اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > معاناتهم في محافظة ذي قار.. قصار القامة من يعيد إليهم مكانتهم الطبيعية في المجتمع ؟

معاناتهم في محافظة ذي قار.. قصار القامة من يعيد إليهم مكانتهم الطبيعية في المجتمع ؟

نشر في: 27 مارس, 2013: 09:01 م

يقول الاختصاصيون السايكولوجيون إن الأشخاص قصيري القامة أكثر عرضة للعقد النفسية ، ويبدو أن السبب الرئيسي يتمثل في شعورهم بالنقص ونظرة الآخرين لهم فهي نظرة استخفاف من لدن البعض من ذوي القامات الطبيعية ،على الرغم من أن قصار القامة هم من الآدميين وينتمون

يقول الاختصاصيون السايكولوجيون إن الأشخاص قصيري القامة أكثر عرضة للعقد النفسية ، ويبدو أن السبب الرئيسي يتمثل في شعورهم بالنقص ونظرة الآخرين لهم فهي نظرة استخفاف من لدن البعض من ذوي القامات الطبيعية ،على الرغم من أن قصار القامة هم من الآدميين وينتمون للمجتمع الإنساني ، لكن سلوكية الاستخفاف هي موروث شعبي سلبي أنتجه الجاهلون، لذلك ثمة حاجة ماسة لبث الوعي لحماية قصار القامة من هذه التجاوزات التي يمارسها البعض من الجهلة والسفهاء .

قصار قامة مبدعون
يبدو أن قصر القامة كان حافزا لبعضهم ليبدعوا في مجالات شتى يقول الشاعر حيدر شاكر النجم " السخرية منهم جعلتهم أفضل . - برز منهم المبدعون والفنانون .- عوضوا نقص طولهم ، بزيادة طول صدارتهم في المجتمع .- من نَقُصَ شيئا ، زاده بإبداع . - إن انتقص منهم منتقص ، زادهم الكثير ، وقد نهى الله عن السخرية من الآخرين (  يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)  توارثوا الانتقاص ، فزال معه الألم ، عوض الله نقصهم ..اكتشف علماء بريطانيون أن مجموعة من الأقزام يعيشون في منطقة لارون في الإكوادور بأمريكا الجنوبية لديهم مناعة طبيعية ضد السرطان وأمراض القلب، وهو ما يفسر أنهم يعمرون لمدة طويلة، وذكرت الدراسة التي نشرتها صحيفة الديلي ميل البريطانية أن هذا الاكتشاف قد يكون فاتحة لإنتاج لقاح يقي من أخطر الأمراض التي عرفتها البشرية"
التقزّم وأنواعه
ثمة اختلاف فيزيائي جسدي لقصار القامة فهم ليسوا على شاكلة واحدة يقول الأكاديمي صادق جعفر الخير الله "الشخص المتقزم هو الذي يتراوح طوله بين 80-142 سم والعلاج الذي يعطى للقزم لا يزيد من طوله إنما هو لمنع المضاعفات التي قد تحدث  ، ومرض التقزم ينقسم الى قسمين تقزم غير متناسق الأعضاء وتقزم متناسق الأعضاء.. وغير المتناسق هو الذي تكون رقبته قصيرة أو ثمة تقوس في عموده الفقري أو تقوس في عظام الفكين أما التقزم المتناسق وهو الأخطر طبعا فتكون كل الأعضاء متناسقة لكن هذا النوع قد يصاب بالتخلف العقلي  و يكون أكثر عرضة لفقدان السمع لأن الأذن تبدأ بفقدان الشمع من داخلها "
السخرية أقبح السلوكيات
يواظب بعض المغفلين والسذج على السخرية من قصار القامة في محاولة للنيل من كرامتهم الإنسانية والحط من قدرهم يقول الأكاديمي صادق جعفر الخير الله "الكثير من قصار القامة ينصدم  أثناء تفاعله مع الآخرين من كثرة السخرية لذا فالدعم العائلي والشبكات الاجتماعية المهتمة بهم لها الدور البالغ في مساعدتهم على تخطي الأزمة واقصد هنا مساعدتهم في مواجهة التحديات في مجال التعليم والعمل ويجب أن نوفر لهم العيش الذي يشعرهم بالحياة الطبيعية وأبعادها "
ثمة أخطاء فيزيائية فرضت نفسها لكي يلد قصار القامة مشوهين تختلف أطوالهم عن أطوال الآخرين يقول الإعلامي والمدرس علي هادي العتابي " قصار القامة  شريحة قست عليها الظروف أو الأخطاء البشرية فأصبحوا ضحية لمجتمع يخطئ ولا يعترف بالخطأ وأكثرها أخطاء طبية أما أثناء الحمل أو بعد الولادة " ماذا عن البعد الاجتماعي ؟ ما سبب السخرية هل هي سفاهة من قبل البعض ؟.
أبطال أولمبيون
يقول علي العتابي " نحن كمجتمع شرقي تحكمه العادات البالية ننظر إلى الشخص كجسد له طول كذا وعرض كذا وهذا  نابع من عادات جاهلية لا تنظر إلى الفرد على أساس العقل بل على أساس الشكل ولو أننا ننظر إلى هؤلاء على أنهم بشر عاديون فيهم نقص كما في غيرهم لما تولدت هذه العقد إننا بصراحة نحكم على هؤلاء الناس لأنهم لا يعجبوننا وننسى دور المبدعين منهم خذ مثلا الكثير من الأقزام في العراق هم مثال للمثابرة  و العمل والجهد وأفضل أمثلة  على ذلك هم الأبطال الاولمبيون الذين حصدوا جوائز ذهبية في اولمبياد لندن وهم من الناصرية من مدينه البطحاء ويعملون في بيع الخضروات إنني أحمّل الدولة أولا سبب ما فيه هؤلاء من نبذ مجتمعي لأنها لم تجعل لهم مراكز خاصة ومدارس معينة بل تركتهم يواجهون مصيرهم في شق حياة صعبة تحيط بهم من كل جانب شخصيات جاهلة لا تحاول إيجاد المعدن الجميل فيهم بل تركز دائما على العيوب لذا تحس دائما عندما تقترب منهم بأنهم على  أهبة الاستعداد  للهجوم عليك لأنهم يتصورون انك تنظر إليهم نظرة قاصرة دونية ، مع الأسف إن المجتمع المتخلف رغم حاجته لخدماتهم لكنه يعمل على  استغلالهم دون أن يعترف بأهميتهم ".

مناشدة المجتمع لإنصافهم
بعد أن يئس قصار القامة من مناشدة الحكومة ومجلس النواب لوضع حد لمعاناتهم لجأ البعض منهم لمناشدة المجتمع والمؤسسات الخيرية لتبني قضاياهم يقول قصير القامة ( إياد عادل حسن ) من مواليد ( 1993 ) الذي يسكن مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار " رغم قصر قامتي التي لا تتعدى ( 125 سم )لكنني  أعاني من عدة أمراض مزمنة منها مرض السكر الولادي المزمن ، ومرض ضعف البصر والعشو الليلي المصاحب لمرض السكر ، وتضخم الكبد الفايروسي ، وأخيراً أكتشف الأطباء بأنني أعيش على ربع كلية فقط حيث أن مرض السكر قضى على إحدى كليتي بالكامل... أنا شاب فقير  أعيش في  بيت فقير جداً  فوالدي يعمل منذ الصباح الباكر كعامل بناء يحصل على أجر يومي زهيد لكي  يسد مصاريف عائلتنا المكونة من ربة البيت والدتي واخوتي عماد وسجاد وأختي الصغيرة .... أنا أرقد في  المستشفى بين فترة وأخرى للمعالجة وأعمل  منذ ( 4 ) سنوات في مجلس محافظة ذي قار براتب لا يتجاوز ( 200 ألف دينار فقط  كعامل خدمة أوصل الشاي والماء والمشروبات الغازية للسادة المسؤولين والموظفين " .
الحديث عن المعاناة
الكثير من قصار القامة في محافظة ذي قار  أفصحوا عن معاناتهم المتجددة بدءا من الوضع المعيشي المتردي وانتهاءً  بطبيعة تعايشهم مع المجتمع والمشكلات التي تحدق بهم ، ومنها الاستخفاف بهم والنيل منهم من قبل السفهاء وصغار العقول وثمة مشكلة أخرى يعانون منها وهي قصر قامتهم غير المتناسب مع الوظائف الفيزيائية التي لا بد لهم من ممارستها كالمشي ، فثمة صعوبة يجدونها في نقل أقدامهم ورسم خطواتهم يقول المواطن خليل كوكز حسن قصير القامة " ولدت عام 1968 في مدينة الرفاعي  بسبب قصر طولي أعاني من صعوبة في المشي ويبدو أن قصري هو سبب هذه المشكلة لكنني أناشد المؤسسات الخيرية بمساعدتي كما أناشد الجهات الحكومية بمد يد العون لي فانا بحاجة إلى دراجة خاصة بالمعاقين أستعين بها على التنقل أما مشكلتي الأخرى فهي أنني بلا عمل يناسب طول قامتي ،كما أنني بلا راتب حتى من شبكة الحماية الاجتماعية لذا أناشد وزير العمل والشؤون الاجتماعية السيد نصار الربيعي المحترم بالنظر في مشكلتي وتخصيص راتب لي ولعائلتي .. لدي أطفال قصار قامة مصابين بمرض الكساح فمن يساعدني لعلاجهم ؟ ".
صعوبة المعيشة
يقول المواطن رحمن كوكز حسن من مواليد  1971 أعاني من صعوبة العيش لذلك أناشد الجهات المعنية في الحكومة والبرلمان بالنظر الجدي في مشكلتنا نحن قصار القامة من خلال تخصيص راتب شهري لنا أسوة بأمثالنا في الدول المتقدمة كما أطلب من رئيس  جمعية قصار القامة في ذي قار الأستاذ الحسن علي عبد الرحمن   تسجيل اسمي وأسماء عائلتي واسم أخي خليل وعائلته ومنحنا هوية الانتساب للجمعية المذكورة مع بالغ شكري " يقول مصطفى رحمن كوكز وهو من قصار القامة  البالغ من العمر ستة عشر ربيعا " للأسف تركت المدرسة في الصف الثالث الابتدائي بسبب صعوبة المعيشة فأنا أساعد والدي في بيع قناني الغاز وكم نعاني أنا ووالدي من الإرهاق والتعب والإنهاك ونحن نمارس هذه المهنة الصعبة فهي مهنة لا تلائم تكويننا البدني لذلك أناشد من يهمهم الأمر تخصيص راتب لنا نحن قصار القامة الشباب لكي نتمكن من إكمال الدراسة فهي أمر مهم بالنسبة لنا ألسنا مواطنين لنا حقوق كبقية المواطنين ؟" يضيف شقيق خليل ورحمن قائلا  أنا مرهق جدا لأنني أمارس مهنة الحدادة التي لا تتناسب مع قدراتي البدنية لكن ما في اليد من حيلة لذلك أناشد من يعنيه أمري تخصيص راتب لي " .
أين دور الحكومة ؟
إن من ضمن مسؤوليات الحكومة ؛ العناية الفائقة بقصار القامة وتقديم كل ما يلزم لهم لكن ثمة تلكؤ واضح من قبل الجهات المعنية فبعض قصار القامة يعيشون ظروفا معيشية صعبة يقول كاتب النص المسرحي حميد شاكر الشطري " من خلال اطلاعي على شريحة قصار القامة في المجتمع العراقي عامة وفي محافظة ذي قار خاصة أحزنني أن بعض قصار القامة يلجأون إلى منظمات المجتمع المدني لأنهم يئسوا من مراجعة  الدوائر الحكومية الرسمية ومن خلال تماسي بتلك الشريحة المظلومة لمست أن أعضاءها  لم يحصلوا على أبسط الحقوق التي نص عليها الدستور العراقي ونصت عليها لائحة حقوق الإنسان ،أنا ضد ظاهرة استغلال قصار القامة من قبل القنوات الفضائية وبعض المخرجين لجعلهم أضحوكة الزمن وإظهارهم كالشخصيات الكاريكاتيرية المخجلة دون التفات الجهات المسؤولة والشروع بدراسة أحوالهم وفتح آفاق مستقبلية أمامهم وإيقاظهم بأنهم شريحة محترمة في هذه الحياة فيجب أن لا يسمحوا لأحد من ضعاف النفوس من مخرجي أو إدارة قناة بالتلاعب بمقدراتهم وأن لا يكونوا أناسا مسيرين بحفنة من الدنانير "
المشاكل التي يواجهونها
متعددة هي المشكلات التي يواجهها قصار القامة ليس فقط في ذي قار بل في عموم مدن العراق ومنها مشكلة صعوبة اندماجهم مع المجتمع فهنالك تقزز من قبل بعض المتخلفين ممن يعتبرون قصار القامة حالة غير طبيعية اجتماعيا من هنا تبرز الحاجة الماسة لعقد ندوات توعية تقوم بها المنظمات المدنية والمؤسسات الدينية والإرشادية للتعريف بمشكلات قصار القامة ولتكريمهم أمام الرأي العام ، كما تمس الحاجة لقيام مختلف وسائل الإعلام بإبراز طبيعة حياتهم وخلفيات مشكلاتهم التي يواجهونها ومن البديهي أن من ضمن  مسؤوليات الدولة إيجاد الحلول اللازمة لها كما هي دعوة للمجتمع للتكيف معهم وحماية حقوقهم المادية والمعنوية ، إن قصار القامة بشر مثل بقية البشر، لهم حقوق على المجتمع الذي يعيشون معه، ومن الخطأ امتهان كرامتهم وهضم حقوقهم فهم مواطنون عراقيون كفل الدستور العراقي حقوقهم وبينها بوضوح فلماذا يتم تهميشهم ونسيانهم ؟ من حق قصار القامة أن يحصلوا على التمثيل النيابي في مجلس النواب العراقي كما من حق المؤهلين منهم الترشيح  لمجالس المحافظات والهدف هو إزالة الفوارق الاجتماعية ونزعة التمييز على أساس الجسد ، تعزيزا لمبادئ حقوق الإنسان ومعايير الديمقراطية وصيانة لحقوق الإنسان وترسيخا للنظام الأخلاقي الذي نصت عليه الشرائع السماوية المتضمن تحقيق المساواة بين جميع البشر دون استثناء .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. الحسن علي عبد الرحمن الرفاعي

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين أما بعد : أتقدم بالشكر الجزيل الى الأخوة في كادر المدى جميعاً على هذا الموضوع الإنساني والوطني ، والذي بيتحدث عن شريحة مهمة في ا

  2. امير عبد الحسين الخفاجي

    قال الله تعالى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)} (سورة الأنعام). من العادات الجميلة التي تخلق الحب والموردة بي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram