اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في البحث عن الإمام

في البحث عن الإمام

نشر في: 23 مارس, 2013: 09:01 م

أبتدئ من دعوة سرمد الطائي في مقاله الأخير المثير للجدل بالمدى "من سيصلي خلف الصدر؟" فأقول: إن علي بن أبي طالب صلّى بإمامة أبي بكر الصديق، وصلى خلف عمر بن الخطاب، ولا أظنه لم يصل خلف عثمان بن عفان أيضاً، وهذا كلام أسوقه نقلاً عن شيخ حوزوي صديق، ثقة ثبت اسمه حسين المياحي، يدرس العلم الديني على المذهب الجعفري وبمراتبه العليا في النجف، وأحد أساتذته الشيخ المرجع بشير النجفي، فقد قال لي قبل نحو سنة حين سألته ما إذا كان الإمام علي قد صلى بإمامة أبي بكر، بالحرف الواحد "نعم صلى بإمامته"، وقد أثلج المياحيُّ صدري بكلامه هذا، لأني كنت أبحث عن سند شخصي آخر للحديثَ المرويَّ عن الرسول وهو حديث صحيح 100% والذي يقول نصّهُ في كتب المسلمين كافة "...ما كنا نعرف المنافقين إلا بتركهم الجماعة وببغضهم لعلي". وعليُّ غير تارك الجماعة، وهو الذي أشار على عمر بعدم الذهاب لحرب القادسية قائلاً "أنت بيضة المسلمين إنْ قُتلتَ انكسرَ جيشُهم".
وهذا كلام ينفتح على اتجاهات عدة أولها الفصل بين الدين والسياسة، وآخرها الفهم الجديد للحياة من خلال الدين، إذا ما تذكرنا موقف الإمام علي من الخلافة التي صارت إلى أبي بكر، وما صلاته خلفه إلا تأكيد على أن قضية الدين شيء والحكم والسياسة شيء آخر.
والسخف كل السخف لمن يقول بأن عليا إنما كان يمارس نوعا من (التُقية)، لأنه القائل "سأبقر بطن الباطل حتى أُخرجَ الحقَّ من خاصرته" لما عرف عنه من شجاعة وصدق وثبات، هو أبو الحسن، أليس كذلك؟
وأعود لجملة "الطائي" الكبيرة، من سيصلي خلف الصدر؟ وأستمتعُ بكلمة الصدر نفسه "أنا سعيد، وأشعر أنَّ أسرتي وأجدادي الشهداء سعداء أيضاً، لأني صليت خلف إمام جامع عبد القادر الكيلاني". وهذا لعمري من أصدق واخطر الكلام، لم يسبقه إليه أحدٌ من علماء الشيعة، على الرغم من أننا شهدنا صلوات مشتركة كثيرة في بغداد والبصرة وسواهما أيام الحرب الطائفية بين عامي 2006-2007 لكنها آنذاك لم تكن لتمتلك أرضيتها الحقيقية، بل ظن البعض من المتابعين أنها تندرج ضمن حيل وألاعيب السياسة، لكن البيان اليوم الذي أتى من الصدر يؤكد جوهر الفصل بين الديني والسياسي، إذا ما تأكد لنا انَّ دولة دينية (بالمفهوم التام لها) لم تقم منذ وفاته (ص) وكل ما تقلب في التواريخ من قصص وأحاديث إلى اليوم إنما هو ضحك على الذقون، وتمزيق للشمل، وفرقة لا معنى لها، وكل كلام في ذلك محض كذب، لأن الحقيقة تقول إنَّ الدين شيءٌ والسياسة شيء آخر .
والصدر يدرك ذلك. وهو الأشجع على قول كهذا، وما في صلاة أمير المؤمنين خلف أبي بكر الصديق منقصة لدين، لكن فيها من الحكمة في السياسة والصلاح الشيء الكثير.
في مسجد سيّدنا الحسين بالقاهرة منذ شهرين تقريبا، أخذ بلبي صوتُ مقرئ القرآن، بل لأقول ما كان صوتاً من أصوات أهل الدنيا، كان مناداةً شجيةً عذبةً، أخذتني من مجلسي تحت إحدى اسطوانات المسجد، لأقف دونما إرادة مني، مصلياً خلف الصوت ذاك، الصوت الذي جعلني أميل طرباً مع التلاوات الرطبات بالذكر الحسن الجميل. لكني وبعد فراغي من صلاة الظهر في المكان المهيب هذا، تذكرت أمر صديقي البصري الذي تغلّب عليه مذهب محمد بن عبد الوهاب قبل نحو من 20 سنة فأنساه صداقتي. كان رجلا طيباً نزح وأسرته من الفاو أول أيام الحرب مع إيران، وظل متديناً لا يذهب بدينه أبعد من الصلاة والصيام وقراءة القرآن وحفظ الحديث. كنت أذهب معه للمسجد في بلدة الزبير أصلي معه بإمامة شيوخه، لكن تطرفه كان سريعاً، فقد أطال لحيته وقصّر من ثيابه واعتمر أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أراه فيها كان يتغير، ويزداد تشدداً، ثم أنه راح يعتقد بفساد عقيدتي، لم يستطع العيش معنا، كان صوت جلاّده الديني أقسى من بساطته وسجيته التي جلبها معه من الفاو القديمة. ذهبت سماحة وجهه وقطّب بين حاجبيه، فهو لا يأكل من ذبيحتي ولا يشتري اللحم إلا من قصّاب متشدد يعرفه، لم يتمكن من حياة أرادها الله لنا معاً، كان يريدها له وحده ولو وجد من شيوخه من يأمره بقتلي لفعل، من يعلم؟ لذا رحل مع نفر من أسرته إلى الكويت ومن هناك انقطعت أخباره عني، لا أعرف أين هو اليوم، لكني أتطلع إلى يوم أجده فيه وقد ذهبت غمامة تشدده، لأقول له الآية الكريمة، وبما ينطبق مع سعادة السيد الصدر تلك "لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ". ترى ما الذي يمنع القائمين على قتلنا من إدراك معاني الكلام الجميل هذا؟
أيها الأخ العزيز، يا أيها السيد الصدر، نقول: إذهب وصل بإمامة من ترى من الناس، وإن استطعت أن تشتق لنا مذهبا، أي مذهبٍ، شريطة أن يوحدنا على حب الله والوطن والعيش الكريم، فافعل، وإن لم تجد بين مريديك من يتبعك على شرعتك هذه، فنحن معك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سبيل الخير محمود

    لقد سلك الكاتب مسلكا وعرا في هذا المقال، وكنت أتمنى عليه أن يبقى بعيدا عن الخوض في أمثال هذه المسائل (تصحيح الأحاديث بدون دراية، توثيق الوقائع التاريخية من خلال آراء سطحية للبعض، تفسير تصريحات السياسيين (ومقتدى زعيم سياسي في النهاية) تفسيرات فكرية تمس إش

يحدث الآن

اليوم ..خمس مباريات في انطلاق الجولة الـ 36 لدوري نجوم العراق

بدء التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية

"واتساب" يختبر ميزة جديدة عند الفشل بارسال الصور والفيديوهات

تطوير لقاحات جديدة للقضاء على الحصبة نهائياً

الأونروا: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram