعراق اليوم، سنجد أغلبهم، أو بالحقيقة كلهم، خائفين من نشوب حرب أهلية. لكن الغريب جداً إننا لم نجد حراكاً جاداً من كل الأطراف لدرء تلك الحرب.
ما هي المشكلة؟
هناك طرفان متنازعان هما: الحكومة، التي يرأسها الشيعة، والمتظاهرون السنّة. الشيعة يقولون إنهم لم يستأثروا بالحكومة لوحدهم، بل فيها وزراء سنّة، تمثلهم القائمة العراقية وبعض من خارجها، ووزراء أكراد فلا أحد مهمش. إنها على حق. والسنّة يقولون إنهم مهمشون ولا رأي لهم أو دور بالسلطة ووجودهم بالحكومة ليس فاعلا ولم ينجح في تبديد مخاوفهم. إنهم على حق أيضا. هذا برأيي هو لبّ العقدة التي تحتاج الى من يحلها. المشكلة، ببساطة، أن السنة يرون أنهم في مجلس الوزراء لو سعوا الى إجراء تعديلات على مشروع قانون أو مسودة قرار، فبمجرد اتفاق الأكراد والشيعة ضدهم سيفشل مسعاهم بحسب أغلب التصويت. وقد يحدث الأمر ذاته لو اتفق الشيعة والسنّة ضد تعديل سعى له الأكراد. الحجة هي الديمقراطية التي تفرض احترام أصوات الأغلبية. هذا صحيح أن لم يكن ثمنه اندلاع حرب أهلية. لذا لا بد من التضحية بالمهم (الامتثال لرأي الأغلبية) من أجل الأهم الذي هو دماء الناس وحياتهم، كما أسلفت.
فما هو الحل؟
1. على الحكومة أن تدخل في إنذار "ج" لإصدار نظام داخلي ينظم عمل مجلس الوزراء خلال أسبوع على الأكثر.
2. يُقسّم الوزراء الى أربع كتل وزارية حسب مكوناتهم (شيعة وسنة وأكراد وأقليات أخرى). فان كان هناك قرار أو مشروع قانون، تجتمع كل كتلة وزارية لتناقشه وتخرج بصوت واحد: نعم أو لا.
3. تُمنح كل كتلة حق "الفيتو". أي إذا صوتت كتلة واحدة بـ "لا"، فلا يمرر المشروع أو القرار. شيء شبيه بطريقة التصويت في مجلس الأمن.
وهنا لا بد من الإشارة الى انه على السنّة بوجه خاص أن يستوعبوا استغلال الهاشمي المتعسف لفيتو مجلس رئاسة الجمهورية يوم كان نائبا في الولاية الأولى. عليهم أن يحسبوا حساب المصلحة العامة فيستخدمونه كأداة للمساومة لإثبات وجودهم الفاعل وليس من أجل تعطيل أداء الحكومة. وإلا فسيضطر الأكراد والشيعة الى تعديل النظام الداخلي من جديد، ونعود لنفس الطاس والحمام. وتعديل النظام الداخلي سهل لأنه لا يحتاج الى استفتاء شعبي ولا هو قانون يحتاج الى توافق الكتل للتصويت عليه في البرلمان.
ما دفعني الى التفكير بهذا الحل انه لا يحتاج لتشريع نيابي أو لتعديل الدستور. ثم انه يرغم كل الكتل على التوافق والتنازل من أجل حماية أرواح الناس وإبعاد شبح الحرب الطائفية. إني أراه سلاحاً ذا حدين كلاهما نافع. الأول يسقط التهميش الذي تشكو منه بعض المكونات وفي مقدمتها المكون السنّي. والثاني انه يقطع الطريق أمام استبداد رئيس مجلس الوزراء. والأهم انه سيصبح فعلاً رئيسا لمجلس الوزراء، كما جاء بالدستور، وليس رئيسا للوزراء، كما يدعي هو، أو ويروّج لذلك أتباعه.
ما طرحته يظل، بالنهاية، مقترحا لم أقصد به غير وضع حرمة دماء العراقيين في المقام الأول. والعراق من وراء القصد.
جميع التعليقات 1
shatha
coloured man