TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حكومة المعارضة السورية

حكومة المعارضة السورية

نشر في: 19 مارس, 2013: 09:01 م

خطت المعارضة السورية خطوةً جادةً وناجحةً، في مسيرتها الطويلة ضد نظام الأسد، حين انتخبت غسان هيتو ليكون رئيساً للحكومة المؤقتة، التي ينتظر استقرارها بعد تشكيلها داخل الاراضي السورية، وهي خطوة رئيسة، من حيث وضع الأطر التنظيمية للمعارضة، وبحيث تكتسب المزيد من الشرعية، تنضاف إلى الاعتراف بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة، الذي انبثقت عنه هذه الحكومة، التي يرى البعض ان تشكيلها سيقلص فرص الحوار مع نظام الأسد، ويتجاوز دعوة أطراف دولية وإقليمية، لتشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها ممثلون عن النظام.

قبل الكشف عن أسماء أعضاء حكومة هيتو، لابد من الإشارة إلى أنها تحظى بدعم الجيش السوري الحر، الذي اعتبرها الحكومة الشرعية، وكذلك حصول رئيسها على أغلبية أكثر من مريحة، ومن الجولة الأولى للعملية الانتخابية، وبما يعني أنه توافقي يتمتع بالدعم من مختلف أطياف المعارضة، التي أثبتت تجاوزها لمقاييس الحكم الاحتكارية، التي سادت سوريا منذ ما يقارب النصف قرن، وهي اعتمدت معيار الانتماء لسوريا الوطن والدولة، بغض النظر عن الإنتماء العرقي أو الطائفي، حين اختارت دمشقياً يتحدر من أصول كردية، يؤكد دوماً أن الولاء يكون لسوريا أو لايكون، وهو بحكم كونه غير منتم إلى أي فصيل سياسي أو حزبي، سيجد نفسه حراً ومستقلاً في اتخاذ القرارات، بعيداً عن الحساسيات، وبمسافة واحدة من الجميع.

يبدو أن ائتلاف المعارضة اعتبر باختياره هيتو، أن الأولوية هي لجهود الإغاثة، التي أمسك الرجل بملفها، ما أهله الإلمام  بالإمكانيات من جهة، والاحتياجات منa الجهة الثانية، وبالتالي إدراك أهم التحديات التي تواجه حكومته، وليس سراً أن كل شبر في سوريا، وكل مواطن فيها، يحتاج إلى الإغاثة والمساعدة والدعم، ابتداءً من رغيف الخبر وتنكة المازوت وحبة الدواء، وصولاً إلى وضع خطط إعادة الإعمار، وفرض الأمن الذي انفلت خلال العامين الماضيين من كل عقال، كما يبدو أن اختيار هيتو القادم لموقعه من حي الأكراد الدمشقي، يستهدف طمأنة المكون الكردي، خصوصاً وأن المتوقع أن تنطلق حكومته، أو تستقر مؤقتاً، في المناطق المحررة في شمال البلاد، وهي مناطق شهدت توترات بين القوى السياسية الكردية والعربية. 

يأخذ البعض على رئيس الحكومة الانتقالية، غيابه الطويل عن البلاد، ويخشى هؤلاء تأثير ذلك على تعاطيه مع الشؤون المحلية، كما يأخذون عليه افتقاره للخبرة السياسية، وهم يؤكدون في هذا الإطار أن من مهام الحكومة العتيدة ألتأسيس لشرعية جديدة، تواجه النظام القائم، وتكون قادرةً على نزع أي شرعية يدّعيها، وهذا أمر بحاجة إلى حنكة سياسية، قادرة على كسب ثقة المواطن السوري أولاً، والتعاطي خارجياً بما يؤكد هذه الشرعية، على المستويين العربي والدولي، وإذا كان البعض يتهمونه بالعمالة لسياسات واشنطن تجاه المسألة السورية، وبأنه موظف في مجلس الديمقراطية الأميركي، فإن الواضح أن ذلك يتم على اساس الخلافات بين أطياف المعارضين، وقد سبق ذلك تهام معارضين آخرين للنظام بأنهم موظفون في ذلك المجلس، ولعل البعض يستند إلى إقامته الطويلة في الولايات المتحدة.

غسان هيتو الذي أرسل إبنه إلى سوريا، للمشاركة في الأعمال الإغاثية، منذ اندلاع الثورة كان ناشطاً في المجالين الإنساني والسياسي في أميركا، شارك في تأسيس "تحالف سوريا الحرة"، الذي استهدف دعم تطلعات الشعب السوري، في الحرية والعدالة والحريات المدنية واحترام القانون، وشارك في تأسيس "هيئة شام الاغاثية"، التي عملت دعم الشعب السوري، ورفع المعاناة عنه وتأمين حاجاته الأساسية، كما أسس "وحدة تنسيق الدعم الاغاثي والإنساني في ائتلاف المعارضة"، التي عملت عبر الحدود التركية على إيصال المساعدات الى الداخل السوري، والواضح هنا أن إيجابيات الرجل التي نعرفها، أكثر من سلبياته التي سمعنا عنها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram