تطور الاتصالات منح البشرية تقريب المسافات ، عبر الكثير من الوسائل المتاحة ، بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة ، وبعيدا عن أنظار الرقيب ، وتساؤلات رجال السلطة ، يستطيع الشخص أن يخاطب من يشاء ، وبهذا التحول تخلص العراقي من" المكاتيب " والطوابع واستغنى عن خدمات ساعي البريد إلا في حدود ضيقة جدا تتعلق بإرسال وتسلم الطرود .
استخدم تطور الاتصالات في مجالات كثيرة وفي ميادين عسكرية وطبية ومالية ، وحتى في مكافحة الجريمة ، وملاحقة المجرمين ، وتبادل المطلوبين ، والعراق لم يختلف عن بقية دول العالم في هذا الشأن ، فخصص أرقاما هاتفية من النوع الأرضي قبل دخول خدمة شركات الهواتف النقالة للحصول على خدمات الإسعاف الفوري ، وشرطة النجدة ، وطبقا لما أعلنه مسؤولون أمنيون سابقون ولاحقون تحقق شعار الشرطة في خدمة الشعب قبل عشرات السنين على حد مزاعمهم .
في العاصمة بغداد اليوم سيطرات متمركزة في الشوارع والتقاطعات وعلى الجسور ، وأعدادها غير معروفة ، لأن بعضها يظهر لساعات ثم يختفي بعد انتهاء الواجب ، تلك السيطرات الثابتة منها حرصت على وضع أرقام هواتف على الحواجز الكونكريتية مخصصة للمواطنين للاتصال بالمسؤولين لاستقبال الشكاوى أو الإدلاء بمعلومات عن تحركات مريبة تستهدف استقرار الأمن ، والسؤال هنا ، هل استخدم شخص من أهالي العاصمة تلك الهواتف لطرح شكوى أو الإدلاء بمعلومة ، الجواب الصادر من المسؤولين يشير إلى تحقيق نتائج إيجابية ، أما الطرف الآخر فيؤكد أن الهواتف خارج التغطية ، وفي بعض الأحيان يكون الرد شكرا لاتصالك ، وسنتخذ الإجراء اللازم .
جرب الحاج أبو مهند الساكن قرب سيطرة تقع في حي الجهاد تسمح بالخروج وتمنع دخول المركبات الاتصال بضابط استخبارات اللواء الخامس لإنقاذ أبناء الحي من معاناة يومية مريرة، وأثناء الاتصال أطلق الحاج نداء استغاثة ، وطالب بتفسير للإجراء الأمني الذي يجعل صاحب المركبة يقوم برحلة طويلة يمر خلالها بثلاث سيطرات لغرض العودة إلى منزله ، ورد ضابط الاستخبارات بأن الإجراء ليس من صلاحيات اللواء ، واتخذ من قبل قيادة عمليات بغداد .
الحاج أبو مهند أثنى على تخصيص هواتف نقالة لاستقبال شكاوى المواطنين ، لكنه في الوقت نفسه أبدى أسفه لعجز المسؤولين الأمنيين المسؤولين عن حماية منطقته عن تلبية مطالب أبنائها ، فمادام القرار لدى قيادة العمليات تساءل متى تلتفت هذه الجهة لرفع جزء من الحواجز؟
الحاج أبو مهند تجاوز السبعين من عمره وطوال تلك السنوات لم يجرب الاتصال بالإسعاف الفوري أو بشرطة النجدة ، وهو على يقين راسخ اليوم بأن معظم أبناء العاصمة نظرا لشدة الزحام المروري وتناسل السيطرات تناسوا خدمة سيارة الإسعاف لنقل مريض تعرض لحالة حرجة ، ودعا إلى اعتماد "الإسعاف الثوري" لتوفير الخدمات لأبناء العاصمة من قبل رجال السيطرات أصحاب الابتسامة الصباحية المشرقة بنقل مركبات العالقين على الجسور أثناء قطع الطرق من الكرخ إلى الرصافة "بكرينات" جوية .
إسعاف "ثوري"
[post-views]
نشر في: 25 مارس, 2013: 09:01 م