نصيحة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى للأردن، بشراء الغاز الطبيعي من إسرائيل، بما يمكنه من حل مشكلة الطاقة، التي استفحلت بعد وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، وما رافق ذلك تفجيرات غامضة لخط الغاز المزود للأردن من مصر، والقول إن زيارة الرئيس الأميركي المنتظرة للمنطقة، ستكون فرصة مثالية لإظهار الدعم للتعاون الإقليمي، الذي من شأنه أن يضع حلولاً لمشاكل الطاقة التي تواجهها الأردن، تبدو كما لو كانت فخاً تنصبه واشنطن لعمان، خاصة حين نطالع ما يتوقعه المعهد من زيارة أوباما، حيث يعتبرها فرصة لما يصفه مجابهة الخطاب السياسي والأفكار السيئة، التي تُعيق الحلول المنطقية للطاقة، حتى ليبدو أن الإدارة الأميركية عبر هذا المعهد تقول، إن على الأردن إدارة ظهره لأمته والنوم في حضن إسرائيل، ووقاحة الطرح هنا لاتحتاج لمن يؤشر عليها.
وهدف آخر لم يخجل المعهد من الإفصاح عنه حين قال، إن إنشاء طريق لنقل الغاز بين إسرائيل والأردن، سيزيد من احتمالية الاستفادة من الغاز غير المستغل، المستخرج من قبالة ساحل غزة، وبما يعني أن هناك عمليةً لتسويق الغاز الذي تستخرجه إسرائيل، للأردن أولاً، ولقطاع غزة ثانياً، وبحيث يحل محل الوقود المستخدم في تشغيل محطة الطاقة المحلية، والمدهش أن هناك ما يشبه التحذير من اعتماد الأردن للطاقة النووية السلمية، ورفضه الرضوخ لأي قيود أمريكية بشأن تخصيب وقود اليورانيوم، اللازم للمحطتين النوويتين، اللتين يتفاوض مع روسيا واليابان وغيرهما لبنائهما، والمدهش هنا الإشارة إلى اهتمام أوباما بتقليل خطر انتشار الأسلحة النووية، وكأن المفاعلين يبنيان لإنتاج السلاح، وكأن الغرب لا يعرف اتجاهات السياسة الأردنية، بالنسبة لهذا الموضوع.
المصلحة الإسرائيلية هي الهدف إذن، فالمعهد يتحدث عن احتمالات تصدير إسرائيل للغاز إلى الأردن، بمجرد أن يبدأ حقل "تمار" البحري الضخم في الإنتاج، حيث تنظر إسرائيل إلى الأردن والأراضي الفلسطينية، كعملاء تصدير من الدرجة الأولى، لأن توصيل الغاز إليهم، لن يتطلب سوى إضافة أميال قليلة لخط الأنابيب، في الوقت الذي تتسم فيه خياراتها التصديرية الأخرى بالتعقيد، حيث تتضمن إنشاء خطوط أنابيب طويلة تسير تحت البحر، أو إنشاء محطات غاز طبيعي سائل باهظة التكلفة، ومسبقاً يؤشر المعهد إلى مشكلة منتظرة يمكن لإسرائيل طبعاً مواجهتها، تتعلق بكيفية ضمان تدفق العائدات التجارية إلى السلطة الفلسطينية في رام الله، بدلاً من أن تصل إلى أيدي مسؤولي حماس، الذين يسيطرون على قطاع غزة.
معضلة الطاقة التي تواجه الأردنيين حقيقية، وتستنزف الكثير من "طاقتهم"، وهم بالتأكيد يفتشون عن حلول لها، غير أن المؤكد أنهم ليسوا معنيين أخيراً بالارتهان للسياسات الإسرائيلية، حيث يستحيل ضمان إمدادات الغاز من الدولة العبرية، حتّى لو كان الخيار مطروحاً، وهو مرفوض حتّى اليوم شعبياً، حيث تتنامى مشاعر الرفض لأي تطبيع مع الدولة العبرية، والسبب هو التعاطي السلبي الذي تنتهجه إسرائيل مع معاهدة السلام، التي تأمّل الأردن الرسمي أن تكون خطوةً حقيقيةً لسيادة السلام في هذه المنطقة، وإذ ينظر الشارع الأردني بسلبية لزيارة أوباما المنتظرة للمنطقة، فإن اقتراح المعهد يؤجج هذه المشاعر، لإدراك الجميع أن السياسات التي تتبناها واشنطن، إنما تتم صياغتها في تلك المعاهد، ومنها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
ما يلفت النظر، أن الدول النفطية العربية تتفرج على هذا الموضوع بحياد سلبي، والمؤلم أن ترد إلى الذهن أفكار سلبية عن مشاركتها في إيصال الأردن إلى هذا الحال، ولنا أن نأمل أن لا تكون مثل هذه الأفكار حقيقية.
غاز إسرائيلي للأردن!
[post-views]
نشر في: 15 مارس, 2013: 09:01 م