TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حرب العراق، تربيع الدوائر

حرب العراق، تربيع الدوائر

نشر في: 22 مارس, 2013: 09:01 م

أول من أمس، كان هاجس الصعقة وارداً، والأخبار تترى عن احتدام الصراع بين القوى، واحتمال نشوب حرب أهلية بين هذي الطائفة وتلك، وهذا الكيان وذاك.
أول من أمس،، كلما فض الهاتف ختم صمته بترنيمة، وجدت على الطرف الآخر من الخط من يدعوني لمشاهدة البرنامج البريطاني العريق(بانوراما) على قناة الـ..بي.بي.سي.. والمناسبة؟ مرور عشر سنوات على اجتياح العراق، وتحريره من؟!
من الظلم إلى الجور، من الخوف من شبح مرئي، إلى الفزع من أشباح غير مرئية؟، من فساد في الخلق، إلى فساد في الخلق والذمم؟،
الجواسيس يضللون العالم، اسم البرنامج يفتح الشهية للجلوس حول المائدة لتناول العشاء المسموم المزين بالقشطة والسكاكر.
بكامل الوعي أتهيأ لمتابعة البرنامج. أتوسم موقفا أخلاقياً، إنسانياً، شجاعاً، يعلن على ألسنة الدهاقنة، يحلل ما جرى؟ ولماذا؟ وصولا لما سيجري، وكيف؟ فلا أجد إلا الأضغاث مكررة ومستعادة.
يبدأ البرنامج بمشهد لبغداد تحترق بوابل من نيران الراجمات والصواريخ،  (350) ألف  طن من المتفجرات،زخت على عاصمة القلب، يليها صمت وغرق في الظلام، قصفوا كل ما من شأنه أن يضيء! وأول الأهداف (توهج نور العراقي). ويا للعجب، فقد تحاشوا قصف آبار النفط، الذي ظل متدفقاً في السلم والحرب!!
ليس في البرنامج المخضرم من جديد. الشخصات التي اختلقت الإدعاءات نفسها، بوش وتابعه بلير، ديك تشيني وتابعه رامسفيلد، تتبعهم بقية الشلة كقطيع ضال.،
بلير فزع ومرعوب ومستوفز، زائغ النظرات، يعيد ما كرره آلاف المرات، من دون ألم أو ندم أو اعتذار، بوش الابن بابتسامته اللزجة يتمطق الكلمات كمن يلوك علكة مسكرة، هانز بليكس (الذي قاد فريق التفتيش عن الأسلحة، يعلن: لم نجد أسلحة للدمار الشامل)!
أظهر الفيلم طاهر الحبوش (رئيس الاستخبارات حينذاك) يدفع تهمة امتلاك أسلحة دمار، كما ظهر ناجي الحديثي مهموماً مثقلاً بالملفات يدفع بأقصى ما يستطيع فرية امتلاك العراق للأسلحة الفتاكة، د. إياد علاوي يدفع عنه الشبهات بمبتسر الأجوبة..
بعض الضيوف، اكتفى البرنامج منهم بكلمة أو بكلمتين. هل وجدتم أسلحة دمار شامل؟؟ لا.هل كان ثمة تهديد للعالم خلال الأربعة والعشرين ساعة _ كما صرح بلير؟؟ لا. قطعا لا. هل تم تجاهل أصوات الملايين التي غصت بها الساحات لمتظاهرين يشجبون التحرك لضرب العراق؟ بالتأكيد. هل كان يمكن تجنب وقوع الحرب؟ ربما. هل ارتوى غليل أعداء العراق من تدمير العراق؟  لا.. ليس بعد!
الملفت للنظر، تركيز البرنامج على شخص عراقي الملامح، يظهره البرنامج في أكثر من لقطة، مبتسما، ضاحكا، متضاحكا، يقال إنه كان الوتد الذي بنيت عليه مبررات  الحرب! عجايب. هل يعقل أن يضلل شخص أو ثلة أشخاص، مخابرات أعتى دولتين، بإمكان أجهزتهما التنصت حتى على ما يدور في الصدور؟
أما والحرب غدت تاريخاً، ومجرد برنامج على شاشة، أما كان جديرا ببرنامج عريق أن يظهر بموضوعية أعمق، وبحكايات مفبركة لا تنطلي حتى على أغبى الأغبياء؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram