لم اعهد العراقيين، منشغلين بأخبار تصاعد نسبة سرقات البيوت بلندن، مثلما وجدتهم هذه المرة. فخلال هذا الشهر، لوحده، تم السطو على أربعة بيوت لمعارف تربطنا بهم علاقات عائلية. قصص وحكايات عن "ذكاء" الحرامية لا تخطر ببال أحد. هلع وخوف خاصة بين العراقيات، وقصص يتناقلنها، كل يوم تقريبا، عن أفضل عروض نصب أجهزة الإنذار والكاميرات وشبكات حماية الأبواب والنوافذ (الكتايب).
ليلة الجمعة الفائتة التقينا، نحن مجموعة من الصحفيين والإعلاميين في سهرة وديّة. ومن حيث ندري، او لا ندري، صار حديثنا عن حرامية لندن. واحد منا تكلم عن عراقي سُرِقت سيارته من قبل امرأة جميلة مؤكدا ان ظاهرة "الحراميات" انتشرت بلندن فصرن "يسرقن ذا اللب حتى لا حراك به". كان العراقي قد عرض سيارته للبيع فجاءته الجميلة مع صديق لها وقالت انها تحتاج ان تطلع بها "تراي" لعدة دقائق كي يطمئن قلبها.
قادت السيارة وصاحبها الى جانبها وصاحبنا الى الخلف. أخذت بها فرّة قصيرة جدا وعادت لتركنها في الموقف الذي تحركت منه. أخبرت المالك انها قررت الشراء وستذهب للبنك لتحضر المبلغ نقدا، ثم سلمته المفتاح المعلق بميدالية مع "الريموت كنترول". ضغط صاحبنا على الريموت فانغلقت أبواب السيارة ودخل بيته ليحضر الأوراق بانتظار المشترية. بعد مدة استبطأ صاحبنا الجميلة فخرج ليرى ان كانت قد عادت، لكنه لم يجد السيارة المرسيدس ولا المشترية. اكتشف المسكين انها أعطته مفتاحا مع ريموت يشبهان اللذين عنده. وعندما ضغط ليقفل الباب ضغطت الشقراء بالوقت نفسه على الريموت الأصلي الذي خبأته في جيبها!
وكعادة العراقيين، الذين تتحول عندهم قاعدة "الشيء بالشيء يذكر، الى "سالفة تجر سالفة"، صرّح احد الجالسين ان في العراق من هو أدهى من الفتاة الانكليزية. شلون؟ قال لنا انه في أيام الحصار ركن عراقي سيارته ودخل صيدلية ليشتري منها دواءً. عاد في اقل من خمس دقائق فلم يجدها. لطم على رأسه وظل يدور هنا وهناك الى أن تملّكه اليأس فعاد الى أهله ملوما محسورا. بعد فترة اتصلت به الشرطة لتخبره انها ألقت القبض على عصابة اعترفت بسرقة سيارته وطلبوا منه الحضور لاستلامها. قال للشرطة انه لا يريد السيارة بقدر ما يريد أن يعرف شلون باكوها ابهل سرعة؟ اخبروه بان أفراد العصابة كانوا قد ركنوا سيارة غطوها "بجادر" في انتظار من يركن سيارته أمامها. وحين ركنها صاحبنا انتزعوا "الجادر" وغطوا به سيارته. هذا كل ما فعلوه غير انهم انتظروه حتى ترك المكان فساقوها بهدوء ورحلوا! ضحكنا فوجد جليسنا في ضحكنا فرصة ليمطرنا بحكاية أخرى:
جاء أحدهم من بغداد مرتديا بدلة فاخرة ويقود سيارة من آخر طراز مستهدفا بائع أغنام بالناصرية. كان ذلك في زمن الحصار أيضا. سلّم على بائع الأغنام وقال له، بعد ان قدم نفسه على انه تاجر بالأشياء النادرة وعملاؤه كلهم أجانب، انه يريد شراء ذئب. استغرب أبو الأغنام من هذا الطلب وظنه يمزح. أقسم له انه ليس كذلك، وتعهد له بدفع مبلغ ثلاثة آلاف دولار لان احد الأثرياء الأجانب يريده ولله في خلقه شؤون. ظل تاجر الأغنام يبحث هنا وهناك الى ان مر به قروي يقود ذئبا وينادي انه يريد بيعه. ركض نحوه وتفاوض على السعر الى ان اشتراه بألف دولار. وفي غمرة فرحته اتصل بالأفندي ليخبره: استاد حصلتلك ذيب؟ لك هذا يا مخبل يشتري ذيب؟ ليش مو أنت طلبته مني؟ روح عمي روح الله ينطيك وأغلق الهاتف.
رجع المضحوك عليه للمكان الذي ربط به الذئب فوجده يعوي. غنى:
يا ذيب ليش اتعوي؟ .. حالك مثل حلي.