اخترت اليوم كونشرتو الفلوت في ري الصغيرWQ22 لكارل فيليب إيمانويل باخ (١٧١٤-١٧٨٨) كمدخل للحديث من جديد عن الابن الثاني ليوهان سيباستيان باخ. والكلام عنه ضروري، لأنه هو من أوجد الموسيقى الكلاسيكية ذاتها، وهو الأسلوب الموسيقي الذي تعلمه منه لاحقاً
اخترت اليوم كونشرتو الفلوت في ري الصغيرWQ22 لكارل فيليب إيمانويل باخ (١٧١٤-١٧٨٨) كمدخل للحديث من جديد عن الابن الثاني ليوهان سيباستيان باخ. والكلام عنه ضروري، لأنه هو من أوجد الموسيقى الكلاسيكية ذاتها، وهو الأسلوب الموسيقي الذي تعلمه منه لاحقاً كلا من هايدن العظيم وموتسارت الأعجوبة وأخذاه عنه. وعندما أقول الموسيقى الكلاسيكية فلا أقصد المفهوم السطحي المتعارف عليه لدينا، بل أقصد مدرسة في التأليف الموسيقي انتعشت في أوروبا في النصف الثاني للقرن الثامن عشر واستمرت حتى بداية القرن التاسع عشر، عندما ظهرت المدرسة الرومانتيكية على يد الألمانيين فيبر وشوبرت وازدهرت بعد وفاة بيتهوفن (١٨٢٧) على يد شومان وشوبان وليست وبرليوز وفاغنر وغيرهم.
انخرط كارل فيليب إيمانويل سنة ١٧٣٨ في خدمة ولي عهد بروسيا فريدريش )الذي أصبح بعد سنتين فريدريش الثاني ملك بروسيا( لسنوات طويلة مع ألمع موسيقيي ذلك العصر، مثل كارل هاينريش غراون وعبقري الفلوت الفذ يوهان يواخيم كفانتس (الذي ألف مئات الأعمال الموسيقية المختلفة لأداة الفلوت). ويأتي هذا الاهتمام بأداة الفلوت بسبب إتقان الملك العزف عليها، وكان فريدريش الثاني مؤلفاً موسيقياً كذلك ألف عدداً من المقطوعات الموسيقية لها بينها ١٠٠ سوناتا إضافة إلى أربع سيمفونيات وغير ذلك. كان فريدريش الكبير حاكماً مستبداً لكن مستنيرا يعود إليه الفضل في تحديث بروسيا ونهض بالصناعة المحلية وأدخل منتجات زراعية جديدة مثل البطاطا، ودعم أكاديمية العلوم في برلين وتميز بتسامحه الديني وانفتاحه الثقافي.
ازداد في العقود الأخيرة الاهتمام بهذا الموسيقي الكبير الذي ألف في كل الأشكال الموسيقية عدا الأوبرا، إذ ألف عددا من سوناتات البيانو الجميلة والكونشرتات الراقية والسيمفونيات الأولى قبل هايدن وموتسارت. ويجري اليوم العمل للخروج بطبعة جديدة شاملة لجميع مؤلفاته بالتعاون بين معهد باكارد للإنسانيات، وأرشيف باخ في لايبتسيج والأكاديمية السكسونية للعلوم في لايبتسيج وجامعة هارفارد ستكتمل في العام المقبل على شرف الذكرى المئوية الثالثة لولادته في ١٧١٤.وستضم الطبعة كذلك آخر الأعمال المكتشفة في برلين سنة ١٩٩٩ بضمنها مؤلفاته الغنائية الدينية التي أبدعها أثناء عمله في هامبورغ. ويرأس مجلس التحرير الموسيقي المعروف كريستوفر هوغوود.