فاخر علي كاطع أمضى خمس سنوات في إنجاز معاملة الحصول على راتب تقاعدي ، واصطدم بعقبة جلب كتاب تأييد من حزب متنفذ في الحكومة الحالية ، ليضمن دخله الشهري بمبلغ لا يتجاوز 200 ألف دينار ، الرجل غادر العراق في عيد الحب مهاجرا إلى الولايات المتحدة واستقر في ولاية مينيسوتا ، وبعد أيام قليلة من وصوله مع شريكة حياته أم رافد منح الراتب التقاعدي الأميركي وليس العراقي .
أبو رافد سبق أن انضم إلى الحزب الشيوعي ، وشارك في حركة حسن سريع بعد 8 شباط من العام 1963، حكم عليه بالسجن يوم كان نائب عريف براد آلي ، وبعد نيل حريته وتحرره من السجن ، واصل دراسته في معهد الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية بالدراسة المسائية ، وشارك مع زملائه فارس الماشطة وهادي الخزاعي وغيرهما في تقديم أعمال مسرحية ، حرصوا على أن تجسد أفكارهم وتطلعاتهم في إقامة نظام اشتراكي ، لكن هذا الحلم سرعان ما تبدد ، ولأسباب معروفة ، من أبرزها استحواذ الحزب الحاكم على السلطة في العراق.
أبو رافد اليوم يقيم في ولاية تضم 300 بحيرة ، وتشهد انخفاضا لدراجات الحرارة على مدى عام كامل يصل إلى تحت الصفر ، يبدأ نزهته اليومية الصباحية مرتديا معطفه السميك مستمتعا بالسير على الثلج على صفاف إحدى البحيرات ، وهذه الأجواء لم تجعله يتخلى عن حلمه في تحقيق الاشتراكية ، ولكنها أنقذته وخلصته من معاناة حمل جليكان النفط من محطة البدالة إلى داره في حي الإعلام ، لان منزله الحالي مزود بمنظومة التدفئة المركزية .
ترك الرجل في بغداد مكتبته الضخمة التي تضم مسرحيات وروايات وكتب التاريخ ، فضلا عن كراريس حزبية لطالما أعاد قراءة بعضها مرات عديدة ، مستعينا بنظارة اشتراها بألفي دينار ليبحث عن أسباب فشل إقامة النظام الاشتراكي ، ومن المحتمل جدا وبعد خضوعه لعملية تقويم البصر بأشعة الليزر أن يبحث ثانية عن الأسباب من موقع جغرافي آخر .
في آخر رسالة من أبي رافد إلى نجله الإعلامي والناشط المدني إياد الملاح ، أكد فيها انه يشعر بالأسف الشديد لقضاء سنوات عمره التي تجاوزت السبعين في بلد لم يمنحه الراتب التقاعدي ، وفيه فقد ابنه الأكبر في إحدى حروب النظام ، وفي الزمن الديمقراطي بالنسخة العراقية اضطر إلى بيع داره في منطقة الدورة وانتقل بفعل التهديد بالتهجير القسري إلى حي آخر ، ونتيجة تعرضه لأزمات صحية خضع لأ كثر من عملية جراحية ، وعلى الرغم من ثقل أعباء معاناته ، ظل يتطلع إلى الكراريس عسى أن تسعفعه في تحقيق حلمه الاشتراكي .
أبو رافد دخل في دورة لتعلم اللغة الانكليزية ، وفي رسالته الأخيرة لنجله الملاح ذكر انه ينوي كتابة سيرته الذاتية بتلك اللغة مستعرضا أهم الاحداث والمحطات في حياته لكي تتعرف شعوب العالم على الجحيم العراقي .
هجرة بعد حسرة
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2013: 08:00 م