TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بشّـركـم الله بالخيـــر

بشّـركـم الله بالخيـــر

نشر في: 24 مارس, 2013: 09:01 م

كنت من بين المتكدرين وما أكثرهم في هذا البلد الذي تقوده حكومة فاشلة ومشلولة عن القيام بأي فعل يجعل الناس تنام بأمان مثلما ينام أهل الخضراء لياليهم. كدر يرافقه يأس من حاكم عديم الإحساس بالمسؤولية، وخوف من اندلاع المعارك الطائفية التي يتحينها مجرمون من الطائفتين لا تعرف قلوبهم الرحمة بالناس.

هكذا كنت فاقدا لأي أمل حقيقي لدرئها، بعد أن غسلت يدي للعكس ممن أناط بنفسه الداخلية والدفاع والأمن والمخابرات والقوات المسلحة وهو لا يهش ولا ينش، حالماً بأن الإرهابيين والطائفيين سيلقون سلاحهم وسكاكينهم وسيوفهم إكراما لعينيه "الساحرتين". صدقة العينه.

لكن، رغم كل ذلك اليأس القاتل والخوف الماثل، لاحت لي بارقة أمل. ليست واحدة بل ثلاث يُبشّرن بالخير:

الأولى، طرد المنادين بالشعارات الطائفية، والصائحين "حربية .. حربية"، وتسليم أربعة منهم إلى القوات الأمنية في ساحة الأنبار من قبل قادة التظاهرات.

والثانية، بيان السيد مقتدى الصدر الذي حمل روحا إنسانية كبيرة. فقمة الإنسانية أن يقر قائد ديني من مذهب بمظلومية أبناء مذهب آخر. لم يكتف الصدر بالكلام، مثلما تفعل الحكومة وأدواتها، بل أقرن قوله بفعل احتجاجي وهو أن طالب وزراء كتلته بالانسحاب من حكومة تحرم، بقرار استبدادي، أبناء مكوّن من حقهم بالانتخابات المحلية.

أما الثالثة، التي نأمل بها خيرا كبيرا، فهي موقف سماحة المرجع الديني السيد علي السيستاني الذي جاء في الأخبار أنه " أفتى بحرمة الدم العراقي بشكل عام والسني بشكل خاص، داعيا الشيعة إلى درء الخطر عن السنة في العراق". هنا أجد نفسي عاجزا حقا  عن انتقاء الكلمات التي تفي هذا المرجع الجليل حقه. إني لا أراها مجرد فتوى، بل سنة إنسانية تفرض على كل المراجع الدينية، خاصة السنية، إصدار نظائر لها. وقد يقول قائل، خاصة من المتأبطين شرا الذين يحزنهم إنصاف الآخر، أن المرجع يعلم، ونحن أيضا نعلم، بأن دم المسلم على المسلم حرام، وهذا لا يحتاج إلى فتوى تؤكده. وردّي أن تحريمه للدم الشيعي بشكل عام والسني بشكل خاص، بهذا الظرف، يضع ألف خط أحمر أمام أي تصرف أحمق من قبل الحكومة. في الوقت ذاته سيقطع الطريق على المتطرفين المتاجرين بدماء السنة باسم الظلم الذي أوقعته الحكومة عليهم ليعيدوا عرض فتنة قميص عثمان بطبعة جديدة لإشباع غرائزهم الدموية.

فيا أيها السيد السيستاني الكبير، ويا سيد مقتدى الشجاع، ويا أصحاب الضمائر الحيّة الذين طردتم عشاق سفك الدماء من بين صفوفكم بالأنبار، بشّركم الله وجزاكم عن العراق والعراقيين ألف خير أيها الخيّرون. ومن أخير وأجمل ممن يلقمون الطغاة ودعاة سفك الدم حجراً في آن؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. المدقق

    لا تنه عن خلق وتاتي بمثله .. عار عليك اذا فعلت عظيم ... نعم ايها الكويتب الجسور , فانت تنتقد سكنة المنطقة الخضراء لانهم يتنعمون بالامن دون باقي الشعب لكنك نسيت ان تنتقد نفسك وانت جالس في عاصمة الضباب lt وكاعد تنظر بروسنة وتثرم بصل gt فان كنت حقا حريص ع

  2. جاسم الاسدي

    امر غريب سرعة التحول من شخص يكيل المدح الى الحكومة والنظام السياسي ومن ثم التحول الى الخندق الاخر والمباشرة بالانتقاد الحاد والشتائم والسبب هو عدم الحصول على مكان تحت الاضواء..هذه هي مشكلة الكاتب فكيف نثق به وبكلامه وندرجه تحت حرية التعبير وهو يعمل في مطب

  3. زياد الخفاجي

    الى المعلق باسم المدقق شوي احترم نفسك واستحي على نفسك يعني ما تكلي ليش دافع على المالكي يعني شسوه امن كهرباء بطاقة تموينية بس انته مستفاد وانتهازي ووهاي مثلك كانو يدافعون عن صدام والاستاذ العقابي معارض وصاحب مبدأ فاحترم نفسك

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram