لفت نظري الزميل ميثم لعيبي في عموده ليوم 12/3/2013 بالمثل الشعبي الذي تردده والدته (الراد كله فاته كله) في ما يتعلق بالموازنة على أنها موازنة ترضيات وليس استحقاقات، وهكذا كانت موازنة 2012 والتي قبلها. وبعد عشر سنوات نلاحظ أن ما يصرف للنقل والمواصلات كما يقول الزميل ميثم 3را% من الموازنة أي ما يعادل اختلاس مسؤولين كبار كما أعلنت النزاهة بنفس اليوم.
هذه المرارة سواء في الترضيات أو الاختلاسات لا تصل إلى نتيجة معها ما دامت عواملها قائمة خصوصاً الموضوعية منها وهي الأموال التي بيد الدولة التي تتراكم سنوياً والمرض الهولندي يتفاقم وليصيب كثيراً من الجهات ولكن يعزز نشاطات أخرى لا تعمل داخل البلد.
فكما معلوم أن النشاط الثلاثي (زراعة صناعة خدمات) يقوم به القطاع الخاص ولكل رجاله وقادته التقليدين وحديثي النعمة. ولكن القطاع الخاص في مجال الخدمات عموماً أصبح مقاولاً للدولة وهذا العمل يضمن الربح السريع من باب عصفور في اليد لسهولة الربح وسرعته. وكل هذه الوتيرة والسرعة والسهولة تكون على حساب الصناعة والزراعة. فصيارفة القطاع الخاص الخدمي هم المتنفذون في هذا القطاع، مما يؤهلهم بالتحكم ومن خلال موقعهم المالي المسيس يستطيعون شئنا أم أبينا أن يمتد ذراعهم بحيث يحددون مستوى العمل والأداء في الصناعة والزراعة، وذلك لأسباب بنيوية أي في كيان الدولة ذاتها.
فالإسلام السياسي كما نلاحظ هو الوريث الشرعي للفاشية أو الدكتاتوريات العربية والتي شكلت الدولة على اقتصاد أحادي المورد أو خدمي.
ولذلك لم ينشأ المشروع التنموي كما حصل في ماليزيا أو تركيا كبلدان إسلامية ومن العالم الثالث. فمثلاً وبعد عقد من الزمان لدينا (خمسة وعشرين ألف قانون) معرقلة لمسيرة التنمية الزراعية أو الصناعية. كما جاء في مؤتمر رجال الأعمال الأول الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى).
هذه القوانين هي القاعدة الموضوعية لبيروقراطية مطلوب منها أن تقوم بإنشاء صناعة وزراعة وتنقلنا من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
كما أن القطاع التجاري (مقاول الحكومة) كما يقول د. مهدي الحافظ ليس من مصلحته أن يكون طرفاً خدمياً لقطاع زراعي أو صناعي خاص سواء على صعيد الصيرفة أو النقل أو باقي الخدمات اللوجستية لأن الحكومة (أدسم وأسرع وأسهل).
كما أن الحكومة وبفضل سياستها الارضائية والنقد الذي تحت يديها تستطيع أن تطفأ نيران كثيرة ولكن ليس تماماً لآن الرش لأزال غير كاف للإخماد. كما أن الإخماد التام تفقد كثيراً من أجهزة الحكومة مسوغات وجودها وهيمنتها وحالة طوارئها.
حيث تختلط الأوراق يومياً لنعود للمربع الأول الذي يقتات عليه البيروقراطيون ومقاولوهم. وتصبح هذه دورة الإنتاج لديهم.
فالقطاع الخاص الزراعي والصناعي لا يمكن احتواؤها أو حتى التعايش معها في ظل البيروقراطية ومقاوليها. إن لم يكونا نقيضين يعيش أحدهم على حساب الآخر وهذا الصراع يهدف كما حصل في كل مشاريع التنمية أن يكون القطاع الخدمي بجناحيه الخاص والعام أي الحكومة ومقاولها في خدمة القطاع الأول الزراعي والقطاع الثاني الصناعي. فكيف تسيد القطاع الثالث الذي هو تاريخياً واقتصادياً هو داعم لوجستي؟ وهذا رمز التنمية المشوهة فرجال الأعمال صناعيين أم زراعيين يتوجب أن لا ينجروا إلى لعبة مقاولي الحكومة. ويفتحوا أسواقنا للاستيراد العشوائي باسم حرية التجارة أو تصدير العملة بذات العنوان. ونحن نراوح حيث ندفع أربعة تريليون دينار لمعامل وزارة الصناعة في حين هي المفروض أن تربح والتي هي تحت سيطرة الجهاز البيروقراطي حليف الصيارفة والمقاولين. وحتى المشاريع الناجحة لا تدعم من قبل البيروقراطية وحلفائها كما حصل مع معامل السمنت والطابوق مثلاً.
كما أن عليهم ليس الاكتفاء بالمؤتمر الأول ليكون مجرد عملية إسقاط فرض تستثمره أطراف الصراع. بل وضع جداول زمنية وخطوات عملية تنزل للشارع السياسي أيضاً.