مرةً جديدةً يؤجل اجتماع الائتلاف السوري المعارض، المخصص لتشكيل حكومة انتقالية، إلى موعد لاحق، بسبب اختلاف في وجهات النظر، حيث انقسم الائتلاف إلى فريقين، فضل أحدهما الانتظار، لمعرفة مدى إمكانية نجاح جهود الموفد الأممي الأخضر الإبراهيمي، المتعلقة بتشكيل حكومة انتقالية ضمن تسوية سياسية، في حين أن البعض الآخر يريد تشكيل حكومة على الفور، لإجهاض أي اتفاق يمكن أن يبقي الأسد في السلطة، وليس واضحاً بعد إن كان الموعد الجديد في العشرين من هذا الشهر، سيشهد اجتماعاً بالأصل، فضلاً عن الاتفاق على تشكيل الحكومة العتيدة، التي يقال إن رئاستها ستنعقد لبرهان غليون، أو الخبير الاقتصادي أسامة قاضي، الذي يقال إنه الأوفر حظاً لتقلد المنصب، حيث يقود فريق عمل، يخطط لإنعاش اقتصاد سوريا بعد الأسد، أو رئيس الوزراء السابق رياض حجاب، الذي واجه اعتراضات من إسلاميين وليبراليين في الائتلاف، بسبب صلاته السابقة بالنظام.
ما يؤكد عمق الخلافات، هو الحديث عن أن الاجتماع المؤجل، سيشهد اتفاقاً على حكومة بأغلبية بسيطة، وسيتم ذلك بحضور عدد صغير من أعضاء الائتلاف، وسيكون ذلك استجابةً لاشتراط الجامعة العربية وجود هيئة تنفيذية للائتلاف، لتسليمه المقعد السوري في الجامعة، وإذا كانت قيادات المعارضة في الائتلاف على خلافاتها، فإن معارضي الداخل، وهم يدركون أن ظروف إطلاق الحوار بين النظام والمعارضة لم تتوفر بعد، يبادرون إلى طرح أفكار جديدة بشأن حل سياسي محتمل، وهنا مجال آخر للنظر إلى معارضي الأسد، باعتبارهم جماعات منقسمة، لم تتفق بعد على كيفية التعاطي مع النظام، الذي يكتسب الكثير من قوته من هذا الواقع.
على أرض الواقع تفرض القوى المتطرفة قوانينها، في المناطق التي ينسحب منها النظام، فتقيم المحاكم الشرعية، وتشكل تنظيمات شرطية، وتدير خدمات البلديات، وتؤمن الحد الأدنى من احتياجات الناس، وبما يعني أن القوى الأساسية للثورة تتنازل عن واجبها، تاركة المهمات التي كان عليها القيام بها لجبهة النصرة، وما يشبهها من تشكيلات، وكأنها تساهم في تأسيس الفرز الطائفي بين أبناء الشعب السوري، إذ ليس سراً موقف هذه التنظيمات السلبي من الطائفة العلوية، بغض النظر عن موقف هذه الطائفة من نظام الأسد، وفيها الكثير من معارضيه، والرافضين لاستمراره رئيساً، وحتّى أن كثيرين منهم يرفضون خروجاً آمناً للأسد، ويطالبون بمحاكمته.
المعارضة منقسمة وقرارها مرتهن عند هذه العاصمة أو تلك، وهي تتخلّى عن واجباتها الأساسية، والقوى المتطرفة تمكّن لنفسها وفكرها على الأرض، والنواة الأساسية المركزية للنظام ما تزال متماسكة وصلبة، وقادرة على المناورة، انتظاراً لتحسن الظروف، والشعب السوري بكل فئاته ينزف يومياً، فيما تزداد وتائر اللجوء إلى دول الجوار، وينهار الاقتصاد وتتفاقم البطالة، وتتولد مفاهيم طارئة على المجتمع السوري، ويتهدد الشرر المتطاير من الحريق السوري دول الجوار، وتخطو الدولة السورية بتسارع في طريق الانحلال، والتقسيم الذي يخدم في آخر الأمر الدولة العبرية وحدها، ولا يقدم أي فائدة لأي من دول المنطقة.
واجب ائتلاف المعارضة أن يكون على قدر المسؤولية التاريخية، وعلى قدر الأمل الذي بناه على تشكيله السوريون، بدل حال التشرذم التي تسرق منه أي صدقية. وتحوله إلى معضلة بدل أن يكون هو الحل.
حكومة الائتلاف المؤجلة
[post-views]
نشر في: 13 مارس, 2013: 09:01 م