منذ ان قرأت الخبر الجديد عن اعتبار يوم 20من آذار يوما عالميا للسعادة حسب توصيات الجمعية العامة للامم المتحدة التي اصدرت القرار في دورتها السادسة والستين بتاريخ 28 حزيران 2012 الماضي وانا افكر في كيفية الاحتفال بهذا اليوم كنوع من محاولة كسر رتابة ايامنا خاصة وان اعضاء الجمعية سيعملون على وضع تدابير اضافية تجسد اهمية السعي الى تحقيق السعادة والرفاه وحسب ثقافة كل شعب..
ولأنني عراقية فقد تحمست لهذا العيد لا لأننا محرومون من السعادة فالسعادة كما يقول احد الحكماء تنبع من داخل الذات ونحن العراقيون نمتلك ارواحا قابلة للتجدد والرغبة في اعتناق الحياة بعد كل ازمة واذن فنحن نمتلك رصيدا كبيرا من السعادة داخل ذواتنا المتجددة، لكنني وجدت في تحقيق السعادة من قبل الامم المتحدة هدفا انسانيا لأنه يرتبط حتما بتحقيق توازن اقتصادي يحقق تنمية مستدامة ويقضي على الفقر ويضمن السعادة والرفاه لجميع الشعوب..
قبل كل شيء قررت ابلاغ زميلاتي في العمل بوجوب التفكير في شيء خاص للاحتفال باليوم العالمي للسعادة فربما نقوم بسفرة الى متنزه قريب او نخرج لتناول الطعام في مطعم وهو افضل احتفال للعراقيين حاليا كما حاولت التفكير في الطريقة التي سأسعد بها عائلتي اكثر من القيام بكافة شؤون المنزل ومتابعة دروس الاولاد والاهتمام بالزوج..وخرجت من العمل وانا مليئة بالحماس وفجاة اغلقت الطرق والتقاطعات كلها دون معرفة السبب كما في كل مرة فحاولت التجمل بالصبر على التاخير والانتظار في سيارة الاجرة بالتفكير في اليوم الموعود الذي سيحتفل العالم اجمع فيه بالسعادة لكن الانتظار طال والازدحام وصل حدا لاسبيل الى تجنبه الا باللجوء الى رياضة المشي..
وهكذا سرت بين مئات السائرين في افواج تضم الكبار والصغار والموظفون المرهقون والموظفات اللاتي تركن اولادهن في المدارس والروضات والحضانات وكان بين السائرين مرضى ومتاخرون عن اشغال هامة وغير ذلك..ولأن الطريق بدا طويلا وبلا نهاية فقد خضت حديثا مع امراة بدت متنورة،وحين علمت انها باحثة نفسية حاولت استعادة حماسي للتغلب على آلام قدمي فقررت اخبارها بتخصيص يوم للسعادة لكنها سبقتني بالحديث عن تقرير جديد صادر عن منظمة الصحة العالمية يؤكد بان آلاف العراقيين يعانون من امراض نفسية اغلبها يتم التكتم عليه بسبب الخجل والخوف من الوصمة الاجتماعية وان سببها الحروب والاقتتال الطائفي، وتؤكد المنظمة ان اثنين من كل خمسة مواطنين يعانون من مشكلات نفسية كالاحباط وفقدان الامل في المستقبل فيما اكدت وزارة الصحة العراقية ان مستشفيات الامراض النفسية في العراق تستقبل شهريا 10 آلاف مصاب بالقلق والاكتئاب والاضطرابات النفسية كما يعاني الكثير من اطفال العراق من حالات نفسية مثل الخوف بسبب مشاهد العنف في الواقع والتلفزيون وان عدد الاطباء النفسيين القليل في العراق لايكفي لتخفيف آلام العراقيين مما تجرعوه من ويلات الحروب..
تفاقمت آلام قدمي وبدا الطريق بلا نهاية فيما استرسلت الباحثة تقول ان نسبة الامراض النفسية في البلاد بلغت 18,6بالمئة فاذا احتسبنا عدد العراقيين (32)مليونا فأن نسبة المصابين بالامراض النفسية (ستة ملايين) ولو اخذنا المصابين منهم ب"فصام العقل "وهم حسب النسب العالمية 0,85بالمائة فسيكون رقما مفزعا (300) الف مريض بفصام العقل!!!
لم اعد احتمل حديث المراة ولا آلام قدمي ورغم ان الطريق مازال طويلا فقد اعتذرت من المراة وعبرت الى الرصيف الاخر لاكمل مسيرتي ولم يعد يشغل ذهني الاعداد للاحتفال بالسعادة بل محاولة الحفاظ على ماتبقى من صبري وتماسك اعصابي لكيلا اصبح رقما جديدا يضاف الى مرضى النفس في العراق!!
يوم عالمي للسعادة
[post-views]
نشر في: 18 مارس, 2013: 09:01 م