المالكي ظل حائرا بعد مغادرة كيري. حائر بكل كلمات الزعل الامريكي. ويحصل ان خطرت في ذهنه معاني مؤامرات بلا نهاية. وبدل ان يراجع اخطاءه التي نكتب عنها كل يوم، راح يدرس جملة احتمالات.
وقبل ان احاول فهم حالته، لا بد ان اذكر انه ليس على اميركا ان تتدخل كثيرا للجم السيد نوري المالكي، بل عليها فحسب ان ترفع يدها عنه وتبدأ بالتفاهم عميقا مع تحالف "اربيل نجف" لان المستقبل سيكون خاليا من المالكي، وعلى السيد جون كيري ان يعثر لبلاده على موطئ قدم داخل مستقبل عراقي يخلو من مشتهي التسلط والمتسرعين اصحاب القرارات المرتجلة من طراز الفريق السياسي والعسكري للسلطان.
لم ينم المالكي بسهولة بعد مغادرة وزير الخارجية الامريكي لمكتبه. ساعتان من النقاش الساخن تحدثت عنهما قناة سي بي اس الامريكية، جعلت المالكي يشعر بقسوة الايام الثلاثين الماضية.
فقبل ٣٠ يوما تقريبا عاد السيد سامي العسكري مع وفد من اعوان المالكي يحملون "بشارة زائفة" من واشنطن التي قصدوها لتبليغ الادارة الامريكية بأن سلطاننا العراقي عازم على ضبط الاوضاع في البلاد، وطبعا "وفق الدستور" الذي يجري تفسيره في دار الامارة، لا في البرلمان.
عاد العسكري وتحدث لوسائل الاعلام عن اللقاء السري مع الادارة الامريكية، والذي لم يتسرب عنه شيء واضح. ولم يكن امام الجميع سوى ان يسمعوا السيد العسكري بوصفه الشاهد الوحيد القادر على الكلام.
قال العسكري بزهو: وجدنا ادارة اوباما متفهمة لمواقفنا، ولاتزال تدعم طريقة دولة رئيس الوزراء في ادارة الدولة. العسكري ومجيد وفياض قالوا للمالكي اشياء اكثر تصب في هذا الاتجاه كما يبدو. فوجد السلطان الجرأة للمضي قدما في "لحظته الهليكوبترية" حين طارد رافع العيساوي بالمروحيات على اطراف الصحراء بعد عودة وفده من واشنطن. المروحيات الامريكية طاردت وزير المالية في الصحراء وكانت تعلن ان الهليكوبتر "لا تميز بين الشركاء" وهي مستعدة لمطاردتهم اينما كانوا، لان المالكي مقتنع بما نقله اليه فريق العباقرة الذي زعم بأنه عائد من واشنطن "بتخويلات رهيبة"، بعدها اخذ المالكي يلغي الانتخابات ويمنح مهلة للصدر ويلوح بأكثر من عصا للاخرين.
المالكي بعد انتهاء لقاء كيري مساء الاحد اختلى بنفسه طويلا. كان يحاول ان يقيس المسافة السياسية بين قساوة كلمات جون كيري الغاضب على كل شيء، وبين تطمينات فريق العباقرة الذي ناقش كل شيء ايضا في واشنطن. كيف تنسجم الصورتان ولماذا بدا كيري عصبيا مع ان واشنطن استقبلت وفد المالكي بحفاوة وتركتهم يعودون كما يحلو لهم، وبزهو، الى سلطان بغداد ليتحدثوا اليه بشكل يعمق ازمة اختلاله العاطفي؟
السلطان حائر. هناك عنصر تشابه قد يجعلنا نتذكر حيرة صدام مع ابريل غلاسبي سفيرة امريكا اثناء اجتياحنا للكويت. صدام حسين التقاها قبل ليلة واستطاع ان يفهم بأن في وسعه فعل كل شيء ثم تفاجأ بأن غلاسبي جاءته بثلاثين جيشا دوليا واعادتنا الى مرحلة ما قبل الكهرباء. لماذا يسيء السلاطين العراقيون فهم المعاني الامريكية، وبدل ان يحاولوا تصحيح طريقتهم في الفهم يبدأون بالحديث عن مؤامرات صهيونية؟
المالكي ظل حائرا بعد مغادرة كيري. حيرة بكل كلمات الزعل الامريكي. ويحصل ان خطرت في ذهنه معاني مؤامرات بلا نهاية. وبدل ان يراجع اخطاءه التي نكتب عنها كل يوم، راح يدرس جملة احتمالات ويتحدث ربما مع نفسه: لقد تغيرت واشنطن معي، ربما لان امير قطر شوه صورتي امامهم او قام بتمويل عجزهم التجاري. يسأل نفسه: ألم امنحهم ما ارادوا من عقود تسليح وبترول فلماذا اجدهم غاضبين؟
السلطان الذي يرتكب الاخطاء ولم يشعر بمسؤولية ان يشاور شركاءه في هذا الوقت العصيب، يتخيل احيانا ان الادارة الامريكية تشبه كتلة صغيرة يمكن شقها، بقليل من التسلية والتغذية، ليمكن تحويل ولاءاتها السياسية نحو دولة القانون. السلطان ايضا لا يفهم الفارق مع زمن الحرب الباردة التي كانت تسمح بمنح النفط للغرب وقمع الشعب بالنزوة التسلطية، يوم لم يكن هناك ارهاب دولي ولا فيسبوك.
