وجوه مختلفة التعابير بين الحزن العميق والوجوم المخيف والابتسام الحذر وصولاً إلى ملامح الفرح الحقيقي والأمل بغد جديد هي ابرز محاور المعرض التشكيلي المشترك الذي أقامه عشرون فناناً تشكيلياً في قاعة ميديا وسط أربيل وذلك ضمن فعاليات الاحتفال بأعياد
وجوه مختلفة التعابير بين الحزن العميق والوجوم المخيف والابتسام الحذر وصولاً إلى ملامح الفرح الحقيقي والأمل بغد جديد هي ابرز محاور المعرض التشكيلي المشترك الذي أقامه عشرون فناناً تشكيلياً في قاعة ميديا وسط أربيل وذلك ضمن فعاليات الاحتفال بأعياد نوروز في إقليم كردستان .
وينتاب الداخل إلى قاعة المعرض إحساس بالتنوع الذي يصل حد التناقض لاسيما مع الانتقال السريع في تعابير الوجوه والأجساد التي تبدو واضحة على أبطال هذه الأعمال الفنية مع ملاحظة أن الانتقال الذي يبدأ وبحسب تسلسل اللوحات من حالة الترقب إلى الخوف وصولاً للفزع مع كثرة المشاهد المخيفة لينتقل بعدها إلى حالة من الهدوء والاطمئنان وينتهي بلوحات تظهر معالم الفرح والبهجة في رسالة يؤكد المشاركون خلالها أن الليل مهما طال فأن بانتظاره نهارا مشرقا وجميلا.
وقال الفنان عبد المطلب كردي : في إطار الفعاليات الاحتفالية التي يشهدها إقليم كردستان عموماً ومدينة أربيل بمناسبة أعياد نوروز فقد عملنا نحن مجموعة من الفنانين على إقامة هذا المعرض والذي كانت المشاركة فيه بواقع لوحة واحدة لكل فنان .
وأضاف كردي في حديث لـــ(المدى) لوحتي تتحدث عن مشاركة المرأة الكردية في جميع حركات التحرير والنضال التي خاضها الشعب الكردي ، مبيناً أن المرأة كان لها دور كبير وفاعل في هذه الحركات التي غيرت مصير ومستقبل الشعب الكردي نحو الأفضل والأحسن وهذه اللوحة تعبيرا متواضعا عن شكري وامتناني للمرأة الكردية المناضلة .
وإذا كانت لوحة الفنان عبد المطلب تحمل سمات الامتنان والشكر فأن لوحات أخرى جاءت بمضامين معبرة عن المأساة والفاجعة التي أصابت الشعب الكردي ومنها لوحة الفنان ره وند جعفر التي تتحدث عن الإبادة الجماعية وتظهر بتفاصيل دقيقة تلا كبيرا من الأجساد البشرية المتراكمة فوق بعضها البعض وبالقرب منها تشاهد لوحة كبيرة للفنان احمد نه بز وتطل منها عدد من الوجوه ذات التعابير الحزينة والمتألمة وبعضها معصوب الأعين وتتداخل معها مسدسات مكتوب عليها تواريخ لفواجع وكوارث عصفت بالبشرية وتلاحظ في هذه اللوحة كثرة وتنوع الأساليب فالوجوه هي صور فوتوغرافية عليها بعض المؤثرات اللونية والمسدسات هي ألعاب بلاستيكية تم تركيبها فوق الصورة إضافة إلى باقي التفاصيل المرسومة بالفن التشكيلي.
ومع وصول المشاهد إلى قمة المشاعر الحزينة والغاضبة تبدأ مرحلة جديدة من اللوحات التي تصور جوانب الفرح والجمال في المدينة والطبيعة الكردستانية وتبرز تفاصيل الشارع والمقهى والبيت والحقل والبرية والملابس والعادات والأعياد وحتى الأطعمة مصحوبة بتشكيلة لونية جميلة تعكس الطبيعة الخلابة والملابس التراثية في المجتمعات الكردية.
ويرى الناقد فوزي العطار أن العديد من اللوحات كانت سمتها التعبيرية هي الوجه وتحديداً تلك الوجوه النازفة ألماً والمتكئة على جرحها ونزفها الداخلي، وهذه اللوحات لا تقدم عرضاً ذاتياً وحسب، بل تمتد لتصل إلى الآخر في عذاباتهم اليومية والإنسانية على العموم.
ويعتبر العطار ان مسحة الحزن والألم الطاغية في بعض اللوحات هي انعكاس طبيعي للواقع المرير الذي عاشه الأكراد في الماضي حيث الدموع والآهات ومنظر الخراب والدمار في ذلك الوقت ومن الطبيعي أن تظهر جلية في لوحات هؤلاء الفنانين.
أما أستاذ مادة الرسم فوزي أردلان فأنه يؤكد بأن هذه الوجوه وكأنها مستوحاة من الطبيعة ويشعر بأنه سبق له رؤيتها في نشرة أخبار أو فلم وثائقي تتحدث عن معاناة الأكراد بما يعني أنها وجوه لأشخاص موجودين في الواقع عمل الفنانون بريشتهم على نقل هذه الوجوه بتعابيرها الحزينة التي تبدو بوضوح في نظرة العين وحركة الفم.
وفي وسط المعرض توزعت أكثر من عشرة أعمال خزفية لفنانين بارزين في هذا المجال مثل لاوين دارا محمد وشيلان إبراهيم وسامان هيدايت ومجملها تصور أشكال ومخلوقات خرافية وأسطورية غريبة تفصح عن مشاعر التوجس والقلق في حين كانت هناك منحوتات تصور جوانب الطبيعة وفصل الربيع والأزهار المتفتحة ولتكون مع الأعمال التشكيلية وحدة متجانسة من الأفكار والمضامين التي تتلخص رسالتها في أن ليل الشتاء البارد والمخيف والحزين يأتي بعده ربيع دافئ ونهار مشرق وجميل ومفعم بالأمل .