بندوة عقدت في كلية الإدارة والاقتصاد الجامعة المستنصرية والتي تمحورت حول محاضرة الخبير الدكتور صادق الشمري الضليع في الصيرفة الإسلامية خبرة ومؤلفات وكما جاءت في جريدة الصباح ليوم 20/3/2013 .
فقد جاء في محاضرة د . صادق أن هناك تفضيلاً من الزبائن للمصارف الإسلامية كونها لا ربوية، وبذلك أصبحت تقطع جزءاً كبيراً من الحصة السوقية للمصارف وأن نجاحها على المستوى الدولي والإقليمي لا يمكن إنكاره وبلغت الموجودات بحدود (550 مليون دولار) ومن المتوقع أن ينمو حجم اعمالها مطلع عام 2014 ليصل بحدود ( 2 ترليون دولار وبنسبة نمو 24 ــ 30% ) وأن عدد المصارف الإسلامية زاد على ( 400 مصرف منتشرة في 57 دولة أي ثلث العالم) .
وبشجاعة وصراحة يندر مثيلها من مصرفي معروف ليقول ولكن بالمقابل أخفقت في تحقيق رؤيتها ورسالتها المنشودة، من خلال هدفها الأساس بتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء في تحسين حياة المسلمين. ولجأت المصارف الإسلامية إلى أسواق أكثر استقراراً في بيئات آمنة (كأوروبا وأميركا).
وبهذه المناسبة لابد من التذكير بالجوانب النظرية التي تنظم قواعد الصيرفة الإسلامية التي بدونها لا يمكن أن تكون إلا إسلامية بالاسم فمن المعلوم بما أن الربا حرام شرعاً وورد في سورة البقرة وسورة آل عمران وكلتاهما مدنيتان. لذلك أصبح الإنفاق واجب وليس خياراً لكي لا يتفشى الربا. حيث وردت في القرآن آيات تؤكد ذلك عندما يقول (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) (ولن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبون).
فأين المصارف الإسلامية عندما تغادر بيئتها ووسطها الاجتماعي والاقتصادي لتفتش عن الربح في أوروبا وأميركا؟ وعندما تخفق في تحقيق رسالتها وتربح أعظم الأرباح في ( 57 دولة ) ما هو الإسلامي في ذلك .
فالإسلام السياسي في العراق بمصارفه الإسلامية المتعددة التي ترتبط إدارتها بشكل أو بآخر بالقرار السياسي بحكم التجانس المذهبي أين هم بالضبط من ( 23% فقراء ) و (800 ألف أرملة) وأزمة السكن كما يعاني منها أولاً سكنة العشوائيات؟ نعم أنهم ليس جمعيات خيرية أو بديلاً للحكومة ولكن موقفهم يكاد يكون معدوماً في هذا الميدان . فهؤلاء الذين تحت خط الفقر المفروض هم قاعدتهم الشعبية التي يسعون لتنمية مواردها البشرية أو الاقتصادية من خلال صناديق وسلف مشاركة لهم برأسمال صغير كما هي تجربة بنغلاديش المعروفة حيث مول مصرفهم فقراء بنغلاديش أصحاب المشاريع الصغيرة وأقام المشاغل العائلية من خلال شبكة واسعة جداً وأخذ صاحب المشروع جائزة نوبل في الاقتصاد.
على الأقل تتحرك صيرفتنا الإسلامية باتجاه فتح باب الاستثمار المغلق على هذه الشرائح بالسكن ومتابعة أمورهم من خلال نفوذهم السياسي . بدلاً من فسح المجال للبنك الدولي والمساعدة الأميركية في تمويل مشاريع صغيرة وفعلاً تم ذلك حتى فتح دكاكين حلاقة أو محال بيع مفرد . لم نلمس أي دور من صيارفة الإسلام السياسي لقاعدتهم الاجتماعية أو وعائهم الانتخابي أو عيال الله وأخشى ما نخشاه أن يتكرر مأزق القوميين العرب ببعثهم وناصريهم حيث دمروا مشروعهم الوحدوي أكثر من أي عدو لدود لهم وعلقوه على الشماعات المعروفة وغادروا الساحة ليتركوها لوريثهم الإسلام السياسي الذي ثبت عملياً فشل مشروعهم المالي على الأقل وكما يذكر إستادنا الشمري .
ولذلك لا يمكن تصور نجاح لصيرفة تحقق بدون الفقراء نحو 24 ــ 30 % وتتنازل عن هذه النسبة لسواد عيون بؤساء لا حول لهم ولا قوة لأن أوروبا وأميركا أدسم وأقل رسكاً .