يكشف مختصون وتجار ومواطنون في بابل عن عودة مثيرة للمخاوف للعملات المزورة للأسواق المحلية، ويحذرون من تأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني وزعزعة ثقة المواطنين به فضلاً عن ارتفاع الأسعار، متهمين "جهات أجنبية" بالسعي إلى تدمير الاقتصاد الوطني من خلال نشر
يكشف مختصون وتجار ومواطنون في بابل عن عودة مثيرة للمخاوف للعملات المزورة للأسواق المحلية، ويحذرون من تأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني وزعزعة ثقة المواطنين به فضلاً عن ارتفاع الأسعار، متهمين "جهات أجنبية" بالسعي إلى تدمير الاقتصاد الوطني من خلال نشر تلك العملات، في حي تكتفي الأجهزة الأمنية بدعوة المواطنين إلى التعاون معها وإبلاغها عن أي حالة تزوير للإسهام في رصدها والتصدي لمروجيها.
الدولار بدلا من أكياس الدينار
ويقول سعيد رحمن، وهو كاسب، في حديث لـ(المدى برس)، إن هنالك "عملات مزورة من فئتي العشرة والخمسة آلاف دينار بدأ يتم التداول بها في السوق المحلية وإن بكميات قليلة ما اضطر أصحاب المحال والتجار إلى فحص المبالغ التي يتسلمونها بما يعيق الحركة التجارية".
ويلفت رحمن إلى أن "مبالغ الصفقات الكبيرة تكون في أكياس والتجار باتوا لا يتمون العملية إلا بعد التأكد من المبلغ ورقة ورقة بما يعيق حركة التبادل ويجعلها مملة بالنسبة للآخرين الذين ينتظرون لتسديد مبالغ مماثلة"، مبينا أن "الكثير من التجار باتوا حاليا يفضلون التعامل بالدولار تجنباً لإشكالات التزوير وعدد أكياس العملة العراقية".
من جانبه يقول جودت علي، صاحب محل لبيع المواد الغذائية، في حديث لـ(المدى برس)، إن "ظاهرة العملة المزورة موجودة في السوق المحلية إنما بصورة قليلة"، مبيناً أنها "تتركز على فئات معينة".
ويضيف علي، إن "المتعاملين بتلك العملات يعمدون إلى شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية من محالنا ومن ثم يقومون ببيعها بسعر أقل ضماناً لسرعة تصريفها بعيداً عن رقابة الجهات الأمنية"، مستدركاً "برغم أن كمية تلك العملات قليلة إلا أنها تؤثر على أرباحنا".
ويتهم التاجر جودت علي، "جهات أجنبية معينة بتسريب العملات المزورة للسوق المحلية في محاولة لتخريب الاقتصاد الوطني وزعزعة الثقة بالعملة العراقية"، ويمتنع عن تسمية تلك الجهات، لكنه يؤكد أنها "معروفة".
بدوره، يذكر التاجر كاظم هاشم، في حديث لـ(المدى برس)، إن "العملة المزورة عادت من جديد ما أثر كثيراً على عملنا اليومي لأننا نتعامل بمئات الألوف من الدنانير العراقية مع كل صاحب محل"، متسائلاً "كيف لنا أن نتمكن من فحص المبالغ الطائلة التي نتداولها يومياً"، ويجيب على تساؤله بالقول "لذا نتسلمها اعتماداً على الثقة ونتحمل الخسارة إذا ما كانت فيها عملات مزورة”.
صيرفي: نحن أكثـر المتضررين من التزوير
ويرى أصحاب مكاتب وشركات الصيرفة أنهم أكثر من يعاني من انتشار العملات المزورة بالرغم من قلتها في السوق المحلية.
ويقول نعمان محمد، صاحب محل للصيرفة، في حديث لـ(المدى برس)، إن "ظاهرة العملة المزورة ليست جديدة وهي موجودة منذ مدة في العراق كغيره من البلدان التي تعاني منها"، مضيفاً "إلا أنها قد تكون منتشرة في العراق بشكل أكبر لاسيما فئتا الخمسة آلاف والعشرة آلاف دينار".
ويدعو محمد، الأمن الاقتصادي إلى "بذل جهد أكبر لملاحقة مروجي العملات المزورة"، مؤكداً أن "أصحاب شركات الصيرفة يعانون أكثر من غيرهم من انتشار العملات المزورة برغم قلتها في السوق المحلي".
ويوضح محمد أن ما يوقعهم ضحية العملة المزورة هو "حجم المبالغ التي نتعامل بها تضطرنا للتسرع أحياناً في قبولها وتمرير بعضاً من العملات المزورة ما يكبّدنا خسائر ليست بالقليلة"، ويتابع كل ما يمكن أن نقوم به بعد ذلك هو أن نجمع كأصحاب محال صيرفة تلك العملات ونقوم بإتلافها".
كما يؤكد الصراف محمد، أن هناك "طبعات من العملة المزورة لا يمكن تمييزها حتى من قبلنا لدقة طباعتها الأمر الذي يجعلنا في حيرة بشأن كيفية تحاشيها لاسيما عندما يكون الضغط علينا كبيراً من المتعاملين"، متهماَ "أطرافاً مجهولة بالسعي للإساءة للعملة العراقية".
خبير: جهات أجنبية تسعى لتدمير الاقتصاد العراقي
وبدوره، يتهم خبير اقتصادي "جهات أجنبية محترفة" بالسعي لتدمير الاقتصاد العراقي من خلال "ضخ عملات مزورة بشكل متقن يصعب اكتشافه".
ويقول جاسم البكري، في حديث لـ(المدى برس)، إن "لوجود العملة المزورة عدة مؤشرات سلبية تلقي بظلالها على اقتصاد العراق وتشوه صورته وتنقل مفهوما خاطئا عنه"، ويتابع أنها "تؤثر على سمعة الاقتصاد العراقي لاسيما إننا نعيش عصر الانفتاح والسوق الحرة".
ويطالب الخبير الاقتصادي، الدولة بضرورة "ممارسة الرقابة الاقتصادية والأمنية المستمرة للحد من هذه الظاهرة بالتعاون مع وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية".
الشرطة تدعو للتعاون معها لكشف العملات المزيفة
لكن مصدرا في شرطة بابل، طلب عدم الكشف عن اسمه، يؤكد في حديث لـ(المدى برس)، أن "مفارز خاصة تقوم برقابة حركة السوق المحلية بعامة وموضوع العملة المزورة بخاصة".
ويدعو المصدر "التجار والمواطنين إلى التعاون مع الجهات الأمنية والإخبار عن العملة المزيفة لتمزيقها والتخلص منها تسهيلاً لرصد حركتها وتحديد أنواعها ومصدرها ووضع الخطط الكفيلة بالقبض على الجناة أو العصابات التي تقوم بتزويرها أو تسريبها للسوق المحلية.
يذكر أن العراق شهد خلال السنوات السابقة سواء قبل 2003 أم بعدها موجات من العملات المزورة، بدأت كظاهرة في تسعينات القرن الماضي، بعد فرض العقوبات الاقتصادية على البلاد وغزو النظام السابق للكويت، إذا أدى إقدام العراق على طبع عملته داخل البلاد إلى ارتفاع مؤشرات التضخم بنحو غير مسبوق، فضلاً عن تزايد حالات تزوير العملة آنذاك بسبب افتقارها إلى المواصفات العالمية المعتمدة في طباعة العملات.