اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بغداد والسينما

بغداد والسينما

نشر في: 13 مارس, 2013: 09:01 م

-1-
بغداد والسينما .. المدينة والسينما .. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن الاخرى معها؟
وامام الالتباس في هذا العنوان وأعني به (بغداد والسينما) .. كان لزاماً عليَّ ان اختار انا لورقتي شكل هذه العلاقة، بالطريقة التي اعشق فيها السينما كخيار مهني.. والطريقة التي أُقدس بها بغداد انا ابن كرخها .. فعمدت ان اطرق اكثر من شكل لهذه العلاقة، اشكال ارى انها تشير الى المكان والفن.. بغداد والسينما.. هي ليست على اية حال اشكال اخترعها، بل هي اشكال اقترحها.. عسى ان تفلح بتجسير هذه العلاقة.. واستميحكم عذراً ان لمستم انني في ورقتي اُفرط في ابراز ذاتي في موضوع ربما يبدو عاماً.
تختزن ذاكرة البغداديين للسينما (افلاماً، وعروضاً وقاعات) تقاليد وطقوسا، لا اُغالي ان قلت انها لا يمكن ان تكون إلا في بغداد.. ذلك أن قدر هذه المدينة ان تكون متضررة في كل شيء.. فبغداد تعاطت مع هذا بشكل مختلف تماماً عن غيرها.
واسمحوا لي ان اسقط تجربتي الذاتية مع السينما في صورتها  وتاريخها في المدينة على الاقل في العقود الاربعة الماضية.
والخطوة الاولى تبدأ في نهاية الستينيات، صبي يحث الخطى بصحبة أخيه الاكبر الى سينما قدري في منطقة الكرخ وهي الصالة التي انشأها قدري الارضروملي الرجل  الكرخي البغدادي الثري والتي حملت اسمه قبل ان تتحول بداية السبعينيات الى سينما بغداد.. وهي القاعة التي تعرض افلاماً سبعة تعرضها في صالات شارع الرشيد والباب الشرقي خاصة افلام الويسترن.. وهو ما كان حصة هذا الصبي الكرخي فيها وهو يشاهد احد هذه الافلام ( القطار الاخير  ) الذي جمع اثنين من ابرز نجوم السينما يوم ذاك (كيرك دوغلاس، و انتوني كوين)
لتبدأ رحلة استكشاف لما تخفيه القاعات المظلمة او قاعات الاحلام كما يسميها رولان بارت..
وقاعات العرض في بغداد لا تعتمد على عددها او توزعها في اماكن هي على الاغلب في قلب المدينة.. بل في تخصصها في انواع الافلام التي تعرض بما يشبه اتفاقاً غير معلن بين اصحاب هذه الدور.. فسينما غرناطة كانت قد تخصصت في عروض الافلام الاجنبية ذات المستوى الفكري والفني الراقي.. وربما هي من احتكرت افلام النجم الفرنسي الن ديلون.. ومازلت اتذكر مشاهدة اهم فيلمين له بصحبة عبقري الاداء الفرنسي جان كابان (رجلان في مأزق) و(الارملة) والاخيرة ما كانت ولا سيمون سينوريه احد عبقريات السينما الفرنسية.. وبالطبع في غرناطة حاولنا ان نتقصى اسرار اغتيال المعارض المغربي (المهدي بن بركة) في الفيلم الفرنسي (الاغتيال)..  وليس بعيداً عنها كانت سينما الخيام التي تخصصت بعرض افلام (الويسترن)، واذكر من هذه الافلام (الجندي الازرق) الذي مازلت اراه الفيلم الافضل في تناول موضوع الحرب الاهلية الامريكية، وايضاً بشاعة اليانكير...
وتختزن الذاكرة لصالة سمير أميس في شارع السعدون افلاماً اقترنت بنضوج الوعي السياسي بداية السبعينيات مع افلام مثل (Z) و (ساكو فانزبني) و (الى البوليسي مع التحيات) وهي افلام كانت تشحذ الحماسة فينا في الايام تلك .. وتستقر سميرأميس  في ذاكرتي كونها آخر قاعة ادخلها لمشاهدة فيلم نهاية الثمانينيات وقبل ان تكتسحنا الفوضى في كل شيء.. وكان فيلم (حناك) لكوستا غافراس، الذي ما كان ليسمح بعرضه في ذلك الوقت لولا انتصاره لـ (القضية المركزية!).
ثم نتوقف عند سينما بابل التي تخصصت بمنهاج اسابيعها المختلفة وخاصة (اسبوع الفيلم السوفييتي) الذي كان يتكرر كل عام تقريباً.. ومازلت اتذكر مشاهدتي في هذه الصالة للانشودة السينمائية المعجزة (مخيم الغجر يصعد الى السماء) بتوقيع اميل لوتيانو.. عن احدى روائع مكسيم غوركي.
وعلى مقربة منها سينما النصر والافلام العربية الكبيرة.. وحدثها الأهم صيف عام 1973 عندما جعلتنا وجهاً لوجه مع النجم الذي نحب، كمال الشناوي وهو يفتتح عرض احد افلامه في بغداد.

* الورقة التي قدمت في "بغداد في الدراسات النقدية"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. نزار شهيد الفدعم

    صديقي ذاكرتك جدا يقظة ..نفس الافلام التي شاهدتها انت بنفس دور العرض التي ذكرتها ..واكيد بنفس الفترة ..كلي شوق لمتابعة ماتكتب عن تلك الايام ..تحياتي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram