"المرأة الأسيرة ـ التي يتم إنقاذها، بطبيعة الحال أصبحت عالمياً منذ زمن طويل الساردة للأحداث. كان للإغريق شخصية هيلين، وللرومان امرأتهم أيضا وهي سابين، وكان للفرسان البريطانيين نساؤهم الشقراوات. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك رواية جيمس فين

"المرأة الأسيرة ـ التي يتم إنقاذها، بطبيعة الحال أصبحت عالمياً منذ زمن طويل الساردة للأحداث.

كان للإغريق شخصية هيلين، وللرومان امرأتهم أيضا وهي سابين، وكان للفرسان البريطانيين نساؤهم الشقراوات. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك رواية جيمس فينيمور كوبر، "آخر الموهيكان"، وقد تحولت هذه الرواية، بمرور الأعوام، إلى قصة وطنية، وهي تحكي عن شخص غير متمدن يخطف امرأة متحضرة، محوّلين إياها إلى ثقافة أخرى.

(وهناك أيضا رودولف فالينتو في فيلم "الشيخ"، وطرزان في "طرزان والقرود" ودانييل داي لويس في فيلم، "الموهيكانز".)

وعلى أية حال، فإن الأسطورة والحقيقة، أمران مختلفان. موضوع يجعله، كلين فرانكل، أمرا واضحا في بحثه الأخير بعنوان: "الباحثون". وهو يستخدم في تحليله، فيلم المخرج جون فورد الذي أنتج عام 1956 ـ الباحثون، كأساس للمقارنات ما بين الحياة الحقيقية لفتاة شابة رائدة، والأسطورة التي تمسك بها صناع السينما، وجدّدوا أحداثها عاما بعد عام. وبحثه هذا يقدم رحلة ساحرة من الخيال إلى الحقيقة، من الأسطورة الممجّدة إلى حدث وحشي.

ففي عام 1836، وفي الـ 19 من آذار بالتحديد كانت عصبة من المهاجمين الهنود الحمر قد هاجمت مؤونة عائلة في شرق تكساس، قتلوا خمسة من أفرادها، وسلبوا كل في المكان من طعام وحاجيات أخرى. وغادروا المكان ومعهم خمسة من الأسرى، إحداهن كانت فتاة في التاسعة تدعى "سينثيا آن باركر". وفي التاسع من كانون الأول عام 1860 وبعد المعركة الدموية في "بيز ريفير" بتكساس، تم أسر سينثيا، وأعيدت إلى عائلتها. وما حدث ما بين 1836 و 1860، غير معروف بشكل عام، ولكن ماذا تقول الحقائق. وقد تتبع الباحث حياة سينثيا، تم أسرها مرتين، وفي كل مرة كانت تخضع لقيم وعادات مختلفة تعيد تركيب شخصيتها من أجل التكيف مع الحياة الجديدة، دون أي اهتمام بمشاعرها الخاصة.

لقد بدأت سينثيا حياتها فتاة بيضاء تعيش في تكساس، ولكنها بعد العودة إلى مكانها الأول، كانت قد تحولت إلى هندية حمراء.

ويسبر الباحث الأعوام الأربعين من حياتها. فهي قد تزوجت أحد المقاتلين الهنود وأنجبت له ثلاثة أطفال. وعلى الرغم من تواجد ابنتها الرضيعة معها، عند إعادتها إلى تكساس، فإنها لم تر مطلقا ولديها بعدئذ. وتوفيت وهي شقيّة، لا تحس بالأمان، متشوقة لرؤية ولديها، دون أن تحس بالسعادة لعودتها إلى موطنها الأصلي.

وقد حاول أحد أبنائها وهو، "كوانا باركر" البحث عن والدته، ومن ثم عن أقاربه البيض، مستغلا تلك القرابة لجمع العالمين معا: الهنود الحمر والأمريكيين البيض.

وقصة سينثيا، تحولت إلى رواية بعنوان، "الباحثون"، عام 1954. ونجحت تلك الرواية وتحولت إلى فيلم مغامرات ـ الغرب الأمريكي، ومن إخراج جون فورد. وقد غير المخرج اسم الشخصية من آموس إلى إيثان، التي مثلها على الشاشة، جون وين ـ الذي تحول كما القصة إلى أسطورة أمريكية. وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، خاصة أن جون فورد، نجح في توصيل معان عميقة إلى المشاهد، دون الاعتماد على حوار الشخصيات. إن الجمع ما بين أسلوب جون فورد السينمائي وجون وين، رفع "الباحثون" إلى قمة أفلام الغرب الأمريكي، (الويسترن). وقد أشاد النقاد بغموضه، وجمال المشاهد الطبيعية، وبالبطل الأسطوري.

وفيلم، "الباحثون" ليس الوحيد في تناول موضوع المرأة البيضاء التي يتم أسرها من قبل سكان أمريكا الأصليين، فهناك أفلام أخرى ومنها، "سنارة جندي" بطولة باربرا ستانويك (1957) و"محطة الكوماشي" (1960) بطولة راندولف سكوت و "القمر المتربص" 1968"،  حيث يساعد عزيكوري بيك امرأة بيضاء تهرب من ابنها الذي ينتمي إلى جنسين، وكذلك فيلم "رقص مع الذئاب " (1990) بطولة كيفن كوستنر، حيث يعثر على فتاته بين الهنود الحمر، وأخيراً ثلاثة أفلام مأخوذة عن "آخر الموهيكانز" (1920، 1936، 1992).

وعلى أية حال، يبقى فيلم جون فورد هو الأساس، الذي تناول المستوطنات التي بدأت في أمريكا وقضية الهنود الحمر والوحشية والقسوة التي استخدمت في سبيل ذلك الأمر.

عن لوس أنجلس تايمز