يرى(بيكاسو) في الفن( شاعرية تسمح لنا بالتقرب الى الحقيقة،الحقيقة التي يمكن إدراكها في الأقل) من خرم هذا الاجتراح يحق لنا تطويع نسق ذلك الاعتقاد الجمالي نحو امتدادات حدسية تتعلق بواقع أصل اختلافات الوعي فيما يخص شاعرية الرسم وتلويحات طبيعة انهم
يرى(بيكاسو) في الفن( شاعرية تسمح لنا بالتقرب الى الحقيقة،الحقيقة التي يمكن إدراكها في الأقل) من خرم هذا الاجتراح يحق لنا تطويع نسق ذلك الاعتقاد الجمالي نحو امتدادات حدسية تتعلق بواقع أصل اختلافات الوعي فيما يخص شاعرية الرسم وتلويحات طبيعة انهماكاتها التعبيرية أولا،ومن ثم باقي مكملات وإجراءات نوعية تداني خواص مثول العمل الفني أمام تجارب نوعية تشكيلية كبيرة أوجدت انساق ومقومات وجودها من خلال عمق أخيلتها وسعة تأملاتها وسلامة تفكيرها و رصانة معادلات التجريبية بخلاصة نهجها العام.
لعلي-هنا- أمهد الطريق دخولا لمحراب تجربة الفنان التشكيلي (شداد عبد القهار/تولد بغداد 1958نال ثلاث عشرة جائزة فنية قيمة،وأقدم على إقامة تسعة معارض شخصية،وأربعة معارض مشتركة أبرزها مع الفنان الكبير (محمد مهر الدين) في العام/2004،ثم تلاه في العام/2005 بمعرض أثير ومثير حمل عنوان(حرائق بغداد)،تناوبت فيه ذات الفنان المبدعة مع ذوات الجماعة من خلال ضخ لغة السواد بما يواز ويهيب بطغيان الحزن سائرا في أتون لوحات،جسدت مهابة وقتامة الظروف التي مر بها العراق بعد حرب الربيع عليه في العام/2003،فيما تواثقت مهام تطويق معالم ومحتويات تجربته عبر مخاض معرضه الشخصي الأخير الذي أقامه منتصف العام/2012 على قاعة حوار للفنون ببغداد تاركا صدى عميقا و أثرا غائرا في عموم قوام وثنايا تجارب كبيرة،حفرت- بثقة ووضوح حضور نوعي- في سياق تأريخ الفن التشكيلي العراقي منذ طلائع وعي الحداثة فيه،حتى تخوم ما آل اليه ذلك المحصول البصري.
يشيد (شداد عبد القهار) بناء لوحاته بهاجس بث القليل من الدلالات و الرموز والحروف والوحدات والعلامات الانشائية لكي يعيد صيغة وحتمية ذلك البناء من أجل أن يعطي مجالا وفسحا أكثر من التملي و التأمل وسعة وامتدادات أوسع للتأويل، تعادل سعة وعمق تلك الهواجس وقلق فحوى أبعادها الإنسانية،فهو يفترض واقعا متخيلا تحكمه قوانين الانتماء لحضارة وادي الرافدين عبر مرموزات ملاك ذلك الاحتدام المشفوع بنوازع صراعات الذات مع المحيط بتنويعات مستجدات الأحداث والظروف وطبيعة المشاركة والانفتاح على العالم عبر سبل ووسائل تلك الانهماكات الوجدانية والمشاعراتية التي تعادل أهمية وقيمة العمل الفني برمته، أجدني أتلمس بقول الشاعر (كيتس) حين يدعي على أنه ... يكره الشعر الذي يفرض عليه غرضا ملموسا...مثابة أخرى تجهد كي تصل الى جوانب مهمة من تجربة(عبد القهار) كونها تعتمد لغة الشعر عبر تفويض صور وموجزات نفسية لحالات ومشاعر وأحلام قادرة على ان تجد نفسها أساسية وراسخة في معمار لوحاته،بالرغم من قلة الدلالات والرموز وبقية مكملات أعماله-كما أشرنا قبل قليل- لكنها تعيد ثقة ذلك الانبثاق الروحي والنفسي،حين تحي لغة الصراع الضمني وتحسم مهام وجودها مساند ذهنية واقتراحات جمالية مدعومة بشروط موهبة أكاديمية بالغة العمق والتأثير حتى في أقصى اعتماد اللوحة على التجريد ومحافل التعبير الحر لمعنى معادلات عمليات الخلق الفني.
أن ما يعزز وعينا بقيمة الجمال ومناهل الوصول إليه،هو حتمية وقدسية المسعى، إذا ما قبلنا بما أدلى به (ستندال) من أن؛(الجمال وعد بالسعادة)،فأن تحسين مرجعيات وغايات الفن الحقيقي من ثوابت مرشحات عدة محددات ،هي- بوجه أدق- تصورات، تسعى لان تنشط أغراض التحريض من أجل ترسيخ وتثبيت شروط وجودها الإبداعي،تقارن ثقة المنجز بأرضية وعيه،وثقة الفنان بأرضية ما ينجز على حد سواء،كون العلاقة متماهية ومرصوفة على طول شريط ذلك التواصل مابين التجربة الشخصية،وظروفها العامة وما نتائج وموجزات شداد الا اتزان حدسي واستعمالات بنائية حفلت بمنجزات إجرائية جاءت لتحادد وتماشي مقدرات وعيه الخاص الذي وسم تجربته بالانحياز لنوع من التجريد الفلسفي،والتجاور الجمالي في كسب علاقة تركيبة تجعل من اللوحة بمثابة وثيقة بصرية تدافع باتجاه الدفاع عن وجود الإنسان ،حتى وأن غاب تماما عن لوحاته و مرتسمته التوثيقية-المتحفية من جراء وعيها بقيمة الدهشة التي يخلقها في لجج أعماله (البانرومية) تلك الدهشة التي يرى فيها (ميلان كونديرا) على انها (توتر حيوي)،وما تستند إليه تنويعاته المثمرة ونضج وثراء ما جاد به من استيضاحات- أحسبها قصدية - درجت تمتلك أسباب قوتها وثقل تحديها في متون معرض (شداد) الأخير/قاعة حوار،بعد أن أفاض فينا موجات الاحتدام و الاهتمام وصراحة الارتهان لمناسيب جدية ما يسكن هذا الفنان المسكون بنوازع تحديثية-تركيبية خاصة في قدرة تبنيها لعوامل ومقومات التصميم ونواحي الإخراج الفني للعمل الذي يبغيه ويراهن عليه،فضلا عن استكمال واستنفار مكونات وملكات مخيلته وسعة فهمه ودواعي جرأته المشفوعة بمنجزات وخلاصات تعود الى مجمل بداياته في ثمانينات القرن العشرين مقرونة بمعرفة متنوعة ومدركة في استكمال أدواته التعبيرية وتوصيلاته الشكلية كنتائج نهائية تداني لفكرة قيمة، تتلخص بدواعي دواعي ما يحدث ويجري في المحيط الذي يحيا فيه،وبما يحاذي طبيعة النيل من كل أولئك الذين يحترفون الفن من دون أدنى احتراف معرفي لذواتهم الفنية وانعدام فائض قيمة الاستمرار والتواصل كمعادل موضوعي وحتمي لموقف الفنان بأزاء ما يقع أمامه وما يجري من تحولات وأحداث، وفي واحدة من تلك الاستلهامات الذهنية يتعمد (شداد) على تحويرات موجوداته البصرية بتعميد أشياء وحداته ومصفوفاته التوضيحية بالكثير من طرائق الاعتماد على ثلم وتثقيب لوحاته أو حرق بعض أجزائها، بما يؤهل لفرض نوع من الاعتراض على ما هو ساكن أو مهمل أو متروك-قصدا- لكي يبني عليه آليات معالجة آنية،سرعان ما تتحول نحو علاقات متوازنة و متنافرة في ذات الانهماك والتحريض الجمالي،من أجل الحصول على نتائج افتراضية مبهرة،لم نكن نتوقع وقع أثرها بهذه الصيغة والاحتمال الذي يجعل المهمل أثرا خالصا،قائما ومؤثرا بزهو تلك الاجتراحات الماهرة التي يبتكرها(عبد القهار) بايعاز من واجب الاحتفاظ بشروط مهابة العمل الفني ومختصراته الجمالية،ونوايا سعادات تلك التوصيلات الإجرائية المتأتية من مناجم موهبة ودربة وذكاء نفعي في استجلاب روح الجمال خاصا ... حاضرا ... متجسدا،على أديم مخلفات الرماد،