لا أظن إن أحدا من العراقيين لا يعرف المقصود بالمثل القائل: "مثل خيل الشرطة"، خاصة إذا جاء في نهايته "بس أول هدّه". صار هذا المثل يلازمني في هذه الأيام. اتخذته معيارا في الحكم على أي تحرك، أو موقف يتخذه أحد السياسيين أو تتبناه كتلة من الكتل. آخرها كان موقف صالح المطلك يوم قدم استقالته من منصبه احتجاجا على دكتاتورية المالكي، فأُعجب به البعض. كنت في جلسة غير متشنجة مع بعض الزملاء، في ليلتها، فغرد احدهم ممتدحا الرجل بلهجة لا تخلو من التفاؤل. لم ألمه على تفاؤله، رغم إن حلم لمس نجوم السماء بأيدينا صار أقرب للتحقق مِن إقدام مسؤول على الاستقالة. اكتفيت بغناء بيت من الدارمي على لحن "بويه سعد يا بويه":
اشمــا تـرـيـد تجــور تخسه الليالي
موش اول المركاض الفخر تالي
عرف صاحبي ما قصدت دون أن يسألني. لم تمر سوى أسابيع قليلة، حتى عاد ليقول لي: كنت على حق. رددت عليه بمزح لا يخلو من شماتة: أعرف.
تذكرت بيت الدارمي وصاحبي وحديثه والمطلك، وانا أتابع الحملات الدعائية لمرشحي انتخابات مجالس المحافظات. كلهم يقولون بأنهم سيجعلون البلد "كمرة وربيع". ولو لم أكن اعرف بأنهم مثل "خيل الشرطة" لقلت اننا سنتفوق على سويسرا واليابان ان فاز هؤلاء. ثم تذكرت ما سمي بـ "صولة فرسان" المالكي، والأمل الذي انخدع به العراقيون، حين صدقوا ان دولة القانون سيعبر بهم بحور الطائفية نحو بر الأمان، الى حيث العراق الواحد الموحد والآمن المستقر. مرت الأيام والسنين لننتبه الى ان الصولة لم تكن للمالكي بل لقوات التحالف، وانها لم تعبر بنا "ساجية" وليس بحرا.
كانت هدّة باركها كل الحالمين بحياة لا ينغصها الإرهابيون والخارجون على القانون. لكنها، كمثيلاتها من هدّات ائتلاف المالكي التي يتسلق بها الى كرسي السلطة ثم، بعد ان تلصقه بالكرسي أكثر، تتحول من هدّة الى "ردّة". ترك ائتلاف المالكي الإرهاب والإرهابيين والعابثين بالأمن والنظام، وهدّ "ببسالة" على كل شيء له علاقة بالحرية والحياة، من الجامعات حتى البارات. لكنها، والحق يقال، كانت أيضا مثل هدّة خيل الشرطة.
من حينها لليوم وخيل الشرطة تتراكض أمامي. هكذا صرت أرى الساعين لسحب الثقة، والوزراء المنسحبين احتجاجا على طغيان رئيس مجلسهم واستبداده. وهكذا انظر أيضا للجان الخماسية والسباعية التي تدّعي السعي لتحقيق مطالب المتظاهرين، أراها فينطلق أمامي حصان كحصان المئة يوم الذي أتمنى إنكم لم تنسوه. بدأ الركضة باجتماعات لمجلس الوزراء، لكنه ترهل ثم تكرّش وخفت صوته بعد اجتماع، أو اجتماعين، ثم نامت عليه الطابوكة. والنومة نومة.
خيـــل الشرطـــة
[post-views]
نشر في: 27 مارس, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 3
نوار الحسيني
حياك الله على كتاباتك التي لا تخلو ابدا من السخريه اللطيفه والجميله والمبكيه على ما نحن عليه اليوم . وممكن ان غدا يكون اسوء من اليوم حياك الله يا استاذ هاشم العقابي
المدقق
ان هذا المثل ينطبق عليك ايضا ايها الكويتب فانت كنت قد بدات صولة ضد المناهضين للدولة والعملية السياسية لكنك سرعان ما رجعت القهقري على اعقابك لذلك سوف لن اناقشك باي شيء بل ساذكرك ببيت الشعر القائل lt لا تنه عن خلق وتاتي بمثله ,, عار عليك اذا فعلت عظيم gt
قاسم عبد الله
بارك الله فيك يا كاتبنا المبدع العراقي الاصيل