إنهم يذبحوننا منذ 10 سنين، ويتحركون كالاشباح ويسخرون منا. القاعدة تعرضت الى ضربة كبيرة بفضل خطط الجنرال بترايوس الذي دعم صحوة الانبار، لكنها لا تزال قادرة على الانتحار بيننا. وهي تصدر بيانا عن كارثة وزارة العدل، تستعرض فيه عضلاتها بطريقة تهين كل العراقيين، لا الفريق السياسي والعسكري لنوري المالكي وحسب.
بيان القاعدة الارهابي يريد ان يتظاهر بأنه يدافع عن السنة. ولكن من منح القاعدة هذا الشرف؟ كم من الاخطاء السياسية سهلت للقاعدة ان تتحدث في بيانها عن "قتل المحققين الامنيين" بفخر وزهو؟ من يفتح في الجدار الوطني ثغرة عملاقة حمقاء ويسمح لامثال القاعدة بأن يسخروا من كل الوطن بشيعته وسنته؟
القاعدة تقوم بشرح خطتها غير الذكية لاقتحام الوزارة. والقاعدة تعترف بأن خطتها عادية، وانها كررتها اكثر من مرة خلال السنوات الاخيرة. القاعدة في كل مرة تهاجم مكانا حساسا، تدفع بانتحاري او اثنين يقومون بإرباك الحرس الحكوميين، ثم يأتي مسلحون لاستغلال الارتباك واقتحام المكان الحساس. وهي في بيانها تعيد شرح الخطة التي نفذتها مرارا لقتل العراقيين. انها عبر التكرار تقوم بالسخرية من عقلنا الامني الذي لا يأخذ الدرس وتمر عليه نفس الخدعة، مرات ومرات، وتسيل الدماء ويدخل اليتم والثكل والترميل، عوائلنا.
ولذلك فإن المرجعية الدينية تسأل: اين هي اجهزة استخباراتكم ومحلليكم ومخططيكم ايها القادة؟ ولا احد يعلق على كلام المرجعية. ولذلك ايضا تسأل لجنة الامن في البرلمان عن اسباب الاخفاق ولا احد يستجيب لاسئلتها. ولذلك ايضا نصرخ نحن في الصحافة متسائلين عن السبب الذي يتيح للقاعدة ان تهزأ بموتنا، فيقوم انصار السلطان بشتمنا لاننا بعثيون مرة وخونة مرة اخرى، وكأن علينا لكي نصبح وطنيين، ان نظل نصفق لاخطاء السلطان بلا نقاش.
ان لحظة بترايوس عام 2007 وما تلاه قامت على عنصرين: دفع الساسة الى التصالح، وتشجيع قبائل الانبار على ضرب القاعدة وطردها، وهذا ما نجح لاحقا بنسبة كبيرة. لكن جزءا اساسيا من مشروع بترايوس بدأ ينهار، حين قام المالكي بهدم التوافق السياسي واراد كتابة قواعد جديدة للعمل لم تغضب اهل الانبار وحدهم، بل اغضبت الشريك الكردي ومعظم الشركاء الشيعة ايضا. ولذلك فإن مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء يقدمان صورة كئيبة اليوم لحال العلاقات الوطنية.
اما العوائل الكريمة التي شاركت بطرد القاعدة من صحرائنا الغربية، فزعماؤها اليوم مطاردون بمذكرات الاعتقال او بهليكوبترات القائد العام للقوات المسلحة. من ورطنا في كل هذا، ولماذا لم نأخذ تحذير العقلاء من نتائج نهج المالكي في ادارة البلاد، وهي نتائج كارثية.
لقد دخل الشركاء في الائتلاف الحكومي عام 2010 بشرط اطلاق مراجعة عميقة للجهاز القضائي والعسكري والامني، ولطريقة عمل مجلس الوزراء، لكن الاصلاح ظل لحظة منجمدة وساكنة. وقد اطلق الشركاء تحذيرا للمالكي من خطورة جمود الاصلاح، لكن المالكي لم ينصت وظل يشتت انتباهنا بصناعة معارك ومواجهات مزيفة وبعيدة عن ساحة المعركة الحقيقية.
ان طريقة السيد المالكي في ادارة الدولة جعلته ينشغل بحرب مع الشركاء المضحين الذين طردوا القاعدة في الانبار، ودعموا جهود اعادة بناء الدولة (الاكراد والشيعة الاخرين)، وانشغاله هذا جعله ينسى كثيرا كيف ينبغي رصد القاعدة. وانشغاله هذا جعله يعادي اعداء القاعدة (الصحوة) وانشغاله هذا جعله يرتكب اخطاء سياسية رهيبة تحول اهل غرب العراق الى "فقاعات" حسب تعبير المالكي المفضل. الفجوة التي تصنعها سياسات المالكي بين الدولة واهل غرب العراق، تتيح للقاعدة ان تأتي لتسخر منا وتزعم انها تقوم بالدفاع عن اتباع المذهب السني.
ان المالكي يتبنى نهجا في السياسة والادارة، ويواجه معارضة واسعة من كل الاكراد، وكل العراقية، ومعظم التيار العلماني، ومن الصدر والحكيم وعادل عبد المهدي واحمد الجلبي ومرجعية النجف وساسة شيعة كثيرين ومراكز قوى اجتماعية ومالية وثقافية. لكنه يعتقد انه الوحيد المحق في هذا الصراع.
لكن عليه ان يعلم ان سياسته التي يقول الجميع له انها مخطئة، هي التي تريد ان تمنح شرف الدفاع عن السنة، الى تنظيم ارهابي طرده اهل الانبار قبل اعوام ورفضوا طريقته في رسم مصير البلاد.
المالكي يخسر الجولة ويمنح العدو فرصا كثيرة، ويساهم في تحويل الصديق الى عدو. وقد يئس معظم حلفائه من امكانية تصحيح نهجه. لكن الفرصة الكبيرة لاتزال ماثلة امامنا، للحفاظ على المستقبل. وهي تمسك اهل الانبار ونينوى بسلمية اعتراضاتهم، ورهانهم على الحلول السياسية وعلى تفاهمات عميقة يمكن تحريكها مع باقي قوى لقاءات اربيل والنجف.
اذا قام المالكي بتدمير التوافق السياسي، فإن القوى الاخرى في وسعها تدعيم التفاهم البديل الذي نشأ في 19 ايار من العام الماضي، وتوسيع هذا التحالف وحماية المظاهرات من الانزلاق لاي عنف قد يريد المالكي جرها اليه، وتخليصا من اي خطأ قد طرأ او يطرأ على الشعار والشكل والاهداف.
يمكن لحماقة السياسة ان تجعلنا نخسر، ويمكن للقاعدة ان تزعم حماية هذا الطرف او ذاك، وان تمارس قتلنا مرة تاسعة وعاشرة، لكن الفرصة لا تزول ابدا لبناء تفاهمات متماسكة في شرق اوسط يغلي ويغلي. والمهم ان نقيس درجة الحماقة السياسية وسرعة القاعدة، وان يتحرك العقلاء بما يوازي شكل الجنون لدى الحمق السياسي والانتحاريين في الوقت نفسه.
القاعدة تدافع عن سنة العراق؟
[post-views]
نشر في: 17 مارس, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
المدقق
انا لا اعلق على ما كتبته لانه لا يستحق التعليق ولكنك ان كنت شجاعا ارجو ان تجيبني على هذا السؤال وبعدها طبل وزمر واكذب كما يحلو لك ... من الذي يوفر حاضنة امنة للقاعدة ؟؟؟ اجب ايها الكاتب المغواااااااااااار ...
مواطن
انا أجيبك ايها المدققق, أساس القاعده اميركا وحاضنتها أيران أما ما تنوه له فهو عاري عن الصحه وبدليل من قاتل القاعده وطاردهم هم اهل الغربيه وليس الحكومه والدليل الاخر تدار العمليات الارهابيه من داخل السجون العراقيه على لسان وزير العدل ومن فاهك ادينك ودمتم..