TOP

جريدة المدى > غير مصنف > عزيز علي في الذاكرة العراقية

عزيز علي في الذاكرة العراقية

نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 05:01 م

المحررربما لانغالي إذا صنفنا عزيز علي ضمن رعيل عراقي أسس لمشروع نهضوي ذاتي متعدد الإختصاصات والمواهب، وكأنه شكل رد فعل معاكساً لقرون الدعة وحرك نزعة للإنعتاق العراقي، فكان من جرائها ان تتجدد حضاراته في الجغرافية برغم متغير التاريخ.
وتجسد هذا الطموح في كل مناكب الإبداع من فنون وآداب وعلوم، و كاد يعيد للعراق مقامه الأزلي. بيد أن المؤامرة كانت أقوى و أن أصحاب الشأن، شان عليهم الأمر فأجهض المشروع وشتت أو أهمل أهله. لم يكن العراقي يعير مصدر الإعارة أهمية، تماشيا مع قدراته في مواءمة القادم والجديد مع واقعه وخصوصيته. فالمونولوج طرق غربي للغناء،أقتبسه العراقي عزيز علي، ويمكن أن يكون مشرئبا الى الجذر الشرقي الذي دعي عند الأسبان (طروبادور) الواردة من كلمة(طرب) العربية، او المطرب الذي ينقل هموم الناس ملحونا ودون قيود شعرية قسرية،وهو ما يدعى لدى المغاربة اليوم غناء (الراي). وكلمة (مونولوك monolog) تعني حواراً مع الذات أو الخطاب الفردي أو بمعنى (الهذير).والكلمة معاكسة لكلمة (ديالوك Dialog) التي تعني الحوار مع الآخر. وبالرغم من أن الكلمة وردت من مصر الثلاثينيات ويذهب البعض الى أنها تعود الى الفنان الشيخ سلامة حجازي، لكن فحواها يمكث حوار القلب للقلب، ومواساة هموم الناس وطرح عفوي وتبسيط دون تسطيح لمفاهيم عميقة. وهنا نشدد على تلك الموهبة الفذة التي جمعت بين الشعر والتلحين والأداء لدى عزيز علي، والتي لم تتوفر إلا ما ندر لدى أصحاب المواهب. وطرقت الأهزوجة والمثل الشعبي والقصة والطرفة في حبكة شعرية مبسطة مفهومة وجميلة من كل طبقات المجتمع، وكل يفهمه بحسب مستوى إدراكه. وما تزال قصائد هذا الفنان المغناة حاضرة في الوعي العراقي بما ألتزمته من موقف للمكارم وحملت في طياتها هموم الناس وآهاتهم اليومية. وتميَز عزيز علي بنقده اللاذع حد التهكم لسلبيات الواقع المرير الذي عاشه العراقيون،ولم يدخر جرأة ولا مبادرة في نقد الأفكار والعادات المتخلفة وهاجم دون خشية مظاهر الدجل والشعوذة والإفتعال الزائف والتصنع، ولم يدخر وعيا لغويا ونفسيا إلا وجسده في تناول الامثال والجمل الشعبية البغدادية. لقد كان له موقف سياسي نقد فيه جميع الحكومات المتعاقبة على العراق، ولم يتزلف أو يحابي كسبا للإمتيازات التي شاعت إبان العقود المتأخرة وسرى مفعولها اليوم، ودافع عن حق المواطن بالوجود وأرجع الأمر الى المستعمر وأذنابه، وكأن الحياة تدور دورتها كل مرة، بمهزلة أو تراجيديا كما قال أحد الحكماء. كانت ميزة مونولوجات عزيز علي التجديد، والعضوية التي جعلها نافذة لكل زمان ومكان. ومن يسمعها أول مرة يظنها نقداً لأيامنا الحاضرة، حتى تفاجأت الأجيال الصاعدة من قوة الرمزية و_(الحسكة) الشعبية في جنباتها، بالرغم من تقادم الزمان عليها وإختلاف المفردات وإختلال المعايير الجمالية أو حتى زوغان المفاهيم الأخلاقية عن سالف عهدها. كل ذلك جعلها تسمع بشغف من طبقات الوعي العراقي بعد سقوط الصنم،و تناقلتها الفضائيات والإذاعات بما لمسته فيها من حمل للهم و متنفس للتضامن مع من يشعر بالغبن بعد عقود الطغيان. وهكذا شعر الناس بالسليقة، مبدئية عزيز علي، بما زاده أحتراما وشغفا بفنه. ولد عزيز علي في بغداد- محلة الشيخ بشار- عام 1911 ودرس في المدرسة الثانوية المركزية ودار المعلمين الابتدائية وعين كاتباً في دائرة الكمرك والمكوس عام 1927 قدم عزيز علي مونولوجاته عند تأسيس اذاعة بغداد عام 1936 حيث نظمها بالعامية ولاقت نجاحاً كبيراً لتناولها قضايا ومواضيع اجتماعية ووطنية بصورة لاذعة.. ونقلت خدماته بعدها الى وزارة الاعمار والى مديرية الاذاعة عام 1957 عاد مرة اخرى الى وزار ة الاعمار ثم عين ملاحظاً في السفارة العراقية في براغ عام 1960 ونقل بعدها الى تونس بعد سنتين وأنهيت خدمته لكنه عاد الى الخدمة بعد انقلاب 8شباط عام 1963 حيث عين في وزارة الثقافة والارشاد وفي عام 1968 عهد إليه تأسيس مدرسة الاطفال الموسيقية، سجن عزيز علي في عام 1947 بتهمة انتمائه الى الماسونية.. لقد أرخ عزيز علي فترة تاريخ العراق المعاصر بمونولوجاته التي تؤرخ للقضايا الوطنية وحراك الحرية من الاستعمار واذنابه، ونجد في مونولوجه « البستان» مثلا تشبيه العراق رامزا له ببستان يقطف ويجني ثمار هذا البستان الانكليز واتباعه، وقد هاجم مجلس الاعمار عندما اراد بناء اوبرا في وقت تعاني مدن العراق الفقر والتخلف في مونولوجه الذي يقول: الله من ينطي يغطي بلادنا عمرت ترى ونبني فندق هلتون ماكومنه بالكون على عناد العاندونا كلفته جم مليون! ونقدت مونولوجاته شخوصا وجهات منها السفير البريطاني في بغداد في «صلي عالنبي «الذي اذاعته على الهواء دار الاذاعة العراقية في بغداد. وفي قصيدته « عيش وشوف « ينتقد النظام السياسي والحكومة البريطانية وخاصة سفارتها لكن ميزة قصائد عزيز على انها لاتذكر فيها الاسماء خوفاً من بطش الحكومات بمعنى أنه ينتقدها بصورة غير مباشرة: عشنا وشفنا وبعد انشوف قرينا الممحي والمكشوف ماظل فد شي مو معروف عيش وشوف عيش وشوف عشنا وشفنا بها الدنية كل الادوار وز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

غير مصنف

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

بغداد/ المدىيعرض معرض "إعادة العرض" الفني، الذي يجمع أعمال فنانين عراقيين من داخل الوطن وخارجه، لوحات حية من تاريخ العراق المعاصر.ويسلط المعرض الضوء، من خلال لغة السينما، على التحديات التي واجهها الشعب العراقي على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram