اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الهور لن يعود إلى عهده السابق بوجود الإقطاعيين الجدد

الهور لن يعود إلى عهده السابق بوجود الإقطاعيين الجدد

نشر في: 18 مارس, 2013: 09:01 م

أجد الإجابة بسيطة جداً حين أقول لماذا يخيم عليّ الحزن وتصيبني الكآبة كلما تحدثت عن مدننا ،لأنها لا تستحق ما يحدث بها أبدا،لأنها أجمل المدن،ولكن أيدي العابثين أحالوها وجعلوها بهذا القبح وبتلك المأساة ،نعم جفف الديكتاتور الأهوار ولكنها الآن بأيديكم لما

أجد الإجابة بسيطة جداً حين أقول لماذا يخيم عليّ الحزن وتصيبني الكآبة كلما تحدثت عن مدننا ،لأنها لا تستحق ما يحدث بها أبدا،لأنها أجمل المدن،ولكن أيدي العابثين أحالوها وجعلوها بهذا القبح وبتلك المأساة ،نعم جفف الديكتاتور الأهوار ولكنها الآن بأيديكم لماذا لا تعيدون لها الحياة ،وجميع المواطنين هناك يؤكدون أن المياه موجودة لغمر تلك الأهوار، ولكن الإقطاع عاد وبعض شيوخ العشائر وبالاتفاق مع المسؤولين بالمجلس البلدي لناحية الخير يرفضون أن يعود الهور لأنهم مسيطرون على معظم الأراضي وتم استغلالها كأراض زراعية ،أو إيجارها لرعاة الإبل والجاموس مقابل مبلغ شهري بالاتفاق ،فأين الدولة مما يحدث؟ وماذا قدمت الديمقراطية الجديدة لأهوارنا المظلومة ،لاسيما وأن أغلب أبناء الهور هم من الذين قارعوا النظام السابق، وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل حريتهم وكرامتهم، فهل هذا الوفاء ورد الدين لأبناء الانتفاضة؟
تغذية الأهوار بالإصبعيات
المحافظ  علي دواي لازم أكد في حوار مع المدى أن الأهوار ملك الجميع ولا يجوز لأي عشيرة أن تتحكم بتلك الأرض لأنها ملك لجميع أبناء الهور، مبيناً بأنه سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة والرادعة في حال تقديم أية شكوى بهذا الخصوص،مضيفا :هناك خطة من مديرية زراعة ميسان بتغذية الهور بالإصبعيات وهو نوع من السمك يسمى بالكارب على ثلاث وجبات ،في كل  وجبة  أربعة ملايين إصبعية  ،وهناك خطة لتغذية الهور بإصبعيات البني والقطان وإعادة الوضع المثالي للثروة السمكية،ويمتاز سمك الأهوار بطعم خاص كونه يتغذى على العديد من النباتات التي تزخر بها الأهوار، فضلا عن المياه العذبة التي يمتاز بها الهور .ومن أشهر أنواع أسماك الهور،القطان والبني والشبوط  وسمك البز والحمري،لكن تلك الأنواع اختفت من قاموس الهور ولم يتبق سوى السمك الصغير الذي يسمى محليا (الزوري).
لذا لم يعد ترديد الأغنية الشهيرة لصديقة الملاية مجدياً أو مقبولاً هناك حين قالت (يصياد السمج صيدلي بنية...كلبي بشبج صادوه وشظل بدية)،ولم يعد للأكلة الميسانية المشهورة (طابك وسمج )أيضا وجود.
الصيد الجائر
علي حطاب وحسين رهيف صيادان وقفا مع قاربهما في قناة الخامسة  لاصطياد السمك بطريقة تسمى (النتالة) وهي شبكة مكهربة تقذف إلى الماء وتقوم باصطياد السمك،وهي من طرق الصيد الجائر التي لا تميز بين السمك الكبير أو الصغير، لذا وجدنا في مشحوفهما  الكثير من الأسماك الصغيرة(الزوري) ،فضلا عن كثير من أسماك الجرّي، وقام حطاب ورهيف بإعادة الجرّي إلى النهر لكون أهل الهور يحرّمون أكل ذلك النوع من السمك لكون إناثها تحيض كما يقولون ، وأضافا بأنهما يبيعان كيلو السمك بألف دينار، في حين قدماه لنا مجانا لكننا رفضنا ذلك لانشغالنا بالعمل .
الجاموس ينتشر بين القصب وبعضه كما يقول أحد الرعاة إنه يسير في العمق مسافة 15 كم للوصول إلى الأهوار ثم يعود في المساء إلى قريته من غير دليل أو مرشد،وأكثر جناة الجاموس من الفريجات وبيت نصر الله والشغانبة .

(وضحة) و(صبا) و(إشهبة)..  أسماء للنوق
نزلنا على محمية للنوق والجمال وهناك عائلة وسط تلك المحمية تدير عملية الرعي، يقول الراعي رياض سكر الخفاجي: نحن نأتي في شهر تشرين الثاني من منطقة الطيب إلى هذه المنطقة ونبقى مدة أربعة  أشهر يقضيها الحلال في أكل الزور والطحم والعاقول الذي يكثر في هذه المناطق ،ويقومون بتربيتها من أجل التكاثر، وفي كل موسم يقومون ببيع الذكور فقط ويتركون الإناث من أجل إدامة عمليات التكاثر،القطيع الذي يتكون أكثر من (100)رأس يتميز باختلاف ألوانه وتسمياته، فالناقة البيضاء تسمى(وضحة) والسمراء تسمى (صبا) والشقراء  تسمى(إشهبة).والجمال  سوقها الرئيس هو محافظة النجف وتتراوح أسعارها بين مليون إلى مليون ونصف مليون دينار، وهي تباع لغرض الذبح ،كما يقول الخفاجي.
المشحوف بقايا سومر
 ويوجد في الأهوارالكثير من النباتات التي اتخذ منها الإنسان الذي يعيش في الأهوار غذاءً له، والأخرى غذاء لحيواناتهم ،ومن هذه النباتات كما يقول راعي الجاموس نعمة عباس زهر البط، وهو يكثر في الربيع ويكون لونه أبيض وتصدر منه رائحة طيبة، أما البردي فهو ما تتميز به الأهوار ، ومنه تستخرج مادة الخريط الغذائية، كذلك يوجد النعناع، والعنكر وهو جذر القصب، كذلك يوجد الحلبلاب وهو نبات متسلق يحتوي على غصون فيها حليب، أما الكاط فهو قصب قصير يطفو  فوق الماء، إضافة إلى وجود الكعيبة وهي  أوراق خضراء مدورة على شكل ورد توجد بمياه الهور، أما الخيزران  فهو قصب يمتاز بمتانته ،وكان الشيوخ يستخدمونه في ضرب عبيدهم ،وأهم ما يميز الأهوار هو القصب الذي يعد المادة الرئيسية لصناعة الورق  ،وكذلك في بناء بيوت الفلاحين .
80 نوعاً من الطيور
العديد من الصيادين مختبئون بين القصب لغرض صيد الطيور، كالخضيري والبط الصيني، فضلا عن طائر الحجل، و سرب من طائر البيّوض الذي يبلغ وزنه كيلو ونصف الكيلو ينزل إلى الماء ثم يرتفع عاليا وكأنه يمارس لعبة ما،وحين سألت مرافقنا عنه قال إنه ينزل إلى الماء لغرض صيد الأسماك الصغيرة ثم يطير بصيدته،وعن طيور الحبارى يقول لعيبي إنها في  الكيلو 25  المحاذي لإيران،ثم  لاح لنا سرب جميل من طائر الزركي الذي يمارس لعبته الجميلة مع الماء وكأنه يراقصه بفرح،طيور لم أرها ولم أعرفها.
 ويبين لنا أحد الصيادين أن في الهور أكثر من 80 نوعا من الطيور ، منها الكركي ودجاج الماي والبرينجي الذي سميت إحدى الألعاب باسمه  ، ولكن الطيور انخفضت بعد عملية تجفيف الأهوار التي قام به الديكتاتور والتي تعد عملية إبادة جماعية بحق ثروتنا المائية والسمكية والحيوانية والطيور، كما يقول الصياد جمعة كاطع.
الدولة وعلف الجاموس
نزلنا على (عزيب) وهي محمية مؤقتة للجاموس تضم أكثر من خمسين جاموسة ،استقبلنا صاحبها بكلمة (كواكم الله)، أي يعني الله يساعدكم. يقول حسن علياوي  إن مديرية الزراعة لا تزودنا بالعلف الكافي فضلا عن غياب الرقابة الصحية للحيوانات، حيث لا وجود لفرق صحية تزور تلك المناطق  ،ويضيف إن سعر الحليب لا يسد ثمن العلف(النخالة) إضافة إلى عدم  وجود طلب عليه أصلا في تلك المناطق، بحيث يبلغ سعر الخمسة أرتال من الحليب ثلاثة آلاف دينار، في حين يبلغ سعر كيس العلف البالغ (35)كيلوغراما  بـ(13) ألف دينار،وعن الأمراض التي يعانيها الجاموس هي أبو طرير وأبو حنيجير الذي يصيب البلعوم،وعلاجها يقول الراعي هي بالذهاب إلى العيادة البيطرية وشرح حالتها للمضمد وتزويدنا بالعلاج مقابل ثمن، والمرغوب من الجاموس  هو في جمالية قرونها، ويضيف علياوي انه سيضطر لبيع ذلك الجاموس لأنه لا يقدر على الاستمرار بشراء العلف من السوق والدولة لا تزودنا بالعلف الكافي لأنه استلم نصف طن من الدولة في الوجبة الأخيرة ولأكثر من خمسين جاموسة ،وهذا لا يعقل،فضلا عن معاناتهم مع من يدعون بأنهم أصحاب الأرض الذين يطالبونهم بأجر شهري قدره مليون دينار ،على الرغم من كونها هوراً ويعد ملكا للجميع.
سرقة الآثار ووعود الساري
ونحن نسير باتجاه قرية عشيرة نصر الله لاحظنا وجود بقايا لآثار شركة مهجورة وحين سألنا أبناء المنطقة تبين بأنها بقايا من مقر لشركة لبنانية كان لديها مشروع لبناء وحدات سكنية في تلك المنطقة ،لكنها قامت بالتنقيب عن آثار في تلك المنطقة وقامت بسرقتها والهروب بالآثار السومرية مع أموال المشروع دون أن تنفذ العمل ،كما يقول أهالي المنطقة . وقد كلفها بالعمل الوزير السابق لشؤون الأهوار والنائب الحالي حسن الساري.
يقول المواطن علي حسين جبر إن الظلم الذي يلحق بنا لا يشابهه أي ظلم آخر وعزا ذلك  إلى  المجلس البلدي للناحية، مضيفا إن الشركة اللبنانية كان يشرف عليها الوزير السابق لشؤون الأهوار حسن الساري ، وقد عملت الشركة لمدة ستة أشهر بعدها تدخل المجلس البلدي لناحية الخير في العمل وبدلا من أن يصبحوا جهة رقابية تحولوا إلى جهة(حرامية)،  وهذا ما جعل الشركة اللبنانية تقوم  بسرقة المال والهروب،والآن جاءت شركة إيرانية وهي الآن تبني موقعاً لها .
ونحن نتحدث أشار جبر إلى تلال محفورة ، وقال إنها الموقع الأثري الذي قامت بحفره الشركة اللبنانية وتمت سرقة ما فيه من آثار وكنوز نفيسة تعود للحضارة السومرية.
عودة الإقطاع
لا بد أن تتحسر وأنت تشاهد حال عوائل تلك القرى،بيوت من غير أثاث ،أفرشة ملقاة على خشبة أرضية،موقد نار مكون من ثلاثة طابوقات  سوداء يعلوها قدر أسود ،هذا هو المطبخ  في تلك البيوت،الجواميس والأبقار والدواجن الأخرى تعيش في نفس بيوت الطين التي يعيشون فيها.
أكد المواطن علي حسين جبر أن هناك ثلاثة شيوخ منتفعين في عهد الديكتاتور وحتى  الآن يقومون بقطع قنوات الماء ومنعه من تغطية ما تبقى من الأهوار بالتعاون مع المجلس البلدي بذريعة أنها أراضيهم ،وهذا الكلام يشمل القناة الخامسة فما فوق ، وهم الآن يقومون بزراعتها ويرفضون أن تعود المياه لتلك الأهوار،  وبالتالي يحرمون الناس من مهنتهم الرئيسية وهي صيد الأسماك والطيور، مضيفا: وهذا يعني عودة شيوخ الإقطاع الذين يرشون المجلس البلدي بحصة من الزرع ويمنعون وصول المياه لأهوارنا،علماً- والحديث للمواطن -إن المجلس البلدي في الناحية غير منتخب من المواطنين لأنه لم تجر أي عملية انتخابية في الناحية منذ تأسيسها إلى يومنا هذا،ويوضح  المواطن عباس عبيد علي بأن جميع القرى المنتشرة على طول نهر العز وعلى مسافة 30كم من النهر لا وجود لمتوسطة لجميع القرى المنتشرة على النهر ولا وجود لإعدادية في عموم الناحية،لذا تجد أولادنا يصلون إلى الصف السادس الابتدائي ويقومو ن بترك المدرسة،علما أن المدرسة الابتدائية تبعد ستة كيلومترات عن القرية ، وهذا يعني أن الأطفال يقطعون كل هذه المسافة،علما أن سكنة تلك الناحية  أغلبهم من المجاهدين والمنتفضين ويعانون من البطالة والفقر.
عوائل  من دون هويات
وناشد المواطن علي سعد كاظم الوزير السابق  حسن الساري بتحقيق وعده الذي قطعه لموطني الناحية ببناء البيوت للمجاهدين،ويقول المواطن شاهدنا الوزير السابق على التلفزيون مع رئيس الوزراء وهو يقول له: حققت إنجازاً في ناحية الخير بنسبة 90%،ووصف كاظم  الأمر بالنكتة والضحك على الذقون ، موضحا بأننا لا نمتلك مياهاً صالحة للشرب ولا طرقاً معبّدة ،والناحية المسماة بالخير يملأها الفقر.
المواطن مهند خالد محسن دخلنا  بيته الطيني الذي يطلق عليه محلياً(الجمالي) وهو أب لخمسة أطفال يقول بأنه لا يمتلك بطاقة تموينية ولا هويات أحوال مدنية له وللعائلة ،لأنه حارب ضد النظام وهارب من الخدمة العسكرية ولم يحصل على هوية الأحوال المدنية وتزوج بعقد سيد،مضيفا إنه حين يراجع على الهوية لعمل عقد تطالبه الدوائر بالرشاوى لتمشية معاملته، في حين إنه لا يمتلك المال الكافي لتسيير أموره العائلية ، فكيف يدفع لهم الرشاوى ؟!

وإلى حكاية أخرى من حكايات هذا وطني

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram