يُعـد الروائي الأمريكي فيليب روث من بين اشهر اربعة روائيين امريكيين حسب تصنيفات النقاد وهو المرشح الدائم لجائزة نوبل وقبل شهور اعلن روث انه سيتوقف عن الكتابة بعد إصدار آخر كُتبه (نميسيس) - واعترف من دون تردد : ( لقد انتهيت ).
يقول روث : (في سن الـ74 من عمري قبل اربع سنوات - قمت بعمل لم استطع تحقيقه سابقا - عندما قررت قراءة الروايات التي شُغفت بها في سن العشرين او الثلاثين ، فقرأت دوستويفسكي وتورجنيف وفلوبير و كونراد وهيمنغواي وعندما أنهيت الأمرعمدت الى إعادة قراءة كُتبي جميعها بادئاً من النهاية من (نميسيس) كنت اريد معرفة إن كنت قد بددت عمري في الكتابة وأن ما قمت به قد حقق نجاحاً فاكتشفت أنني فعلت أفضل ما أستطيع ).
على مدى سنوات ظل اسم فيليب مرشحاً دائما في قائمة جائزة نوبل للآداب وهو الذي نال ارفع الجوائز الادبية الامريكية وفي مقدمتها جائزة فولكنر والجائزة القومية لكتـّاب امريكا وجائزة النقاد والبوليتزر وغيرها، وهو الكاتب الحي الوحيد الذي اصدرت المكتبة الوطنية الامريكية مجلداً لأعماله الكاملة تكريما له في حياته. إعلان روث الانسحاب من عالم الكتابة نهائيا دفعني لأعيد قراءة روايتيه (الحيوان المحتضر 2001 ) و ( كل رجل 2006 ) وهي رواية تتحرى سؤال الموت عبر تفحص حياة كاملة : رجل ميت يشرع في البحث عن الغفران وتمر حياته امامه وهو عند المدفن يستعيد محطات حياته الصاخبة وفشل زيجاته واعتقاده الراسخ باستحالة الحب و الاخلاص بين البشر ، ويلاحق ألم الفقدان وسط زحام العالم معترفاً بفداحة ظلمه للآخرين ، ويقر بخطاياه التي يحاول محوها بتبرير ضعفه الانساني وقلة حيلته، وفاز روث عنها وللمرة الثالثة في حياته - بجائزة فولكنر للرواية ، أما رواية ( الحيوان المحتضر ) فيواصل روث فيها لعبته الروائية عندما يحطـِّم الحواجز بين شخصيات روايته وبين سيرته الذاتية بأسلوب ساخر متألق يتأرجح مابين السخرية السياسية والغوص في الذات الانسانية وقد حولتها المخرجة الإسبانية ايزابيل كوشيت الى فيلم بعنوان Elegy المرثية بأداء بن كينغسلي وبنيلوبي كروز حول استاذ سبعيني يتحدى ذبول حياته وينغمر في عشق حسي جارف لإحدى طالباته التي تصغره بثلاثين عاما وهو يواجه شبح النهاية ويكشف عن هشاشة الانسان في عالم تتفاقم عدوانيته في كل مكان ويطرح اسئلة الوجود حول الجنس والحياة والموت ويعلق روث : انا اكتب لأواجه الملل لا الموت .
يؤكد كثير من النقاد على وجود الرؤية الذكورية المفرطة لدى فيليب روث فالقوة الذكورية الجنسية لأبطاله تستهين بالمرأة ومشاعرها وتمثل الخط الاساسي في معظم اعماله مما جعله هدفاً لانتقادات أنصار النسوية الذين اتهموه بالحط من مكانة المرأة ، ومن جانب آخر نجد ان روث لم يهتم كثيرا بالنظريات الجمالية والتجريب لكنه أضفى على رواياته جرعة تغريب أكسبت سرده المزيد من التشويق والحيوية .
يقدم لنا روث الحياة الامريكية من زاوية تاريخية تمتزج فيها خبرات طفولته التي يعيد تشكيلها بالتخييل ليطرح سؤاله الأساسي كيف بوسعنا تغيير الحيا.ة الى ضرب من الفن وما معنى ان يكتب المرء فيقول : أصعب شيء في الحياة ان نكسر الصمت بالكلمات، وان نكسر الكلمات بالصمت ويضيف باكتشاف متأخر : أنصح كل كاتب شاب بترك الكتابة فورا واتخاذ مهنة اخرى لان الكتابة جعلت حياتي حرماناً وجحيماً مستديماً ، فالعمل اليومي عمل منهك الى حــدٍ مخيف .
فيليب روث : الكتابة جعلت حياتي حرماناً مستديماً
[post-views]
نشر في: 9 مارس, 2013: 08:00 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...