TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الكرد مستعدون للسلام

الكرد مستعدون للسلام

نشر في: 24 مارس, 2013: 09:01 م

أكد بيان الزعيم الكردي التركي المسجون عبدالله أوجلان، أن وقت نزيف الدم قد حان، لكنه في الوقت عينه، طرح تحدّيات عدة بشأن كيفية تحقيق السلام، وتأسيس تركيا جديدة  تكون لشعبيها التركي والكردي، في عودة إلى ما ساد بعد إنهيار الدولة العثمانية وقبل تأسيس أتاتورك دولة على أساس عرقي، يتفوق فيها العنصر التركي على باقي العرقيات، والواضح اليوم حماس الكرد بطرحهم مبادرة تاريخية، تتضمن إلقاء السلاح وإنجاز تشريعات تؤسس مفاهيم جديدة للدولة، تقوم على أساس المواطنة، وتحقيق الإدارة الذاتية، وبما يعني الإعتراف بهويتهم القومية، في حين أنه مقابل ذلك، تتحصن حكومة أردوغان بالريبة والحذر تجاه مسألتين رئيستين، هما الاعتراف بالحقوق القومية الكردية، ومصير حزب العمال الكردستاني، والتعامل بإيجابية مفرطة مع نزع سلاح الحزب، والترويج إعلامياً عن السلام الموعود.

مع ذلك ثمة إيجابيات لابد من ملاحظتها، فانطلاق عملية سلمية، هو بكل المقاييس مرحلة جديدة في العلاقة بين الدولة التركية ومواطنيها الكرد، الذين تعترف أنقره اليوم بزعيمهم المعتقل في سجونها عبد الله أوجلان، ويتم التعامل مع المعضلة، باعتبارها قضية شعب حرم من حقوقه، وإدراك ضرورة حلها سلمياً، باعتبار ذلك مكسباً ستراتيجياً، وعلى الضفة الأخرى فإن حزب العمال الكردستاني، يؤكد أنه كان لجأ إلى خيار الحرب، بسبب انسداد الآفاق، بعد أن رفضت الدولة الاعتراف بحقوق الكرد القومية، وبالاجمال فإن التحرك الأخير يكتسب أهميته من احتمالات تأثيره في التطورات المنتظرة بعد اندلاع الأزمة السورية، وما سينتج عنها من تداعيات، لاسيما لجهة تأثر القضية الكردية بالربيع العربي الذي أثّر تماماً على الأمة الكردية في كل مناطق وجودها.

لاتنفصل تطورات الموقف في تركيا، عن تلك التي شهدتها الأمة الكردية، سواء في العراق، حيث استقل الكرد بإقليم مستقل، ضمن دولة فيدرالية مع حكومة اتحادية في بغداد، لا تربطه بها إلا حصة نفطية من ثروات العراق، أو في سوريا خلال العامين المنصرمين، حيث أقاموا ما يشبه الإدارة المستقلة في مناطق انتشارهم، صحيح أن ذلك تم بتسهيلات قدمها النظام السوري لكسب ولائهم، أو حتى مجرد حيادهم، في معركته المصيرية مع معارضيه، لاسيما بعد اندلاع المعارك بينهم وبين المتطرفين من الإسلاميين، الذين يقاتلون نظام البعث على أسس طائفية، طارئة على الثورة السورية الوطنية، التي تتعامل مع المكون الكردي باعتباره أصيلاً في نسيج المجتمع، وأثبتت ذلك مؤخراً بانتخابها غسان هيتو، رئيساً لأول حكوماتها. 

يتراجع إردوغان عن تعنته إزاء الهوية الكردية التي أراد طمسها، ويقبل مبادرة أوجلان، ليس حباً بالكرد، ولا تنازلاً عن تفوق العرق التركي، وإنما نتيجة دعم النظام السوري لحزب العمال الكردستاني، صاحب اليد الطولى في كردستان الغربية، لاسيما أن فكرة السقوط السريع لنظام الأسد لم تعد واردةً، نتيجة الدعم الروسي والإيراني، وهذا ما دفعه إلى الدخول في مفاوضات مع أعدائه الكرد، والاتفاق معهم على بنود لم تتضح بعد، واليوم يتنازل أوجلان عن أحلامه الانفصالية، وهو يدرك مآلات الحراك المندلع في دول المنطقة كافة، والمأمول من نتائج موقفه، سماع صدى إيجابي له في أنقره، يحيل الجبال التي ظلت على مدى عدة عقود ملاجئ ومقابر للكرد، إلى مواقع يصنعون فيها وعليها فرحهم ومستقبلهم، وأن يلقى موقفه دعم وتأييد المجتمع الدولي، الذي تخلى مرات عدّة عن الكرد وتركهم في مهب رياح الأنظمة التي تحكمهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram