اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > من دفتر الذكريات

من دفتر الذكريات

نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 05:19 م

عبدالوهاب الشيخلي وانا في المدرسة الابتدائية كنت احفظ الكثير من اغاني محمد عبدالوهاب وعبدالغني السيد وزكية جورج واسمهان لكن عندما استمعت الى الفنان عزيز علي من الراديو والكرامفون في عامي 37 و 38 تعلقت باسلوبه الفريد في الاداء والحانه الرائعة وكلماته المنتقاة بعناية،
ونقده الاجتماعي وكان الناس صغارا وكبارا ينتظرون الوقت المخصص له في الاذاعة ولصغر سني كنت اسمعه عن طريق المصادفة ولاتزال بعض اقواله ومونولوجاته ترن في اذني منذ الاعوام الاولى لمباشرته في غناء تلك الالحان الرائعة واقول الالحان لانني كنت ومازلت حتى يومنا هذا اتأثر باللحن قبل الكلمة وكان الصوت ونبراته وحسن ادائه هو الذي يصل الى القلوب ويؤثر في الناس رغم قلة عدد الالات الموسيقية المصاحبة.. وبعد سنوات اختفى عزيز علي من الاذاعة وكنت اسأل هنا وهناك هل هو حي ام انه رحل عن هذه الدنيا وكانت المقاهي تدير اسطواناته الاجتماعية الرائعة مثل القبول وعال العال وشوباش وامان امان من هالزمان وعيش وشوف ودكتور وبستان وفي اقواله الاخيرة نحا منحى سياسيا وراح يعالج ما كنا نعانيه من مآس ادت الى ثورة مايس والحرب مع الانكليز في عام 1941 وفي هذه الاقوال نجده قد استخدم مقام الحجاز في (امان امان) والرست في (عيش وشوف) والنهاوند في (دكتور) ورغم بساطة التحويلات النغمية في تلك الاقوال الحكيمة الا انها تدل على براعة وقدرة وموهبة فذة تعتمد على السليقة في اختيار البدايات المناسبة والقفلات النغمية التي لاتخذ السمع.. والمزاوجة بين الانغام الصغيرة والكبيرة كما حدث في (دكتور) الذي اعتبره قمة في ميدان التلحين والانتقالة النغمية من النهاوند (الصغير) الى مقام العجم (الكبير) وقد سمعت الفنان الراحل (القبانجي) يثني على عزيز علي مؤكدا انها التفاتة لحنية بارعة. لقاء في كربلاء وبعد ان طال غياب عزيز علي واثناء تواجدي في محافظة كربلاء في عام 1948 زرت احد محال بيع الاحذية واذا بي امام (عزيز علي) الذي ظهر انه صاحب المحل فلم اصدق ان هذا الذي يقف امامي هو نفسه الذي كان ينقلني الى عالم الالحان الساحرة رغم انه لايعترف بانه يهتم بالتلحين ولا ادري ان كان ذلك من باب التواضع وقد التقطنا صورة للذكرى لكني لم اشاهدها لانها كانت فاشلة. وتشاء المصادفة ان التقيه ثانية وفي نفس العام في اذاعة بغداد وتعارفنا مجددا ومنذ ذلك الوقت لم نفترق الا لماما، شاهدته يضع اجمل واروع اقواله منذ عام 1948 وحتى آخر مونولوج وضعه في عام 1958 ويقول فيه (كل حال يزول). ولفرط اعجابي به كنت اقف مع كورس الاذاعة كي اردد معهم بعض اقواله الشهيرة ومنها برنادوت وصل عالنبي وبستان.. المعجبون يتجمهرون خارج الاذاعة وكان عزيز علي يتاخر في الخروج من الاذاعة متحاشيا الحشد الهائل من الناس الذين يتجمهرون خارج الاذاعة وينتظرون مشاهدته ورغم تأخره فان عددا منهم لاييأس من الانتظار عند خروجه يندفعون نحوه لمصافحته وتقبيله لكنه يتخلص من الموقف بالاندفاع نحو السيارة التي تنتظره حيث يذهب الى بيته وعائلته وكان يقول لي دائما انني لااملك سوى بيتي واولادي ورغم ذلك فقد طفله البكر (عمر) ولم تدمع عيناه لانه كان يعتصر الالم والحزن في قلبه،، وبينما كان صوت البكاء يصدر عن النسوة في البيت امسك بيدي وقال فلنذهب الى السينما وعرفت انه متأثر جدا لوفاة ابنه لكنه اراد ان يبتعد قليلا عن اجواء النواح والبكاء. تأسيس مدرسة موسيقى الاطفال كنت ذات يوم اقوم بمهمة تدريس النشيد والموسيقى في احدى مدارس البلد واذا بي اشاهد الفنان عزيز علي ومعه استاذ اجنبي وبعد ان انتهى من اختيار بعض الطلبة طلب مني مراجعته في دائرة السينما والمسرح وهناك عرفت انه ينوي تأسيس اول مدرسة لتعليم الموسيقى للاطفال على اسس علمية متينة، وقد زار لهذا الغرض الاتحاد السوفييتي وتمت الاستعانة ببعض اساتذته ثم اختارني معاونا له في المدرسة وبدأنا العمل وحضر الاساتذة الروس اما الاساتذة من العراقيين فقد اجريت لهم اختبارات للتعرف على قدراتهم في تعليم الاطفال الالات الموسيقية وقد فشل بعضهم رغم انهم كانوا يعملون في الفرقة السمفونية واخذنا نعمل ليلا ونهارا من اجل الوصول الى النتائج المرجوة خلال مدة زمنية قياسية.. وقد تعرفت على عزيز علي بصورة افضل بحكم العمل معه عن قرب فوجدته عصبي المزاج وقد اتعب نفسه واتعبنا معه،، لكننا رغم كل شيء استطعنا ان نصل الى نتائج ملموسة وقدمنا حفلات غنائية وموسيقية ادهشت كل من حضرها وسجلنا للتليفزيون عددا لايستهان به من المقطوعات الموسيقية العربية والاوربية.. ولاشك ان تجربة الفنان عزيز علي في هذا الميدان هي الاولى من نوعها لانها استندت الى اسس علمية صادقة.. وكان اختبار الطلبة يتم وفق شروط مشددة (وهنا اتحدث عن مدرسة الموسيقى قبل دمجها مع مدرسة الباليه) وبعد ان ترك عزيز علي العمل بسب تقاعده واصلنا المسيرة في هذه المدرسة الى عام 1974 وسلمنا الرسالة للاخرين بعد ست سنوات من العناء والجهد من اجل موسيقى رفيعة وفن يحمل في ثناياه روح المستقبل.. محطات في الذاكرة ومن الذكريات التي تحتفظ بها ذاكرة الناقد (الشيخلي) هذه المحطات.. *قدم عزيز علي ذات مساء حفلة في نادي الكمرك وكان (صباح بن نوري السعيد) احد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

فريق ألماني يكتشف مدينة تاريخيّة وأقدم إمبراطوريّة إنسانيّة من العهد البرونزي في دهوك

مارلين مونرو.. قصة حزينة جداً!

قراءة في كتاب: دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي

القذافي.. سيرة حياة كارثية!

السحر الغريب لألف ليلة وليلة

مقالات ذات صلة

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري
غير مصنف

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري

بغداد / المدىعدسة: محمود رؤوفأقام بيت المدى التابع لمؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون وبالتعاون مع معهد غوتا، اليوم الجمعة، فعالية تحت عنوان "محمد جواد أموري.. صانع النجوم"، بمناسبة مرور عشرة اعوام على رحيل الملحن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram