أسباب كثيرة وراء ظاهرة هروب البنات من منازلهن ... أولها الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها كثير من الأسر العراقية ... حقيقة هناك الكثير من البنات اللاتي يقدرن ظروف الأسرة ويتحملن المصاعب والأزمات ... وهناك من لا تستطيع التحمل فتهرب أو تستسلم

أسباب كثيرة وراء ظاهرة هروب البنات من منازلهن ... أولها الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها كثير من الأسر العراقية ... حقيقة هناك الكثير من البنات اللاتي يقدرن ظروف الأسرة ويتحملن المصاعب والأزمات ... وهناك من لا تستطيع التحمل فتهرب أو تستسلم للتمرد الأهوج للبحث عن طرق غير مشروعة للهروب من الفقر، وهناك ظروف ومشاكل فردية، كالأزمات العاطفية والزواج وغيرها مما يدفع الفتاة إلى الهروب من البيت أيضا وتترك وراءها أسرتها تعاني الأمرين، ناهيك عما يمكن أن يحدث لها من أنواع الانحراف أو السير في طرق قد تقودها إلى ما لا يحمد عقباها. وفي دراسة أعدها مركز الجمهورية للبحوث الأمنية والستراتيجية أحصى المركز 135 حالة في عام 2008، وبالرغم من أن الرقم صغير ربما انه كان يمثل أزمة لعائلات الفتيات الهاربات .وفي عام 2010 سجلت الإحصائية 850 حالة .وفي عام 2011 تعدت الألف ،وفي الأعوام الأخيرة تخطت العشرة آلاف ... وبالرغم من الزيادة المستمرة في عدد الفتيات الهاربات إلا أنه لم يتحرك احد للحد من تلك المشكلة ... وقد أكدت الإحصائية أن 75% من تلك الفتيات من القرى الريفية والأقضية والنواحي البعيدة في حين كانت النسبة الباقية في عدد من الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية في بغداد ونسبة ضئيلة من البنات الهاربات من الأحياء الراقية وكانت دائما المحافظات الشمالية وبغداد والبصرة هي القبلة التي تقصدها معظم الفتيات الهاربات .

لماذا الهروب ؟

السبب الأول والرئيسي الأسرة التي يحدث فيها نوع من التفكك بين الأب والأم في البداية انفصال الأب والأم داخل المنزل إلى أن يحدث الطلاق ... هذا الوضع يجعل الكثير من الفتيات غير قادرات على التأقلم مع هذا الواقع وتفتقد الفتاة الرعاية والحنان اللازمين لها في فترة المراهقة ... عوامل أخرى تكون الفتاة متمردة على الواقع الذي تعيش فيه الذي يشعرها بالإحباط في كل لحظة لأنه لا يحقق تطلعاتها وأحلامها نظرا لمستوى أسرتها الاجتماعي والاقتصادي المتواضع فتبحث عن مكان آخر .. وفي مبحث خاص أكدته الدراسة انه يوجد 15% من الحالات هربت الفتيات بدافع الحب لشاب رفضته الأسرة وفي بعض الأحيان تكون الفتاة  قد أخطأت مع الشاب وتخاف أن تعلم أسرتها بذلك .. وبالرغم من الهروب إلا أن وهم الزواج يختفي بمجرد هروب الفتاة أو بفشل الزواج بعد فترة قصيرة جدا ... وانه أيضا يوجد سبب آخر ويشكل نسبة كبيرة من الفتيات يهربن بسبب إجبارهن على الزواج وان أول شيء تتعرض له الفتاة بعد الهروب هو الاغتصاب وهذا يجعل عودتها إلى منزلها مرة أخرى مستحيلة ، كذلك رصدت الدراسة تأثير وسائل الإعلام والإغراءات التي تبثها الفضائيات التي تنقل للمشاهد حياة المدن السهلة المليئة بالمتع التي يعيش كل من فيها على حريته ويتصرف كما يشاء بينما  الريف ما زال يمتلئ بالأفكار القديمة والصعوبات التي تواجه الفتيات ... في النهاية وجهت الدراسة تحذيراً لكل الأسر العراقية لان الكثير من الآباء والأمهات لا يشعرون بهروب بناتهن ربما إذا اكتشفوا أنهن تركن البيت دون عودة ... حيث أن الهروب يبدأ داخل المنزل حيث يعشن في عالم آخر ... فيجب على الآباء والأمهات أن يحثوا بناتهم حتى لا يقعن فريسة للمجهول وان على الأسرة أن تنشئ الفتاة على القناعة والرضا بالواقع وأن كل شيء مقسوم في الحياة ...

زوج أمها يعتدي عليها 

(ح) فتاة في السادسة عشرة من عمرها انفصل والدها عن أمها وهي في سن صغيرة ... في البداية عاشت مع والدتها وزوجها ... كان زوج أمها يعتدي عليها بالضرب ويعامل أشقاءها من والدتها معاملة جيدة بينما هي كانت تعامل في البيت على أنها درجة ثالثة ... كانت تتخيل (ح) أنها سوف تجد العطف والحنان والرعاية من زوجة أبيها ... لكن للأسف جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وكانت معاملة زوجة الأب أسوأ بكثير من معاملة زوج أمها ... حيث كانت تضربها وتهينها ... في النهاية قررت (ح) الهروب من جحيم زوجة الأب واختارت الشارع لتقيم فيه ... وخرجت من البيت بلا رجعة ...

هربت بسبب الحب

أما (أ) فسبب هروبها هو الحب بعد أن رفضت أسرتها زواجها ممن تحب بحجة انه شاب عاطل عن العمل وانه لا يريد منها إلا التسلية فقط ... وأمام رفض الأب والأم قامت (أ) بحزم حقيبتها في الليل وأخذت كل ملابسها وذهبت إلى حبيبها ليتزوجا عند السيد ... وبعد فترة من الوقت بدأ القناع المزيف يسقط عن وجه الحبيب المخادع ... وبدأ يعتدي عليها بالضرب والسب، وأخذ يطلب منها العديد من التنازلات .وفي النهاية قام بتمزيق عقد السيد وطردها إلى الشارع ... وجدت (أ) نفسها في الشارع ولم تستطع العودة مرة أخرى إلى أهلها خوفا من أن يقتلونها وفضلت العيش في الملاهي والخدمة في البيوت !

لا تستطيع العيش في أسرة فقيرة

( ي ) فتاة جامعية في الثامنة عشرة من عمرها ... تعيش في أسرة مكونة من سبعة أفراد ... والدها عامل بسيط يكسب قوت يومه بالكاد ووالدتها ربة بيت غير متعلمة، وبالرغم من ضيق ذات اليد إلا أن أباها كان يوفر لها الفلوس لإكمال تعليمها ...

لكن (ي) لم تكن تكتفي بكل تلك التضحيات ... لأن طموحها وأحلامها كانت تسبق دائما زميلاتها  في الكلية وتنظر لحالها ... في احد الأيام عادت (ي) من الكلية تبكي بشدة وهي منهارة ... سألتها والدتها عن السبب فحكت لها أنها تشاجرت مع إحدى زميلاتها وأنها عيرتها بمهنة والدها وقالت لها إنهم لا يملكون ثمن الطعام ... حاولت الأم تهدئتها .. لكن (ي) ثارت اكثر واخذت تحكي لوالدتها عن مستوى زميلاتها ... لكنها لم تعد تحتمل نظراتهم لها بأنها أقل منهم وأنها أيضا لم تعد تحتمل الفقر الذي يعيشون فيه ... في اليوم التالي بدأت الأم توقظ أبناءها ليذهبوا إلى مدارسهم ... وعندما دخلت غرفة بناتها لتوقظ (ي) وأخواتها فوجئت الأم بعدم وجودها في السرير ... أخذت تبحث عنها في كل مكان في البيت لكنها لم تجدها . عاد الأب إلى بيته على أمل أن يجد ابنته في المنزل لكنه لم يجدها .. حاول أن يوهم الأم بأن ابنته ذهبت لتشتري بعض الأشياء وسوف ترجع مرة أخرى ... لكن الأم لم تقتنع بهذا الكلام خاصة بعد أن حكت له الحوار الذي دار بينهما ظهر أمس ... طلب الأب منها أن تنتظر في البيت على أمل أن تعود مرة أخرى ... لكن للأسف مرت الأيام والساعات ولم تعد (ي) إلى منزلها .. فذهب الأب ليبلغ الشرطة عن اختفاء ابنته الطالبة في الكلية وهي إلى الآن لم تعد إلى المنزل أو الكلية  !