اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > مات الأشقاء الثلاثة في غمضة عين!

مات الأشقاء الثلاثة في غمضة عين!

نشر في: 10 مارس, 2013: 08:00 م

عندما تدير لنا الدنيا ظهرها وتتدافع فوق رؤوسنا المصائب والكوارث ، لا يبقى إلا أن ندعو بأعلى صوتنا ... بأن يخفف الله عنا البلاء والوباء ويرفع عنا مظالم الدنيا وحوادثها ... تلك الكلمات قرأناها في عيون الأب وزوجته ... تساقطت مع دموعهما التي انسابت بغزار

عندما تدير لنا الدنيا ظهرها وتتدافع فوق رؤوسنا المصائب والكوارث ، لا يبقى إلا أن ندعو بأعلى صوتنا ... بأن يخفف الله عنا البلاء والوباء ويرفع عنا مظالم الدنيا وحوادثها ... تلك الكلمات قرأناها في عيون الأب وزوجته ... تساقطت مع دموعهما التي انسابت بغزارة والتي لا يملكان غيرها ليدعوا بها أبناءهما الثلاثة الذين اختطفهم الموت من بين حضنيهما في غمضة عين في ذلك الحادث البشع ... كان الأب المنكوب والأم الثكلى يجلسان وسط بيتهما الفقير الكائن في حي سبع قصور بالقرب من خان بني سعد ... بيت من طابوق وطين وبقايا بلوك أكل عليها الدهر وشرب ... قلما تجد بيتا مثله في أي حي من أحياء العشوائيات في بغداد ... الآن تكاد تميزه من الكآبة والحزن المنبعثين منه وكأنه يبكي هو الآخر على أحبائه الذين فارقوه ! كان الحادث البشع ضربة قاصمة كسرت ظهر هذا الأب البسيط عامل النفايات الذي لم يكن يبغي من هذه الدنيا سوى الستر وراحة البال ... لكن حتى هذه الأمنيات ذهبت وأصبحت بعيدة المنال ولم يتبق له سوى الحزن والألم وفقراً فوق فقره ، فزادة الحادث عجزا وأضاف إلى عمره سنوات، فبدأ وكأنه كهل من فرط ما يحمل على كاهله. ... أما الأم الثكلى فالدموع لا تفارق عينيها تصرخ في ألم ورعب تشيع أبناءها الثلاثة إلى مثواهم الأخير وكأنها تحدثهم بصوت مملوء بالوهن تنادي على ابنها (ح) ابن التسع سنوات وابنتيها (س و ص ) اللتين كانتا سيتم زفافهما في ثاني أيام العيد، لكن الموت كان أسبق وتم زفافهما إلى السماء ... تتخيل الأم الحادث كما روته لها ابنتها الكبرى (س) قبل لحظات من مفارقة الحياة، ففي ذلك اليوم كانت الأم كعادتها هي وزوجها في عملهما اليومي لإعداد طعام الفطور وبينما هم جالسون ليتناولوا طعامهم وضعوا قوري الشاي فوق موقد الغاز الذي كان موضوعا بالقرب منهما داخل نفس الغرفة التي ينامون ويأكلون فيها ... فهذه الغرفة هي كل بيتهم ، أثناء تناولهم الفطور لا يعلمون ماذا حدث سقط الموقد فجأة على الأرض وأحدث انفجارا قويا هائلا أشبه بانفجار قنبلة أو لغم ... وبسرعة البرق اندلعت النيران ... في كل مكان ... فشبت النيران وأحرقت كل شيء وأمسكت بهم الثلاثة في وقت واحد ... حاولوا أن يخرجوا بسرعة إلى خارج الغرفة لكن النار كانت قد حاصرتهم من كل جانب وانطلق الدخان في عيونهم ليغشي بصرهم ويمنع رؤيتهم لباب الخروج أو حتى مصدر النيران ليطفئوها ... وبعد ثوان معدودة من محاولاتهم للنجاة سقطوا وسط النيران بلا حول ولا قوة وكأنهم استسلموا مرغمين للموت ! وجاءت سيارات الإطفاء وتدافع الأهالي يعاونون رجال الإطفاء قبل أن يمتد للبيوت المجاورة ... وحملوا الأشقاء الثلاثة وهم يصارعون الموت إلى مستشفى قريب لإسعافهم ولم يكن في المستشفى أية تجهيزات لاستقبالهم فسارعوا بهم إلى مستشفى في مدينة الصدر ليبقوا هناك مدة أسبوع كامل،بعدها لفظ الأشقاء الثلاثة أنفاسهم الأخيرة في وقت واحد وكأن موعدهم في القدر أن يحترقوا معا ويموتوا معا في آن واحد ! الأيام السبعة التي قضاها الأشقاء الثلاثة في مستشفى الجوادر .. كان كل يوم يمر فيها يتجدد الأمل للأب والأم أن أبناءهما سيعودون سالمين ... وطيلة السبعة أيام لم تكف أيديهما التضرع لله لكي ينقذ بعنايته أبناءهم ، لكن مشيئة الله هي التي اختارتهم خيرا لهم بدلا من أن يعيشوا الباقي من أعمارهم مشوهين من آثار انفجار قنينة الغاز ... ولم تفلح دعواهما ولا جهود الأطباء في صد قضاء الله وإرادته فكانت هي الأقوى ونفذ أمر الله وإرادته ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram