دائما يقف الإهمال وراء كل مصيبة تحل بالعالم، حيث أدى تساهل العالم بتقديم علف مصنع من خلايا حيوانية المنشأ للأبقار، إلى تدهور الخلايا الدماغية داخل البقرة ومنها إلى سلوك شاذ، اضطراب حركي، شلل، وأخيراً إلى موت الحيوان،
وهو ما يطلق عليه مرض "جنون البقر" الذي أرعب العالم سنوات طويلة. وقد أعلنت وزارة الصحة الايطالية عن اكتشاف حالة محتملة للإصابة بـ "الاعتلال الدماغي الأسفنجي" وهو النوع البشري من مرض جنون البقر.وأشارت الوزارة إلى أنه منذ بدء تدوين سجلات وطنية عام 1993 رصدت ايطاليا حالة واحدة فقط بالمرض في 2002، مؤكدة أن الحالة الجديدة المحتملة أصيبت بالمرض قبل حظر استخدام عظام وبقايا حيوانية في علف الماشية في ديسمبر 2000. وأكدت الوزارة أن جنون البقر مرض قاتل يصيب دماغ الماشية، حيث ظهر للمرة الأولى في بريطانيا في الثمانينيات، مشيرة إلى أنه يمكن إصابة البشر بالمرض عن طريق تناول أجزاء من حيوانات مصابة. ما هو مرض جنون البقر؟ ومرض جنون البقر يعرف طبياً باسم "اعتلال المخ إسفنجي" وهو مرض خطير قاتل يصيب الجهاز العصبي المركزي في الماشية، ويدمر أجزاء من المخ حتى يصير مليئاً بالفراغات كالإسفنج أو كالغربال.والماشية المصابة تظهر عليها تغيرات في السلوك، وحركات لا إرادية " ارتجافات"، ونقص في التناسق العصبي الحركي ثم ينتهي المرض بالنفوق، وتتراوح فترة الحضانة لمرض جنون البقر ما بين 20 شهراً و15 سنة.ويتسبب مرض "جنون البقر" عن العدوى بما يسمى "البريون"، وهو نوع غير عادي من العوامل المعدية، وقد أصيبت الماشية البريطانية أصلاً بالمرض بسبب إطعامها مواد ملوثة ناتجة عن خراف نافقة كان المزارعون قد قاموا بفرم لحومها الميتة وخلطها بعلف الماشية. و"البريونات" هى عبارة عن بروتين عثر عليه في أنسجة البشر والحيوانات، ولم يتم التعرف إلى الآن على أي وظيفة "للبريونات"، و يستطيع "البريون" أن يتحور وبعد ذلك يبدأ بتفاعل متسلسل يؤدّي إلى التهاب مخ "إسفنجي بقري المنشأ". يذكر أن "البريونات" تعتبر "جراثيم" أقوى من البكتيريا أو الفيروسات، فهي تستطيع تحمل درجات حرارة تصل لحدود 100 درجة مئوية، ولا تؤثر عليها المطهرات، ويستطيع البريون أن يبقى في الأرض لسنوات لأنه قابل على التفسخ فقط إلى مدى قليل. بداية المرض كما شهد العام 1970 أول ظهور لمرض "جنون البقر"، حيث تفاجأت بريطانيا في ذلك العام بالمرض يحل عليها من خلال أول ماشية تصاب به، ولم يتم التحقيق في هذه الحادثة من قبل معمل الطب البيطري المركزي، حتى أصيبت أخرى في عام 1985م. وبعد أن بدأ المرض في التنقل والظهور من ماشية إلي أخرى كان حتماً ولابد على معمل "علم الأمراض" من التحقق من الأمر، وتم التأكد على أن الماشيتين أصيبتا بأحد الأمراض التي تنتمي لمجموعة "الأمراض المعدية التي تسبب الدماغ الإسفنجية" ألا وهو مرض "جنون البقر"، ثم تلاهما ظهور حالتين أخريين في 1986م. جنون البقر يعود مجدداً في أسبانيا وكشفت السلطات الصحية في اسبانيا عن وفاة سيدة في شمال البلاد، بعد إصابتها بسلالة بشرية من مرض "جنون البقر"، وهي خامس حالة وفاة تشهدها الدولة الأوروبية منذ العام 2005.وأشارت وزارة الصحة الأسبانية إلى أن هناك عدة خطوات اتخذت لتجنب هذا المرض، بعد أن ظهر في المملكة المتحدة، وشملت عزل الحيوانات المصابة وحظر علف الماشية ذات الأصل الحيواني أو البروتينات الحيوانية.يذكر أن ثلاثاً من وفيات أسبانيا البالغة خمساً بسبب المرض، توجد في مقاطعة ليون الشمالية، قرب مدينة سانتاندر في مقاطعة كانتابريا. أبقار معدلة وراثياً تقاوم جنون البقر وأعلن علماء أمريكيون ويابانيون أنهم استخدموا الهندسة الوراثية لإنتاج ماشية تقاوم مرض جنون البقر ويأمل العلماء أن تكون تلك الماشية مصدراً لقطعان توفر منتجات الألبان والجيلاتين وغيرها من المنتجات الخالية من المرض الذي يدمر خلايا المخ.وأوضح الباحثون في دورية "نيتشر بايوتكنولوجي" أن ماشيتهم عمرها 20 شهراً وتتمتع بالصحة، وأن حيواناتها المنوية أنتجت أجنة طبيعية واستخدمت في تلقيح الأبقار رغم أنه لم يتأكد بعد من قدرتها على التوالد والتناسل بشكل طبيعي.وأضاف الباحثون أن الماشية تفتقر لنوع من بروتينات الجهاز العصبي يسمى "بريونات" يسبب جنون البقر وغيره من الأمراض المتصلة به مثل مرض "سكرابي" وهو داء عصبي مميت يصيب الأغنام ومرض "كرويتزفلد جاكوب" وهو النسخة البشرية من مرض جنون البقر.وأشار الباحثون إلى أن الماشية "التي تخلو من بروتين بريون" يمكن أن تصبح مصدراً مفضلاً لمجموعة متنوعة من المنتجات التي تستخدم بكثافة في مجال التكنولوجيا الحيوية، مثل الألبان والجيلاتين والكولاجين والأمصال والبلازما.
"جــنـون الـبـقـر".. يـعـاود ظـهـوره بإصـابـة بشـريـة فـي ايطاليــا
نشر في: 28 أكتوبر, 2009: 05:34 م