نعم العراق يحتاج مستقبلا كبيرا مع امريكا كما مع آسيا الصاعدة. لكن المستقبل سيكون خاليا من المالكي كما تقول قواعد التحول العولمي الامريكية ذاتها. في انتخابات البرلمان العام المقبل سيحظى تحالف "اربيل نجف" بأعلى الاصوات وسيتولى تعيين رئيس الحكومة. التحالف هذا اصدر شهادة وفاة للعمر السياسي للحاج ابي اسراء وفريقه. كيري وهو يقوم بتقريع المالكي كان يدرك ذلك. المالكي بدون كيري عاجز عن مواجهة الاغلبية الممثلة بالعراقية والصدر والاكراد، ويدرك ان المجلس الاعلى والمطلك مع الاقوى.
انها ليلة صعبة مرت على الرجل، وأعلنت اننا امام لحظة مراجعة امريكي لا مناص منها، لان واشنطن اصبحت امام مراجعة عراقية متماسكة صارت امرا واقعا يقبله الداخل والخارج. فالعراق ليس جمهورية موز، وامريكا لا خيار امامها سوى ان تتغير عراقيا في لحظة قياس الزمان وفحص موازين القوى حتى لو عجز وفد السلطان عن فهم المغزى في واشنطن.
المستقبل بدون المالكي يا واشنطن
[post-views]
نشر في: 26 مارس, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 20
المدقق
اريد ان اقدم لك خالص شكري وامتناني لانك اضحكتني من كل قلبي .. هذا الضحك الذي غاب عني منذ زمن طويل ... يالك من محلل سياسي كبيييييييييير وقد اقنعتني طروحاتك وتفسيراتك بحيث جعلتني مجبرا ان ارشحك في واحد من منصبين لا شريك لهما .. فاما ان تكون رئيسا للولايات ا
احمد الخفاجي
نظرة تفائلية عن زوال نوري المالكي مع اعتراضي على ماجاء بالمقال تعبيرك (اثناء اجتياحنا للكويت.) فهو في واقع الامر اجتياحه للكويت واقصد صدام
رائد الشمري
شكرا على المقاله....ليش اتركز على اعوان المالكي...اشدد على كلمة اعوان...هل يكون تسميت المالكي واعوانه مفيد للمصلحه الوطنيه...او هو مفيد لصالح الجهه سياسيه....الصحفي المحايد يجب ان يركز على كل الجهات.....وليس كل مقالاتك تكون موجه ضد طرف واحد من القضيه...ان
الخزاعي
يبدو ان سرمد الطائي هو من يحتاج المراجعة نفسه اكثر من اي شخص وانصحه بمراجعة طبيب نفسي عسى ولعل يستطيع معرفة حلحلة العقدة النفسية لديه لان مقالاته متهافتة وهاي مال اربيل _نجف كلش حلوة هذا خط جديد مال ريم افتتحه الكاتب العبقري واين ذهب الشعب العراقي وارادته
الفارس
المالكي اقو من امريكا ياطائي
كارثة
تحليل كارثة . انا لا اعلق , فقط اطلب منك ان لا تكتب عن السياسة , لان ما كتبته اثبت الفشل
لور
كتاب هذا الموقع لديهم جني في رأسهم اسمه المالكي وهم يحلمون به ليل نهار ويتخيلون مواقف له لا توجد الا في نفوسهم المريضة وهم لا يستطيعون التلفظ بجملة من 5 كلمات لا يذكرون فيها اسمه على الاقل 3 مرات. ستموتون بغيظكم قريبا.
ناصر الشعلان
اعتقد ان السيد الكاتب اندفع بتخيلاته ليصل الى حقيقة موهومة لاتمت للواقع من قريب او بعيد. لا ساحة العراق الراهنة ستقبل بالصدريين كطربوش شيعي لقيادة تجمع الاقليات لحكم الاغلبية ولا العمق الاقليمي سيسمح بذلك. اما واشنطن فخياراتها ابعد بكثير من احلام صبي مرا
مثنى الوائلي
بعده قراءتي هذا المقاله لم اجد فيه اي شئ جديد ولاحتى اسميه تحليل سياسي مجر سرد وضع في مخيله الكاتب وكانه كاتب روايه او قصه يرسم احداثها حسب ما ترسمه مخيلته الخصبه لذا فهو جدير ان يكون روائي افضل من ان يكون كاتب في الشاءن السياسي لذاالتحليل له ادواته واو
عبد الباسط الراشد
نوري وجوقته من الطبالة والذين يسمون مستشارون اعلامين وسياسين تجنيا على الاعلام والسياسة يعتقدون ان امريكا يمكن الضحك عليها وصدقوا انفسهم انهم رجال دولة ونسوا ان اشطرهم لايصلح ان يسيس نعجتان, ولم يعلموا ان امريكا بلد المصالح وانها بلحظة فارقة ستقلب لهم ظهر
محمد الربيعي
لم اتصر يوم من الايام ان سرمد الطائفي العفو الطائي طائفيا حتى العظم الكره على الشيعة وجد له شماعه اسمها المالكي فكل من له عقدة نقص من الشيعة تعكز على شماعة المالكي ما كمية الكره بداخلك يا رجل نحن نعلم ان الصدر يكره المالكي لانه لا يريد اي شخصية شيعية لها
محمد الربيعي
لم اتصر يوم من الايام ان سرمد الطائفي العفو الطائي طائفيا حتى العظم الكره على الشيعة وجد له شماعه اسمها المالكي فكل من له عقدة نقص من الشيعة تعكز على شماعة المالكي ما كمية الكره بداخلك يا رجل نحن نعلم ان الصدر يكره المالكي لانه لا يريد اي شخصية شيعية لها
Souad Hindi
الي (المدقق) تعليقك يفوح بالسذاجه والكراهيه لكل نقد جريئ وشجاع يتسم به الكاتب الرائع سرمد الطائي في مقالاته ومداخلاته في الاعلام . اراك ايها (المدقق) في تعليقاتك المتكرره واحدا من جوقه المدافعين عن نزعه المالكي الطائفيه وشهوته نحو التسلط والخداع المفضوح.
سناء
يا معود ملينا من هذه الترهات والخرافات يا شيخ سرمد صرت ممل جدا جدا جدا هالنوب دتشتغل بالدجل والشعوذة الله يرحم حاتك وصلت حدها انصحك لطبيب نفساني ينقذك من تخيلاتك التي سوف تنهي عقلك
اسامة الزبيدي
عمود عالم آخر تحليلي منطقي يفسر لي مابين السطور انه عالم سرمد الطائي الممتع , تحياتي لك
الفلاح - فورد
احبك يا صديقي الاوفى والاصدق
water
السلام عليكم,أجد مقالاتك في الفترة الماضية مشحونة باللآموضوعية وعدم الحيادية وبالأخص ما تضمنه العرض الذي تقدمت به في لقاء السيد نقتدى لأنك برئت القاتل وجعلته مقداما شجاعا قائدا مقدسا سليل عائلة أخزيت من أفعاله وهي بريئة وبعيدة عن تلكم الأفعال,لقد تبرئت أن
Mohaemn albanna
استاذ سرمد لقد قال الاستاذ عدنان حسين ماكان في قلبي تجاهك......اما عن المقالة ف الكلام جميل لكن الا ترى في عودة المطلك والحكيم الى حكومة النالكي وعودة وزراء التيار الصدري تحولا قد يغير كثيرا من الامور
ابو حسن الكندي
تحياتي الئ عملاق التحليل السياسي تحليل عقلاني وواقعي وعلئ السيد سرمد الطائي الحذر لان العقليه السياسيه التي يكتب بها سابقه العصر ولشده خوفي عليه من مخابرات الدول الكبرئ من خطفه هو ومدير الجريده الاخ زنكنه وعلئ فكره عند قراءتي للسيد مقتدئ الذي يقول عنه الا
الدليمي
فعلا داهية عصرة