TOP

جريدة المدى > عام > تحرّر المرأة، تحرّر المجتمع

تحرّر المرأة، تحرّر المجتمع

نشر في: 9 مارس, 2013: 08:00 م

فيما تتواصل الحراكات و الفورات الاجتماعية في المنطقة التي حطّمت أفكار خلود دكتاتوريات على كراسيها و توريثها إلى ورثتها، و حققت نجاحات في تصعيد روح المواجهة و نجاحات في مجالات وعجزت عن أخرى .. بسبب شراسة القمع المستقوي بالتخلف و ممثليه وبمن كانوا يوما

فيما تتواصل الحراكات و الفورات الاجتماعية في المنطقة التي حطّمت أفكار خلود دكتاتوريات على كراسيها و توريثها إلى ورثتها، و حققت نجاحات في تصعيد روح المواجهة و نجاحات في مجالات وعجزت عن أخرى .. بسبب شراسة القمع المستقوي بالتخلف و ممثليه وبمن كانوا يوماً مع التطلعات الشعبية من أجل التغيير، القمع الذي لا يؤدي إلاّ إلى حالات متنوعة من الفوضى التي لا تفيد إلاّ القوى الظلامية . .
برز دور المرأة في تلك النشاطات الجماهيرية الشجاعة ـ التي اشتهرت و اصطلح عليها بالربيع العربي ـ ، بسبب تزايد مسؤولياتها وأعبائها و تزايد الدور الحضاري والاجتماعي للمرأة، سواء في العائلة أو في المجتمع، بعد أن أخذت تتبوّأ مواقع أساسية و قيادية في عمليات الإنتاج والخدمات والنشاطات الاجتماعية، في مجتمعات ودول المنطقة ،حيث برزت في العلوم والآداب والثقافة، و وصلت إلى فضاءات أكثر تطوراً مما مضى، و صارت جزءاً نشيطاً من نشاطات المجتمع سواء الاجتماعية أو السياسية . . حيث قدّمت المرأة و تقدّم بجهودها هي جنباً إلى جنب مع الرجل، ما يخدم مجتمعاتها الوطنية على طريق التقدم و التحرر الاجتماعي . . و أثبتت أن إحقاق حقوق المرأة ليس صدقة أو رحمة من جهة ما، و إنما هي قضية أساسية ـ و ليست مكمّلة أو ديكوراً ـ لتحرر و تمدّن المجتمع بأسره، وأنها لا تعود إلى إيديولوجيا أو أحزاب  بعينها فقط . . و إنما هي نتاج قرون طويلة من صراعات إنسانية من اجل تحقيق عدالة اجتماعية و من اجل عائلة و طفولة سعيدة تضمن رقي المجتمعات وخيرها و سلمها و رفاهها . . إن ضمنت دور و أسس تحرر المرأة و موقعها.  
و فيما يشير سياسيون و اجتماعيون إلى أن بروز النساء في مجتمعات الدول الإسلامية، عبر أنواع الصراعات و أخطرها و رغم أنواع التقاليد التي قيّدت حريّتها، و تحقيقها كتفاً لكتف مع الرجل . . نجاحات لها و لشعوبها و لحركاتها التحررية التقدمية . . يعني بروز طاقة تحررية كبيرة تدفع نحو الحداثة و التطور و التمدّن و إلى التفاعل مع تطورات عالم اليوم في جعل بلداننا أكثر تحرراً و من اجل التقدم الاجتماعي لشعوب منطقتنا  . . و يضيف آخرون أن تعاظم نضال المرأة من اجل حقوقها وحصولها على مواقع فاعلة في المجتمع، مكسباً و تعزيزاً كبيراً للطاقات الثورية الخلاقة في المجتمع ودفعاً لعجلة تجديد حقيقي لعمومه . .الأمر الذي صار يرعب أحزاب الإسلام السياسي التي وصلت إلى الحكم في المنطقة بدفع من الاحتكارات الدولية لتقييد الحراكات والانتفاضات الشعبية الشبابية والنسائية من اجل الخبز و الحرية . . . بشرط أن تطرح (إسلام ليبرالي جديد) يتناسب مع فكرة الدولة المدنية (؟) . . رغم تواصل سلوك و طغيان شعارات " الدولة الإسلامية الشمولية " و " حكم ولاية الفقيه " الملتقيين . . الذي يرى كثيرون بأنه إن استطاع تحقيق شيء من الحد للطغيان السابق، فإنه بسلوكه العملي صار يدخل المنطقة في  متاهات حكم و طغيان جديدين باسم " المقدس " .  
وفيما قامت حكومات الإسلام السياسي بقضم و تغييب قوانين حماية حقوق المرأة، كما جرى في تغييب قانون الأحوال المدنية التقدمي العراقي الذي ضمن حقوق المرأة الاجتماعية و السياسية والقانونية و الاقتصادية . . انحازت تلك الحكومات انحيازاً أعمى إلى (ذكورية المجتمع) وأعادت مجتمعاتنا إلى العهود الحجرية و أزمنة الصيد . .
فإضافة إلى التدهور الأخلاقي الذي حصل و يحصل على يد ميليشيات الإسلام السياسي المسلحة السنيّة و الشيعية و عصاباتها، التي مارست و تمارس الاغتصاب الجنسي للمعارضين و خاصة النساء ـ وفق تقارير منظمات العفو الدولية ـ . . فان صيغ و عقود (زواج المتعة) و (المسيار) و (الخلع) والتبشير بها علناً بكثافة متواصلة رصدت لها أموال فلكية، و بصيغ مثيرة لغرائز شباب الجنسين على وجه الخصوص . . لا تعني إلاّ التبشير و الدعوة إلى  (الجنس الحلال) من إرضاع الكبير إلى زواجات القاصرات . . و غيرها، و كأن قضية المرأة و حقوقها الإنسانية و القانونية كمواطن و بشر تتلخص بتلك القضايا الخطيرة !!
القضايا الخطيرة . . التي لم تؤدّ إلاّ إلى تزايد ( التحرش الجنسي) من جهة، و من جهة أخرى وهي الأخطر . . تزايد وجود و أعداد الأطفال اللاشرعيين الذي بلغ حدوداً لا يمكن أن تليق بمن يحكم باسم الاعتقاد الديني أو المذهبي، و إنما تسيء إليهما . . حيث تشير وكالات و وسائل إعلام متنوعة إلى المعاناة المؤلمة لعشرات و مئات الآلاف من النساء الأرامل وأطفالهن بسبب البطالة و الفقر و غياب المعيل، و معاناة آلاف الأمهات الشابات من اللواتي اغتصبن أو جرى تزويجهن بالتهديد و بقوة السلاح من رجال لم يعرفن حتى جنسية قسم كبير منهم، ناهيك عن أسمائهم الحقيقية . .
و ناهيك عن تفسير صيغ و عقود الزواج آنفة الذكر المتنكرة للمرأة . . في بلدان يستمر فيها تشكيل النساء غالبية السكان، بسبب الحروب والإرهاب و صدامات الميليشيات الطائفية وغيرها من الميليشيات المسلحة التي كان ضحاياها من الرجال بشكل عام . . و بسبب الفقر و البطالة التي تسبب عزوف أعداد متزايدة عن الزواج، و تسبب تزايد العنوسة في مجتمعاتنا . . لتكون النتائج الآنفة أسباباً لمضاعفات اجتماعية اخطر من شكل آخر . .    
إن ما يجري هو سبب الأزمات الأخلاقية المتصاعدة . . و ليس نضالات المرأة من أجل حقوقها و من أجل الخبز و الحرية، التي تواجهها حكومات الإسلام السياسي بعصابات التحرش الجنسي والاغتصاب في الشارع نهاراً جهاراً (باسم الإسلام) زوراً و نفاقاً . . و التي تنهى عنها الشرائع السياسية و القانونية و الدستورية، بل و الدينية و المذهبية الحقيقية ذاتها . .
إن تطور نضالات المرأة و تصاعدها بتضامن كل قوى الخير و التقدم هو الذي يشد أزرها ويجعلها تواجه و تتحدى كل الأساليب الرخيصة لمحاولة كبحها و تحطيمها . . كما تتواصل نضالاتها وتتصاعد و تصبح المثال الهادي في ساحات دول المنطقة من مصر و العراق و تونس   إلى إيران . . ويبقى الموقف من حقوق المرأة، موقفاً سياسياً قانونياً، وإنسانياً حضارياً !!
الانتصار للمرأة صانعة المجد  بعيدها في الثامن من آذار !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram