سؤال على فيسبوك من صديق نبيل يحفزني على كتابة هذا المقال. يقول لي: لمن ستدلي بصوتك؟ إن الانحياز لحزب ما لن يكون كافياً، ففي كل الأحزاب فشل كبير يعترفون به أنفسهم. ماذا صنع الإخوة الذين نقدّرهم في مجالس المحافظات؟ هذا كلام صديقي وأنا أتفق مع مجمله. لكنني أريد العثور على طريقة لمنح صوتي بشكل نصف مقنع. ولعل هذا المقال هو نواة اقتراح أقدمه لمبادرة "بنك الأصوات" التي يرعاها الملهم شلش العراقي ونخبة من أصدقائنا.
أنا سأنتخب لأول مرة في حياتي، لكنني لن أنتخب شخصاً بل سأخترع قضية وأعرضها للتبادل والمقايضة، وصوتي سأمنحه لمن يتبنى قضيتي. وسأظل ألاحق من انتخبت ٤ أعوام، وأحاكمه مرة كل شهر، وقد أنظّم لو فشل هو، أو هي تظاهرة أمام مجلس المحافظة وأجعلهم يقيلونه لأنه نقض العهد مع صوتي. اتركوني أحلم وأجرب هذا للمرة الأولى في حياتي، ولكم أن تشاركوني التجربة لو أعجبتكم، كل في مدينته. وربما أفشل هذه المرة، لكن قد ينجح أحدكم اليوم أو في المرة المقبلة.
في كل الانتخابات كنت أدير غرفة أخبار ساخنة، ولا أجد وقتا كي أنتخب. يأسي يثبّطني أيضا. هذه السنة أنا أقل يأسا وأشعر بأن لعبة شطرنج حلوة قد بدأت للتو بعد ١٠ سنوات من محاولة التعلم. لكن لا أدري، هل سأقترع في البصرة وهي أُم مكرّمة تتوجع بين أمهاتي العظيمات، أُم في بغداد وهي أُم كبرى تحتضنني بحب منذ سنين؟ وعموماً فإن الأحبة سيقترعون في البصرة ويمثلون وجهتي، وسأقوم أنا بالواجب البغدادي.
أريد أولاً أن أحسم خياري وأقرر منح صوتي لسيدة. يمكن أن نعثر على سيدة نشجعها لتكون الأكثر ذكاء وعاطفة ومبادرة وشجاعة، ونحن سنكون معها خطوة خطوة. إن وصول سيدة ذكية وشجاعة وعطوفة سيمد الرجال في مجلس المحافظة أيضا بالعزم وسيعزز تمدننا، لأن الحضارة امرأة، ولا يساوي بيت شيئاً من دونها، وهذا ما يجعلني أتمسك بالعائلة وشروطها القاسية والتزاماتها، كلما لاحت أمامي فرصة تحرر مجنونة تهبني تصعلكاً هائلاً حول العالم بلا شروط.
أريد إذن أن أجرب الكتابة عن حيرة الناخب لأنني لم أجرب سابقا الذهاب لصندوق الاقتراع. وسأضع حلا عمليا للحيرة وفي رأسي صفقتان،واحدة للبصرة وأخرى لبغداد.
لا أملك سوى صوت واحد، وسأعجز عن مناقشة كل القضايا مع مرشحتي التي سأختارها بين مرشحات فريق "١٩ أيار" ولا تقولوا لي إنكم لا تعرفونها فقد بحّ صوتي في الكتابة عنها طيلة شهور. وسأختار من القضايا أكبرها وأكثرها نفعاً.
في بغداد سأبرم "عهد البيعة" مع مرشحتي حول قضيتين، القمامة المبثوثة بين بيوتنا، والسيطرات التي تسجننا بإهانة كبيرة. سأطلب من مرشحتي عهدا بالقتال في هذين الملفين، فالقتال يبدأ بتشريع غرامات على من يلقي القمامة في الشارع، وعقوبات قاسية للبلدية التي لا تخصص أماكن لجمع القمامة بمعيار حديث. ونريد لمدننا تلك الشاحنة التي كنت أراها في طفولتي، تكنس الشارع وترشه بالماء بدل منظر العمال العاجزين. هذه معركتنا الأولى وستتضمن اقتباسا لموديل من بلدية محترمة مثل دبي.
والثانية ستتضمن نقاشات مطولة مع ضباط الاستخبارات وقيادة بغداد بشأن جدوى كل هذا العدد من السيطرات. نريد خفضها إلى النصف وإلغاء سيطرات قلب بغداد والعثور على طريقة ضبط حديثة. يمكن لمرشحتي أن تزور مدنا منكوبة في البلقان أو أميركا اللاتينية لترى كيف قاوموا المفخخين، وهل كانت لديهم كل هذه السيطرات التي تعتقلنا. وبالطبع هناك حل يؤدي لخفضها إلى النصف وسنقاتل من أجله. وسنحصل على مقترحات عدّة في هذا الإطار، وقد نتعلم شيئا من كركوك سأفصّله لاحقا.
في البصرة سأبحث عن سيدة تتعهد بمحطة تحلية لبحر البصرة. لا حلّ سوى تحلية ماء البحر للتخلص من فضيحة كبرى غرق فيها المالكي وفريقه. نريد من السلطان أن يعاملنا مثل عدن أو مقاديشو. نريد الـ ٧٠٠ مليون دولار التي عادت لخزانته، كي نشتري بها محطة كما تصنع دبي، فلسنا أقل شأناً.
أريد من مرشحتي هناك أن تناضل أيضاً لتخليص نهر محلة الباشا خلف سيف البصرة "بكسر السين" من رائحته الكريهة. إنه نهر التأريخ البصري، وكان الباشوات يتنقلون فيه راكبين الجندول "لا غاندولا" الإيطالي صاعدين إلى شناشيلهم عبر جسر خشبي أو حجري أمام المنزل. إنه "داون تاون" هائل للبصرة لن نتنازل عنه. المجاري البدائية خربت رائحة المكان، وسيكون هناك ألف حل للمأساة نستعيره من اليابان أو ألأباما، وسنقاتل أيضا. تحرير شارع الشناشيل التاريخي، سيكون بداية صحيحة للبصرة الكبرى.
سأمنح صوتي أنا وكل من سيقتنع بمقترحي، لسيدتين (وربما أكثر) من بغداد والبصرة، تتعهدان بخوض هذه المعركة. وسيكون في وسعكم تكوين مجموعات مدنية لملاحقة هذا، في الملفات التي اقترحت أو أمور أخرى تهمكم. وقد نحصل على أفكار حلوة من فريق بنك الأصوات أو "زائد صوتك" ونستعين بقدرتهم العالية على التنظيم.
لا أدري كيف ستصبح أهدافنا. شاب كتب على "التاكسي" المارة قربي أمس "حتى هدفي بالحياة، طلع تسلل". لكنني هذه السنة أقل يأساً، وسأبدأ مفاوضاتي وسأنتخب حتى لو "تسلل".
جميع التعليقات 2
المدقق
على اساس صوتك راح يغير الكون
مازن العبودي
انا متفائل ولا ارضى ان نتحدث عن الياس اخوتي وخصوصا انت ياسرمد فالياس عنوان للاستسلام ,,, والوضع البائس الذي نعيشه يرتب على اكتافنا مهام كبيره لا تليق الا بالكبار ,,