TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تجارب في صناعة السينما

تجارب في صناعة السينما

نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 04:55 م

اختصرت إحدى الندوات التي أقيمت كنشاط مصاحب لعروض مهرجان ابوظبي السينمائي الكثير مما يجب أن يقال عن السينما في بلدان ما زالت صناعة السينما فيها تواجه العقبات في العمل.
الندوة حملت عنوان (صناع أفلام عرب يتحدثون عن تجاربهم) وكان اختيارا موفقا لمدير البرنامج العربي في المهرجان الصديق انتشال التميمي  للمشاركين في الندوة بوصف تجاربهم تلخيصا دقيقا لما تعانيه السينما العربية في كل مكان، حتى في الدول التي قطعت في صناعة السينما تاريخا طويلا، ذلك أن هذه التجارب تعكس هاجس جيل كامل من السينمائيين العرب في مختلف بلدانهم.
يسري نصر الله صاحب التجارب الطليعية في السينما المصرية، والذي لفت إليه الأنظار منذ منتصف الثمانينات من القرن المنصرم بأعمال سينمائية مثل (سرقات صيفية)، (مرسيدس)، (المدينة)، و(احكي ياشهرزاد) وغيرها والتي كان قد عمل قبلها مساعدا ومشاركا للمخرج الكبير يوسف شاهين في أفلامه؛ وداعا بونابرت، والقاهرة منورة بأهلها وغيرهما. تجربة هذا المخرج جديرة بالإعلان عنها، فالمخرج نصر الله كان أول من غرد لحن الاختلاف والمغايرة عن السائد في أفلامه في العقود الأخيرة من عمر السينما المصرية، بعد الموجة الجديدة لهذه السينما بداية سبعينيات القرن الماضي.. واستطاع بتجربته أن يوسم مرحلة مهمة في تاريخ هذه السينما بطابع المغيرة الذي اضطلع به عدد من شباب السينما المصرية، وهذا التأثير بتقديري ما زال ماثلا حتى هذه اللحظة.
تجربة يسري نصر الله تستحق وقفة خاصة وطويلة بوصفها تجربة متفردة في السينما العربية، خاصة وان التجارب الأخرى التي تعرفنا عليها في هذه الندوة لا تمتلك خصوصية وتجربة نصر الله وتاريخه الطويل وسينماه التي لا تخطئها ذائقة متفرج أو مجسات ناقد.
وإذا كنا ننأى بتجربة المخرج نصر الله عن تجارب الآخرين الذين شاركوا في الندوة بسبب الخبرة والتاريخ الطويل فان هذا لا يعني انها تجارب لا تستحق الوقوف عندها ، بل العكس أنها تجارب لخصت معاناة جيل من المخرجين الشباب.
فالملمح الأبرز في تجربة المخرج محمد الدراجي يتلخص في انه كان مع زميله المخرج عدي رشيد أول من اخذ على عاتقه شرف المحاولة في عودة الروح للسينما العراقية بعد توقف دام أكثر من عقد ونصف من الزمن، وهي تجربة اكتنفتها الكثير من المصاعب، فبينما كان عدي رشيد يستخدم في تنفيذ فيلمه (غير صالح للعرض) ما تخلف من رماد الحرب والتخريب بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط الدكتاتورية، ليقدم مع زملائه الشباب فيلما جديرا بالمشاهدة وقبلها بالمحبة، كنا نتسقط عن بعد أخبار زميله الدراجي وهو يسجل أمتارا طويلة كوثائق ستكون في ما بعد عنصرا مهما في فيلمه (أحلام) الذي شارك ووفق في عشرات المهرجانات السينمائية.
وإذا كانت تجربة الدراجي ترتبط بما يمكن أن يصنعه من قلب الدمار والخراب، فان تجربة زميله الإماراتي نواف الجناحي لا تبتعد كثيرا سوى أنها تنفرد في أنها تحاول أن تصنع شيئا من لا شيء .. فهو من بلد ليس فقط انه لا يمتلك الحد الأدنى من صناعة السينما، وإنما يفتقد جذرا تاريخيا لهذا الفن، فكانت تجربته كمن ينحت بالصخر في بلد ما زالت تحكمه التقاليد الصارمة.. ومن هنا إصرار الجناحي كان الملمح الأبرز في هذه التجربة.. والتي منحته مع قلة من السينمائيين الإماراتيين امتياز المحاولة الأولى التي ستوثق في ما بعد بوصفها تجربة رائدة.
وليس بعيدا تجربة المخرج اليمني بدر؟؟؟؟ ولكن حالته  ضعف الإمكانات وغياب الدعم الحكومي، وهي بالنتيجة سعي دؤوب الى بث الروح في بلد مثل اليمن.
والأمر مختلف مع كاتب السيناريو والمنتج المصري محمد حفظي الذي تؤسس تجربته لنهج جديد للسينما المصرية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram