بعد أن تجمدت نشاطات ما سُمي (الاتحاد العام للفنانين العرب) و(اتحاد المسرحيين العرب) في القاهرة وفي بغداد بعد تأسيسها عام 1987 لأسباب عدة أبرزها: خنوت الاندفاع القومي لدى بعض الدول العربية التي كانت تنادي بالوحدة وتعمل من اجلها بشتى الطرق.
وغياب الدعم المالي الذي كانت تقدمه الحكومات لمثل تلك التنظيمات الهشة، الآثار التي تركها غزو الكويت من قبل جيوش النظام السابق، بادرت جهات مسرحية في دولة الامارات العربية وبالأخص الشارقة وبدعم مالي من اميرها وحاكمها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي وهو من محبي الفن المسرحي ، بل ومن منشطيه وكتـّابه، بتأسيس (الهيئة العربية للمسرح) ومقرها الشارقة وأمينها العام فنان مسرحي معروف وتشكلت لها في البداية هيئة استشارية من ابرز المسرحيين ولكن من أقربهم الى مسرحيي الامارات ومنذ تلك البداية وضعت لها نظاماً تسير على هداه واهدافاً تنشد تحقيقها ومنها: توسيع أُطر التعاون مع الهيئات الاقليمية والدولية في المجالات المسرحية ولكنها منذ تلك البداية ظلت الهيئة تتخبط في عملها اذ لم تبدأ بتشكيل مراكز قطرية للهيئة وأنما (اختارت ممثلين عن الاقطار العربية من غير تحويل من تلك المراكز وشكلت منهم المجلس التنفيذي) وعندما اعترف عدد من المسرحيين من هذا البلد أو ذاك استدعت الهيئة ممثلين منتخبين من الهيئات والتنظيمات المماثلة ولم تمر اكثر من دورة واحدة على المجلس التنفيذي المنتخب ولجانه المختلفة حتى أنهى اعضاؤه مهامهم وأُسندت لأشخاص اختارهم الامين العام بنفسه بادعاء اوامر الرئيس الفخري للهيئة.
كان من منجزات الهيئة اصدار دورية بعنوان (المسرح العربي) ولكن هذه الدورية لم تصل الى أيدي المسرحيين العرب الا لمن يحضر المهرجان السنوي الذي تقيمه الهيئة في هذا القطر أو ذاك، وكذلك الحال بالنسبة للكتب والمنشورات الاخرى التي اصدرتها الهيئة، وقد تخبطت الهيئة في اقامة المهرجان فمرة اعتذرت الجهة الداعية في هذا البلد ومرة اخرى تعذر اقامته في البلد الآخر حتى ان آخر مهرجان اقيم في الدوحة- قطر لم يعرف به الا القلة من المسرحيين العرب.
لقد استبشرنا خيراً بتأسيس مثل هذه الهيئة خصوصاً وان الشخصية الراعية لها حاكم خير يحب المسرح ويعرف أثره في بناء مجتمع سليم ومتقدم، ومازلنا نأمل ان لا تتحكم في ادارة الهيئة رغبات ذاتية وتوجهات عدد من المستشارين او الموظفين وان تلتزم امانة الهيئة بالنظام العام لها وان تعود الى مبدأ ترسيخ الهيئات القطرية المشابهة لمن يمثلها في المجلس التنفيذي أو غيرها من اللجان الفرعية.
التنظيم الآخر من التنظيمات المسرحية العربية الذي تأسست قبل ثلاث سنوات الذي لم نشعر بأنه يؤدي مهامته كما اعلن عنها ألا وهو (المركز الاقليمي للهيئة العالمية للمسرح) الذي تأسس في امارة الفجيرة- الامارات العربية المتحدة على هامش مهرجان المونودراما، وكان المفروض بادارة ذلك المركز ان تحقق اتصالاتها بالمراكز القطرية كالمركز العراقي للمسرح ولكن شيئاً من هذا لم يحدث وكأن المركز الاقليمي لم يعد له وجود وكان المفروض به أن ينشط عمل المراكز التطويرية ويوثق صلاته بها وان يوصل صوتها الى الهيئة العالمية في باريس ولكن للأسف.
ويبدو ان مؤسسي المركز الاقليمي مع احترامي لهم اكتفوا فقط باعلان تأسيسه ولم يفكر يكتبه تفعيلة ولا يعرفوا ماهي مهماته واهدافه، وهنا لابد ان نتساءل: ما علاقة (الهيئة العربية للمسرح) بـ(المركز الاقليمي للهيئة العالمية للمسرحITI)؟ وكلاهما اتخذا مقراً لهما في بلد واحد بلد لديه الامكانيات المادية للتنشيط الفعلي لحركة المسرح في البلاد العربية ودعم المبادرات والتجارب المسرحية مادياً ومعنوياً واصحاب المؤسستين المذكورتين كرماء ولا شك.
اننا اذ نذكر بهاتين الهيئتين وبواجباتها تجاه الحركة المسرحية العربية فانما نؤمن بأهميتها ودورهما ليس في التنشيط وحسب ، بل وفي التثقيف وفي توسيع رقعة الجمهور المسرحي ايضاً خصوصاً ونحن نتوجه هذه الايام الى الاحتفال بيوم المسرح العالمي الذي يشارك فيه مسرحية العالم أجمع ولابد لي من أسأل المسرحيين العراقيين: هل تعرفون مَن ممثلكم في (الهيئة العربية للمسرح)؟ هل سمعتم بالمركز الاقليمي ومن مؤسسه ومن يديره؟
تساؤلات عن منظمات فنية عربية؟!
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2013: 08:00 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...