يمكن القول إن منتخبنا الوطني دخل مرحلة الاستقرار منذ أمس الاول السبت بعد تسمية المدرب الصربي فلاديمير بتروفيتش مديراً فنياً لقيادته في تصفيات كأس العالم وأمم آسيا اللتين يحتدم الصراع فيهما ويخبئان الكثير من المفاجآت ما لم يتكامل إعداد المنتخب بالصورة التي يأملها ملاكه التدريبي الجديد واللاعبين انفسهم لئلا تتكرر مساوىء التحضير المرتبك عشية بدء تصفيات المونديال التي دفعنا ثمنها بخسارتنا سبع نقاط ثمينة في المرحلة الاولى.
مبدئياً كانت تعهدات المدرب (بترو) في ما يخص بقاءه في العاصمة بغداد ورغبته في التحرك نحو أكثر من محافظة لرصد حركة اللاعبين الموهوبين ممن يصلحون لارتداء الفانيلة الوطنية ترتقي مع طموحاتنا بوجود هكذا نوعية من المدربين الاجانب المخلصين في مهماتهم حتى لو لم تتوفر سيرهم الفنية على انجازات لامعة ، فالأمر الذي يهمنا قرب المدرب من واقع الكرة العراقية التي لم يزل منجمها زاخراً بالجواهر البشرية النادرة قيمة وعطاءً وقدرة على المطاولة في المستطيل الأخضر بروحية عالية متى ما أُحيطت بالعناية ومُنحت الثقة الكاملة.
واذا ما أسلمنا بحداثة عمل (بترو) مع الكرة العراقية ، وحاجته الى المزيد من الوقت للتعرف على طبيعة اللاعب العراقي عن قرب وبناء علاقة وثيقة تعزز من فرص نجاحه في الاستحقاقات المقبلة ، كنت أتمنى على الرجل ان يغامر بقبول التحدي في خوض مباراة تجريبية قبيل بدء مهمته الأولى امام الصين في 22 آذار الحالي لكي يتأقلم نفسياً وفنياً مع لاعبي المنتخب ويعيش أجواء التفاهم المشترك اثناء دقائق اللقاء الودي لاسيما ان اتحاد الكرة لم يقصر في تهيئة معسكر تدريبي في الصين يسبق المباراة أمام صاحب الارض لكن (بترو) رفض الفكرة وابدى رغبته في استثمار الايام هذه في تجميع اللاعبين والعمل معهم في وحدات صباحية ومسائية وصولاً الى الجاهزية الكاملة لمواجهة الصين مباشرة ، ونخشى ان يتكرر سيناريو زيكو نفسه عندما قاد الأسود للمرة الأولى (من دون تجريب مسبق) أمام الأردن في أربيل يوم 2 أيلول 2011 وخسر اللقاء بهدفين نظيفين.
وبدا (بترو) خجولاً في حديثه الحذر مع الحشد الإعلامي وهو يطالب بالصبر على نتائجه الاولى لانه ليس مسؤولاً عن اختيار قائمة المنتخب ، وفي الوقت الذي يُسجل ذلك تواضعاً للمدرب في سلوكه وحرصه على (صداقة) الإعلاميين بطريقة ودودة اسعدتهم بالتأكيد وأنستهم صورة سلفه زيكو الذي ناصبهم العداء وكان يعطيهم الوجه (العبوس والحانق) طوال فترة عمله، فاننا نطالب (بترو) عدم التواضع فنياً واظهار قدراته الكاملة لفك شفرة التنين الصيني بعد ان تحسن مستواه في الآونة الاخيرة ولم يعد لقمة سائغة للأسود الصغار والكبار كما حصل في تصفيات كأس العالم الحالية 2011 ونهائيات أمم آسيا للشباب 2012 ، تلك الحقيقة المرّة التي لم يزل كماتشو يغصّ بها ويسعى للثأر منها.
نتفق تماماً مع قول (بترو) أن لا حساب ولا انتقاد لعمله حتى تنجلي موقعة ( تشانشغا) بكل تفاصيلها ، عندئذ ستكون رؤيته واسعة وثاقبة بشأن جدوى بعض الاسماء التي عَمد اتحاد الكرة الى مجاملتها بضمها الى التوليفة برغم محدودية عطائها، لتفادي الانتقادات الإعلامية والشعبية التي طالته عقب استبعادها في زمن المدرب السابق ، مثلما نرى ضرورة تسمية مستشار فني للمدرب على غرار تجربة حارس محمد في خليجي 21 الذي يستحق الاستمرار في واجبه بصيغة مستشار رسمي وليس طارئاً ليتسنى له رسم معالم القوة والضعف لدى غرماء الأسود في التصفيات بعدما خبرته السنون الماضية في اعداد تقارير وافية عن منتخبات القارة الصفراء بعلمية استثنائية تدفعنا لمطالبة اتحاد الكرة بتواجده بين أهله وفاءً منه لوطنه وتلبية للحاجة الملحة في دعم مهمة (بترو) التي لا تتكامل إلا بتعاضد الكفوئين لانجاحها ليهبّوا : كلنا معك .. لأجل العراق.