ليس علي التأكد من صحة اليوتيوب الذي يظهر بعض شرطتنا وهم يضربون عشرات السجناء باذلال كما تضرب الثيران. فالقاضي البارز يؤكد لي ان ١١ عراقيا جرى اعدامهم مؤخرا في جريمة اقترفها اثنان فقط. ممثل السيد السيستاني في كربلاء يضع يده على جرح غائر مشابه ويسأل عن ٦ اجهزة استخبارات "معطلة". واهل البصرة يريدون سلاما مع الكويت ويسألون المالكي: لماذا لا تشاركنا تفاصيل صفقاتك بشأن ام قصر لتكون سلاما عادلا؟
ان هذا المقال لا يتهم احدا، لكنه تسجيل لاعتراف أمة يتزامن مع اطفاء شمعتنا العاشرة بعد الديكتاتور صدام. هو ليس اعترافا يائسا ايضا، بل يسجله نافذون يرغبون بالمراجعة حتى لو تعنت السلطان التنفيذي.
دعونا نستمع الى سرد مؤلم طبقا لما قاله لي قضاة كبار قبل بضع ليال. كم منكم يعلم ان عدد قضاة الاردن اكثر من عدد قضاة العراق؟ وان التعليم الناقص والجهل بالقانون عاهة تتفشى في الجهاز القضائي وكادره، وهي اخطر من الظلم اليوم؟ يواصل القاضي الفاضل متحدثا بحزن: القضاة الجيدون تلفق لهم اتهامات ويحاصرون بالفاسدين. كما ان بعض القضاة "خبراء في الفساد" لانهم امضوا سنوات طويلة يمارسون المحاماة دفاعا عن قضايا فاسدة ثم صاروا في السلك القضائي فنقلوا خبرتهم السوداء الى منصة المحكمة!
ايضا فإن التعذيب والضرب وسيلة اساسية تطرح بديلا للدليل الجنائي و٩٠ في المائة من قضايا المحاكم دليلها اعترافات، وطبعا فهي تنتزع بالقوة.
يضيف القاضي: في احيان كثيرة وبعد تنفيذ حكم الاعدام نكتشف اننا اعدمنا ١١ عراقيا في قضية ارتكبها شخصان فقط. لان ١١ متهما اعترفوا جميعهم تحت الضرب بارتكاب جريمة ارتكبها اثنان فقط!
في المقابل هناك قضاة خبرتهم ممتازة وشجعان ويؤمنون بقيمة العدل وقد دفعوا ثمن ذلك باهظا. بعضهم تلفق له القضايا فيفصل، او يعالج بعبوة لاصقة، او ينقل لمنطقة ساخنة كي يقتله القتلة.
القاضي يتحدث وحديثه بمثابة اعتراف أمة عراقية بأن الفشل يضرب عميقا، وان تأخر الاصلاح السياسي والتعليمي والاجتماعي يكلفنا ثمنا مهولا، في معنى الدولة، وفي معنى مسؤوليتنا كمجتمع ينتج الظلم، بالسكوت عن الخطأ.
ان جزءا من الجمهور يتهم امثالي بأننا عملاء لدينا عقدة شخصية من السلطان التنفيذي الذي يشتهي ابتلاع الدولة ويريد منا الصمت. لكن على الاقل فإن جزءا من الجمهور يؤمن بأنالمرجعية الدينية العليا ليست بعثية ولم تقبض رشوة من الشمال ولا الجنوب، لو كان امثالي قد "قبضوا"، ولا اعتقد ان لدى المرجعية ايضا عقدة شخصية من المالكي.
المرجعية تحدثت من كربلاء بوضوح عن مأساة اختراق وزارة العدل، وتناولت ملف استخباراتنا. لدينا ٦ اجهزة استخبارات، للداخلية والدفاع ومكافحة الارهاب والامن الوطني والمخابرات ومكتب القائد العام، كما سبق للسيد عدنان الاسدي وكيل الداخلية وحليف السلطان ان اعترف قبل سنتين. المرجعية تقول: الاجهزة هذه تأتي بمعلومات، حول سوق العنف وبورصة الموت، ولا احد يستفيد من معلوماتها هذه. الاسدي قال قبل سنتين ان الاجهزة لا تنسق فيما بينها وتتأخر في ايصال المعلومة القاتلة. والمرجعية تقول ان الحال ظل على حاله بعد اكثر من سنتين على اعتراف الاسدي لوكالة رويترز والصحفيين الاجانب.
اعلان هذا هو اعتراف مهم، لكن هل سنظل صامتين ونزف الدم مستمر بسبب استخبارات لا تنسق ادوارها ولا يستفيد منها احد، وقضاة يسود جاهلهم على حكيمهم، ويلفق جبانهم قضايا لشجاعهم بهدف التخلص منه. ويذهب كل مالنا المنفق على القضاء والاستخبارات بلا طائل، وتسيل دماؤنا بلا طائل؟
لقد عجز البرلمان عن تنظيم ولو جلسة استماع لقادة الاستخبارات ليسمع منهم اين وصلوا في التطوير والتدريب والتنسيق. واذا صح تقييم المرجعية التي حاورت قادة الامن بالتأكيد، فإن على مجلس النواب ان يستمع الى الضباط ويكتشف الحقيقة ليبدأ بمحاسبة القائد الذي فشل في استثمار ٦ اجهزة استخبارات وجعل الموت يضرب ويضرب بقلب بغداد. والفشل متواصل في كل الملفات ولا بد من اصلاحه. قرب البحر في أم قصر تجمع نواب منتخبون واعضاء حكومات محلية منتخبة، وكتبوا بيانا حكيما: كان صدام حسين مجرما في الكويت، ونريد سلاما ابديا مع الجار التاريخي، لكن على المالكي ان يشرك اهل البصرة في مفاوضاته وان لا يسلم الارض في احتفال مفاجئ نكون خلاله نحن اهل البصرة، مجرد ضيف مستمع! ان ازمة ام قصر لن تنتهي بسهولة، ويمكنها ان تكون مناسبة للتساؤل حول الملفات الكبرى الاستخبارية والقضائية والخارجية والمالية، التي ينفرد بها المالكي دون اشراك نائب منتخب او حكومة محلية او نخبة مدنية او دينية.
فنحن والبرلمان ايضا، لا نعرف شيئا عن الحكمة السرية التي يدير بها السلطان بلادنا. والسيء ان مجلس الرئاسة موحش وفارغ، وكابينة الحكومة بنصف وزرائها منذ اسبوعين، والبرلمان مصاب بدوار تكاثر الازمات. لكن على الامة ان تواصل الاعتراف بما يجري وان تطلب ان تكون شريكة في المراقبة او المحاسبة. حينئذ سنطفئ عاشر شموع الديمقراطية ونبدأ عقدا جديدا بالامل الحذر. قبل ان نصعد المشنقة ويجري اعدامنا بصمت كما حدث مع الابرياء التسعة في حكاية القاضي الفاضل.
جميع التعليقات 7
المدقق
حاقد ومريض وستبقى كذلك حتى موتك .. ان اتفاقات سيدكوته معناه الخوف والعار ك صدام السرية هي التي جعلت العراق يخسر اراضيه وليس المالكي فان كنت حقا تريد التاكد فاذهب واقرا ماذا تم في اتفاقية وقف اطلاق النار في خيمة سفوان .. اما عن القاضي الذي تتكلم عنه فانه م
ابو هبة
تحية لكاتب المقال الجرئ وتحية لكل الأصوات الوطنية التي تحب العراق وشعبة ، مقترحي ولدي سرمد الطائي، ان يحال هذا القاضي لمحكمة عادلة وتصدر قرارا شجاعا بإعدام هذا القاضي الذي أزهقت حياة تسع أشخاصا أبرياء اعدموا لا ذنب لهم ، هذه حالة و ربما هناك العديد من الا
ابو علي
عاشت يداك ياابن البصره البار تقع على الجرح تبقى الكويت جزاء من البصره مهما طال الزمن والتاريخ له رجعه وعلينا ان نستذكر الزعيم عبد الكريم قاسم رحمه الله كل خطاباته هو اسنعاده الكويت الى لواء البصره والذي دفع ثمنه اغتيالهلكن حتى خصومه اعترفو بعائديه الك
رياض
السيد سرمد.... ان بناء الاوطان لا تقوم به مرجعيات دينيه...كف عن ذكر المرجعيه في كل شي..... انتماءك الطائفي لا يهمني...
محمد
تحيه الى الاخ سرمد على كتاباتك الجريئه وافكارك التي لا يخال السلطان يفكر بها و ينزعج من صوتها . ان صدى كلمة الحق يدوي في قصر السلطان . (وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون )
د حيدر الزيدي/ امريكا
بارك الله فيك سيد سرمد .. نشد على يديك و ندعمك في نهجك الراقي و اسلوبك المحترم في تناول قضايا وهموم الوطن
علي الموسوي
فكرت لماذا تسخر الناس في البرلمانين ون قرارات الحكومة وفي كل شيءأحياناً. وفي الأيام الأخيرة أخذت تراودني مقارنات متشابه بين ماحدث في زمن صدام المقبور وبين زمن المالكي. ومن بين هذه المقارنات هو التشابه الكبير بين المدافعين عن صدام والمدافعين عن المالك