في مقهى عريبي بمنطقة "القلمطوزة "في مدينة الحرية كان وهيب اشتر لاعب دومنة بأنواعها الطيرة والازنيف والعدلة ، ولمهارته في إجادة اللعبة ، نال شهرة واسعة امتدت إلى مقاهي أخرى في الأحياء المجاورة ، وبموهبة "أبو الهوب " كان رواد المقهى يحتسون الشاي والحامض ويأكلون الحلقوم على حساب منافسيه ، ومتحديه ، في اللعبة .
عريبي صاحب المقهى كان يشجع المنافسين على تحدي وهيب ، ويوفر الأجواء المناسبة للمنازلة المنتظرة فيضع طاولة في ركن مهم من المقهى، وحولها أكثر من تخت مخصص للاعبين والجمهور ، وبوصول أبي الهوب مساء ، بعد إنهاء عمله قاطع تذاكر في مستشفى حكومي ، يستقبله الرواد بعبارات التشجيع للإطاحة بالخصوم ، وشرب البيبسي على حسابهم ،
ومع بدء المنازلة تتطلع الأنظار الى النتائج النهائية ، وعريبي يلبي طلبات الزبائن ، وهو على يقين راسخ بان وهيب سيحسم النتيجة لصالحه بفارق كبير من النقاط .
في أحد الأيام قرر أبو الهوب اعتزال اللعبة وسط استغراب رواد المقهى ، من هذا القرار المفاجئ ، ولفشل صاحب المقهى عريبي في معرفة أسباب اتخاذ هذا الموقف ، وما سيخلفه من أضرار على الدخل اليومي من وارد المقهى ، اخذ الرجل على عاتقه استقصاء الأمر
وتوصل أخيرا الى ان بعض رواد المقهى من المنتمين لأحزاب عراقية كانت عاملة في الساحة الساحة السياسية أواسط عقد الستينات من القرن الماضي تحركوا على " أبي الهوب" لضمه الى تنظيماتهم، نظرا لما يمتلكه من قاعدة شعبية بالامكان تسخيرها لكسب المزيد من الأشخاص لتلك الأحزاب ، وفي حديث جانبي بين عريبي ووهيب كشف الأخير عن مفاتحته من قبل رواد المقهى من المثقفين للانضمام الى أكثر من حزب ، وأبدى الرجل حيرته في اتخاذ القرار في اختيار الحزب المناسب للعمل بين صفوفه ، وذكر أيضا انه تسلم أوراقا صغيرة بلون اسمر تتحدث عن قضايا وجد صعوبة في استيعابها وكلها موجهة الى الجماهير وأبناء الشعب لرص الصفوف لمواجهة نظام الحكم وقتذاك ، وإقامة نظام ديمقراطي تعددي ، بانقاذ البلاد من السلطة الغاشمة ، وانقاد الأمة من تداعيات نكسة الخامس من حزيران .
أبو الهوب وبدعم من عريبي قام في اليوم التالي بتسليم المناشير الى أصحابها ، في وقت تزامن مع وصول رجل الأمن السري على البايسكل الى المقهى ، ولم يتدارك خطورة عمله في تلك اللحظة ، فعالج صاحب المقهى الموقف مرحبا بالسري فاستقبله بالأحضان ، وصدرت منه إشارة موجهة الى" ابي الهوب " باخفاء المناشير خشية إثارة المشاكل ، شاهدها رجل الأمن فاستفسر عن الأمر وجاء الجواب ان القضية تتعلق بمقتل الدوبيش.
أبو الهوب هذه الأيام وبعد ان تجاوز السبعين من عمره ، أبدى أسفه لرفضه الانضمام الى احد الأحزاب ليكون مرشحا لخوض الانتخابات المحلية من دون ان يعلم ان أصحابه القدامى بعضهم تعرض للاجتثاث وآخر حظوظه ضعيفة جدا في الحصول على مقعد او تخت في مقهى عريبي .
جميع التعليقات 1
عقيل العتابي
سلمت أناملك ابو حمودي