TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من حذاء خروشوف إلى "قندرة" عالية نصيف

من حذاء خروشوف إلى "قندرة" عالية نصيف

نشر في: 9 مارس, 2013: 08:00 م

"استخدمت السلاح الأبيض في معركتي مع سلمان الجميلي، لكن الحذاء الذي استخدمته كان أسود.. وقد دفعوا لي خمسة ملايين دولار، وارفض أن أبيعه لأنه كان السبب وراء إقرار الموازنة"، السطور السابقة هي فقرات من لقاء أجرته قناة الاتجاه مع النائبة عالية نصيف ضمن برنامج حق الرد.

مبدئيا، أؤمن بحق كل نائب في أن يعبر عن راية ضد أي شيء لا يعجبه، لكن ما يؤلم النفس أن البعض يصل به التضليل والخداع إلى اعتبار "قندرة" عالية نصيف سببا مباشرا في إقرار الموازنة، كما جاء في كلام النائبة وأيضا في حماسة احد ميسوري الحال في محافظة ميسان، الذي عرض مبلغ 10 ملايين دينار لشراء "حذاء" عالية نصيف الذي قذفت به رئيس الكتلة العراقية في البرلمان، حيث صرح المواطن علي احمد لموقع المسلة إن "ضرب النائب سلمان الجميلي بالحذاء قاد إلى إقرار الموازنة"، ودعونا نتساءل إلى أين سيقودنا هذا التضليل؟.. وكم حذاء سنحتاج كي يقر البرلمان مشاريع مهمة معطلة مثل قانون الأحزاب، والمحكمة الاتحادية، ولماذا هذا الغرق في مستنقع الجهل والتخلف؟!.

لعل حكاية "القندرة والسياسة" قصة طويلة ابتدأت منذ أن لوح الرئيس السوفيتي الراحل خروشوف بحذائه الشهير، في قاعة الأمم المتحدة، ثم أصبح الحذاء فنا وسياسة فكادت أميركا ان تخسر الحرب الباردة بسببه، وضربت اميلدا ماركوس رقما قياسيا في اقتناء "القنادر" فتسببت في تعجيل الثورة على زوجها، فيما لا يزال العرب يضحكون على "قبقاب" غوار الطوشي، في الوقت الذي تحترق فيه دمشق والآلاف من ابناءها يدفنون أحياء.

منذ ذلك التاريخ تحول الحذاء عند البعض الى وسيلة انقاذ من واقع متردٍ، حيث أصبح التلويح بالحذاء وقذفه في الهواء عنوانا لمرحلة جديدة تمر بها الشعوب.

وانا استمع لتصريحات النائبة عالية نصيف تصورت أن الامر مجرد نكتة لم تحسن النائبة اختيارها، غير أن الدهشة عقدت لساني حين شاهدت النائبة فرحانة وسعيدة للغاية من الطريقة التي جرت داخل البرلمان، هكذا إذن بهذه الكوميديا الساخرة يحول البعض الازمة السياسية، إلى سيرك فكاهي، الغلبة فيه للذي يستطيع أن يلقي اكثر عدد ممكن من النكات، طبعا مع الاحتفاظ بالسر المدهش الذي كشفته النائبة نصيف والذي يقول إنها رفضت مبلغ الخمسة ملايين دولار لأن قندرتها أغلى حتى من "حذاء فان كوخ" الذي دفع فيلسوفا بحجم هيدجر ان يكتب مقالا عنه، عسى ان نجد احد فلاسفة العملية السياسية يتحفنا بكتاب يضع على غلافه صورة "قندرة" النائبة نصيف، مع التمني ان يكون هذا الكتاب قدوة للأجيال القادمة، ويؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخنا غاب فيها الوعي، والضمير والاهم غابت فيها قواعد السياسة، وربما يكشف لنا هذا الكتاب المؤمل صدوره الحالة النفسية التي يعيشها نوابنا الأفاضل، وهم يخضون سلسلة المواجهات والانتصارات والانجازات التي حققوها داخل قبة البرلمان.

مع قندرة عالية نصيف سنكتشف اننا نعيش اليوم مشهدا طويلا من التراجع والتخلف الحضاري.. نعيش في ظل ساسة ومسؤولين لا يملكون مقاييس بسيطة للكفاءة، لم نشهد معهم سوى تراجع في التعليم والصحة والخدمات والامن، وزمن من الخواء الفظيع الذي اصبح فيه حذاء النائبة عالية نصيف علامة نصر يرفعها البعض في وجه خصومه.

وما دام حذاء النائبة المثابرة عالية نصيف عجل بإقرار الموازنة، فإن "قنادر" أخرى يمكن ان تدخل تاريخ السياسة العراقية المعاصرة، طالما بقيت لغة "القنادر" ملاذا آمنا للجماهير التي ترفض مواجهة الكارثة التي تسببت فيها عالية نصيف وزملاؤها الـ324 داخل نسيج المجتمع العراقي.

وفي الختام اقتبس من كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب بيت شعر لعاشق يوصي به بعد مماته أن يدفن حذاء حبيبته الى جانبه:

إذا مت فادفني حذاء حليلتي.. يخالط عظمي في التراب عظامها‏

مادام البعض يصر على ان يدفننا احياء مع احذيتنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 12

  1. المدقق

    سلمت يداك ايتها النائب عالية نصيف حيث يبدو بان البعض من السياسيين يحتاجون مثل هذه الافعال لكي يتوقفوا عن افعالهم الخاطئة ... لكننا نبحث الان عن شخص اخر يتصرف مثل تصرف النائب عالية نصيف ليرجم بعض الكتاب المتفيقهين بمثل هذا الحذاء هههههههههههههههههههههههههه

  2. عراقي أنا

    أحسنت أيها الاستاذ المبدع بوصفك لهؤلاء الجهلة هذا هو مستوى ثقافتهم الحقيقي هل تعلم أن عالية نصيف جاسم تدعى ( أم حسين) كانت معاونة مدير دائرة تسجيل العقاري الكرخ /2 ولاتقبل بتسيير المعاملة الا بوجود الأخضر وكانت ترهب الناس بأساليبها الرعونية وتستفزهم الان

  3. علي حمودي

    لقد دخل ابو القاسم الطنبوري التاريخ بواسطة الحذاء وقد يدخل السيد الجميلي التاريخ بالوسيلة نفسها وكماقال ابو الطيب المتنبي( على قدر اهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم)وكل حي يأخذ نصيبه! ومع جل تقديري لكم اعتقد ان الشاعر الاندلسي الذي اقت

  4. shatha

    You forget montadhar al-zaidy?

  5. فارس الجامع

    المقصود بعبارة حذاء حليلتي هو جوار حليلتي

  6. Hasood Abo minjil

    عزيزي استاذ علي انا اؤيدتفسير الاخ فارس الجامعاي ان كلمة حذاء هنايقصد بها الجوار القريب وهي تستعمل الان بهذا المعنى لدى بعض سكان القرى في بعض ريف العراق.تحياتي

  7. عماد

    السيد كاتب المقال، كونك أنهيت المقال ببيت من الشعر،فإن كلمة (حذاء) الواردة فيه، هي بمعنى (بجانب)، و(حليلتي) بمعنى (زوجتي)،وحتى أن اهل الجنوب يقولون في بعض كلامهم (إگعِدْ حذاي) أي (إجلس بجانبي، إذن ليس لبيت الشعر إي علاقة بمضمون المقال ولا بحذاء الست عالية

  8. R.alabadi

    لا افهم كيف فسر الكاتب بيت الشاعر بان حذاء حبيبتي لها دخل بالحذاء. هل يعقل انه لم يفهم ان المعنى هر بجانب حبيبتي. شيء غريب فعلا.

  9. عماد عبد اللطيف سالم

    ليس الأيمان بقوة العقل , من خصال العراقيين الرئيسة . وحين يتراجع العقل .. تتقدم الأحذية الظافرة في كل المجالات .. لتعلن انتصارها على العقل .. في جميع المجالات أيضا . وكما في ثنائية القلم والبندقية فأن فيالق الأوغاد لن تنتصر على اعدائها المفترضين

  10. كاطع جواد

    هل من المعقول ان تقر الميزانية بعد هذا العناء والمطاولة بهذه البساطة وهو رمي النائبة عالية نصيف للنائب سلمان الجميلي بالحذاء هنيئا للعراقين بهذا الإنجاز التاريخي الذي تحقق على يد البطلة عالية نصيف ومزيد من تلك الأحذية للسير بالعراق الى الامام بدا من حذاء

  11. علي الموسوي

    منذُ الأيام الأولى لدورة البرلمان هذا و شعبنا الكريم قد إنتابه أحساسٌ بخيبة الأمل وشعورٌ بأن من مثل هكذا نواب لا يمكن أ ن يسعوا بإخلاصٍ لتحقيق اماله في حياة كريمة رغم كثرة الخيرات والمقدرات التي يمتلكها بلد مثل العراق, حيث كان بالأمكان أن تتحقق امالاً

  12. انسان

    شعب يتفاهم بالقنادر والدم تتقدم الدنيا ولايتقدم

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram