حازم مبيضين تتحمل الحكومة الإسرائيلية بالتأكيد مسؤولية جمود التحرك السياسي، وعدم احترام سعي الإدارة الأميركية لاستئناف التفاوض، حتى من خلال زيارة الرئيس الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر إلى مصر بهدف تحريك عملية السلام، فإسرائيل بتعنتها ومماطلتها وعدم التزامها،
توسع الفجوة مع الفلسطينيين، وتواصل في الوقت نفسه نشاطاتها الاستيطانية، بهدف خلق حقائق جديدة على الأرض، وهو ما يدعو إدارة أوباما للتحلي بالصدق والشجاعة، والإعلان بشكل واضح وصريح، أن حكومة إسرائيل هي الطرف الذي يعطل إطلاق مفاوضات السلام. الإسرائيليون يعلنون عبر عدة وسائل بأنه من غير المرجح إجراء محادثات مع الفلسطينيين في الشهور المقبلة، وهم يدركون بأن الرئيس الفلسطيني لن يبدي مزيداً من المرونة، قبل الانتخابات الفلسطينية التي قرر أن تجري أواخر الشهر المقبل. وعودة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل المحتملة إلى المنطقة اليوم، لن تكون أكثر من رحلة استجمام، وذلك بعد أن قدمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون إلى رئيسها تقييماً غير مشجع لجهود السلام في الشرق الأوسط بعد لقاء ميتشل بمفاوضين إسرائيليين وفلسطينيين في واشنطن. نتنياهو الرافض لتجميد الاستيطان، والرافض للالتزام بما تم الاتفاق عليه مع سلفه أيهود أولمرت، تحت تفاهم الأرض مقابل السلام، يطالب اليوم باستئناف التفاوض من نقطة جديدة ملغياً سنوات من المفاوضات المضنية، خاضها الفلسطينيون بتشجيع دولي، وتوصلت إلى نتائج محددة يرفض نتنياهو الاعتراف بها والعمل بموجبها، وكأنه يقول للعالم إن التفاوض يبدأ معه وبشروطه أو لا يبدأ أبداً، ويتجاهل أن حالة الإحباط التي يعيشها الفلسطينيون والعرب، ستؤدي إلى تنامي نفوذ المتطرفين، الرافضين لفكرة قيام الدولة الإسرائيلية، وستؤدي إلى فقدان شريك سلام يؤمن بوجود دولتين متعايشتين، وذلك بعد أن أحاطت الشكوك بجدوى عقد معاهدات مع الدولة العبرية، التي لم تحترم حكوماتها المتعاقبة نصوص تلك المعاهدات ولا عملت بروحها. وإذا كان العاهل الأردني الملك عبد الله حذر على الدوام من نتائج السياسات الإسرائيلية، فإن لتحذيره الأخير أهمية خاصة في ظل خطوات حكومة نتنياهو الاستفزازية ضد الحرم القدسي الشريف، وهو تحذير يستدعي تكاتف الجهود الدولية لإيجاد مناخ ملائم لإطلاق المفاوضات وتحقيق التقدم في الجهود السلمية مثلما هو نداء للمجتمع الدولي للنهوض بمسؤوليته واتخاذ مواقف واضحة وصريحة في مواجهة الإجراءات الإسرائيلية التي تقوض فرص تحقيق السلام وتضع المنطقة بمجملها على فوهة برميل بارود متفجر. المجتمع الدولي مدعو لعدم تمكين حكومة نتنياهو من المضي في لعبة شراء الوقت وفرض سياسة الأمر الواقع عبر الاستيطان والتهويد والتهجير، وواشنطن على وجه الخصوص مدعوة لأن تستعمل نفوذها لمنع إسرائيل من المضي في سياسة الإنكار والمماطلة، وأن تحدد موعداً ثابتاً للعودة إلى طاولة المفاوضات، مثلما هي مدعوة لإلزام إسرائيل عملياً بالاعتراف بحل الدولتين، الذي طرحته أميركا، وقبله العرب، ورضي به الفلسطينيون، وتماطل إسرائيل في السير خطوة واحدة لتحقيقه.
خارج الحدود : الدور الأميركي المطلوب
نشر في: 27 أكتوبر, 2009: 06:27 م