TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مصباح العراقي

مصباح العراقي

نشر في: 6 مارس, 2013: 08:00 م

من المناسب الإيضاح أن المصباح هنا ليس "كلوب أبو المية"  المتوهج ليلا بالطاقة الكهربائية من أبو المولدة ، وليس ذلك المصباح في نهاية  النفق الوارد في تصريحات السياسيين  المتفائلين جدا جدا باحتواء وتجاوز الأزمة الراهنة ، انه صباح  الفرد العراقي الذي يستقبل يومه بوجه عبوس ، وعلامات  قلق واضحة  على محياه من احتمال التعرض لمفاجآت ليست على باله ، قد  تطول أمنه الشخصي وربما تهدد حياته  بانفجار عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة لا سمح الله .
من الطبيعي جدا  أن  تستغرق رحلة الأشخاص من سكنة أحياء متفرقة في العاصمة بغداد إلى أماكن عملهم زمنا ليس قليلا ربما يتجاوز الساعتين ، ومن يستقل الكيا "يقتل الوقت "  بالنوم  وأحيانا بالصفنات ، أو إشغال البال بإعداد جدولة  لموازنة الدخل الشهري ، وإيجاد أعذار لتأجيل الديون المستحقة بذمته ، أما التفكير بمشاريع مستقبلية فهي من الخطوط الحمر في العقل العراقي المنشغل بهمومه منذ عشرات السنين ،  والعراقي  عندما يشاهد إعلانات  شركات السفر السياحية إلى لبنان وتركيا المنتشرة في الشوارع العامة ، يطلق آهة تعبر عن  حزنه الثقيل وأسفه البالغ لعجزه عن تحقيق أمنية أسرته في السفر إلى الخارج ، لكونه  يخضع  لنوع خاص من الاحتلال   يتمثل بدفع  بدل  إيجار الدار ،يستنفد  أكثر من نصف الدخل الشهري.
 الفرد العراقي مقارنة  بالكويتي أو السعودي والقطري ، وعلى الرغم من  حمل الجميع جنسيات بلدان نفطية،  تميز عن الآخرين بأنه دفع ضرائب باهظة جراء  سياسة حكامه السابقين واللاحقين ، فهو حتى هذه اللحظة  لا تتوفر له خدمات صحية مجانية ،  ومدارس أبنائه من الطين ، يحلم في الحصول على سيارة ، ويتمنى صدور" قرار ثوري"  يمنحه شقة سكنية  أو قطعة ارض بمساحة  40  مترا مربعا يضع فيها كرفان الجينكو للتخلص من استعمار الإيجار، ووعود تحقيق أمنياته وأحلامه سمع من أبدى استعداده  لتنفيذها  من مسؤولين وقادة سياسيين ، أصبحوا اليوم بحسب تصوره سببا في خيبته ، وجعلوا  مصباحه" أكشر"  يرى فيه نجوم الظهر .
 مصباح العراقي "الأكشر" ليس وليد اليوم ، وإنما  يعود تاريخه  إلى عشرات السنين الماضية  عندما كان أغلب العراقيين يعيشون تحت خط الفقر ،  وكان أحدهم يحلم بشراء" نعال شطراوي" ودشداشة  بازة لام العيال والتخلص من الصريفة والانتقال  إلى بيت طيني،  يضمه مع زوجته وأبنائه  والبقرة الوحيدة  لكونها أهم ممتلكاته ،  ونموذج آخر عندما تحقق حلمه بتناول نفر كباب    في النجف أثناء مشاركة "الجنازة "في دفن احد وجهاء قريته ، ظل يحدث الأبناء والأحفاد عن حدث تناوله الكباب  لحين وافاه الأجل  وانتقل إلى جوار ربه ، لكن لقب بيت "البو  الكباب"  بضم الميم ظل   ملتصقا بسلالة تلك  العائلة حتى هذا اليوم ، ولا غرابة في الأمر مادام الحدث التاريخي المهم في حياة  كبير الأسرة يعكس مقطعا واقعيا  لمصباح العراقي "الأكشر" في الماضي والحاضر ، وبنجاح كبير بجهود  من  يحتل شاشات الفضائيات يوميا ويعلن أن  المستقبل الزاهر بانتظار العراقيين ، فتعلق امرأة من "سلالة البو كباب" على المسؤول بطل الشاشة  "عساه مصباح أكشر على روسكم " آمين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عقيل العتابي

    والله يا ابو احمد كلامك ذهب ومنطقي بس ضوجتني شكَد اتذكرت من اجدادنه ماتوا وما سحكَوا التبليط خطية وبعدين تدري هذا ابو الكباب لو لابكَله قوطية سفن وراه جان هسه هو بطل قومي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram