TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > " فد واحد" نيسان

" فد واحد" نيسان

نشر في: 31 مارس, 2013: 09:01 م

الأول من نيسان ، "اليوم العالمي للكذب"  هو تقليد اعتمدته  شعوب أوروبا قبل قرون لإطلاق  كذبة بريئة  من  النوع الأبيض ،  وإيقاع الآخرين بمقالب،  الغاية منها إثارة الضحك على من  تجاهل أن يضع في  حسابه شرعية الكذب في يوم واحد  فقط من  مجموع أيام السنة الواحدة غير الكبيسة .

في الأول من نيسان ربما استعد البعض لاحتمال مواجهة أنواع من الأكاذيب  ، وآخر يكون ضحية  مقلب أُعد له بسيناريو محكم تستخدم،  فيه وسائل الاتصال الحديثة ، فيكون ضحية "قايش"  يكتشف بعد حين أنه تعرض  للكذب الأبيض ، وبعد انتهاء  فصل من الضحك،  يتلقى التهاني وكل واحد نيسان وأنت بخير ، والشعوب المتحضرة،  تتعاطى مع هذا اليوم بهذه الحدود ، والكذب لديها في الأيام الباقية من السنة  محرم وقد يتعرض الكذاب لملاحقة  قضائية بتهمة  التضليل ، وهذا ما حصل مع طالب عراقي كان يدرس  الفن في إيطاليا ، عندما  حمل كيسا فارغا في ساحة عامة فتجمعت حوله الطيور ، لتأكل محتويات الكيس ، فأثار المنظر  غضب أحد رجال الشرطة فتوجه لصاحبنا مسرعا ومنعه من ممارسة "لعبته القذرة " بالكذب على الطيور ، وهدده  بالاعتقال بتهمة الكذب على الطيور، والحادث  رواه الطالب نفسه الذي أصبح في ما بعد أستاذا جامعيا ، ونقله لطلابه ليتعلموا الدرس من ثقافة شعوب حرّمت الكذب ، وفرضت على من يرتكبه  عقوبات قضائية .

العراقي ليس معنياً  باليوم العالمي للكذب ، لأنه على مدار أيام السنة وربما التاريخ الحديث كان ضحية أكاذيب  كارثية ،محلية وخارجية ،  فأحزابه رسمت أمامه صورة مشرقة لمستقبله ، وكذبت ، والمسؤولون والقادة السياسيون  بعد غياب آخر رجل دولة لطالما كتبوا  وألقوا الخطب وأعلنوا برامجهم الانتخابية لجعل العراقي أسعد إنسان في المنطقة كذبوا أيضا ،  والولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الكذبة الأبشع عندما ادعت أنها بعد غزو العراق والإطاحة  بالديكتاتورية ستنقل شعبه إلى رياض الديمقراطية ، وكذبت هي الأخرى ، ثم رحلت ،  تاركة وراءها  أزمات مزمنة ، والكذبة الأكبر لواشنطن عندما أعلنت  أنها على إيمان راسخ بأن الساسة العراقيين قادرون على احتواء أزماتهم  وستنتصر إرادتهم عندما يجتمعون حول طاولة الحوار،   ويقررون ما يخدم مصالح شعبهم .

  الزمن والحب والوفاء والإخلاص  أكاذيب  بنظر العراقي، والدليل على ذلك  أغنية " جذاب دولبني الوكت" . أما وعود المسؤولين والمرشحين للانتخابات ، وفي ظل تراجع الخدمات ، والبحث عن الأمبيرات ، واتساع الخلافات ، وتفاقم الأزمات ، والتلويح بالانسحابات والتحذير من الانقلابات ، ستبقى تلك الوعود- وعلى هذا السجع - محاولات رخيصة،  لكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات .

عندما يشعر ضحايا الكذب السياسي بأن يوما واحدا من السنة  سيخصص  للاحتفاء"  بيوم الصدق العراقي"  سينتابهم الفرح لأن في ذلك اليوم التاريخي ستحقق منجزات كبيرة  ومكاسب وطنية ، للعراقيين  تجعلهم يتناسون أكاذيب سنة كاملة ، وعيش وشوف تاليها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram