في العادة يتكيّف النظام المصرفي بسرعة أكبر من سواه مع المتغيرات، لأنه يعمل بالمال، والبنوك هي أكثر من يعرف قيمة المال وأهمية التدفق السلس للمال منها واليها. لكن نظامنا المصرفي يظهر بوصفه استثناءً، من هذه القاعدة، وربما الاستثناء الوحيد أو النادر في دولة ذات اقتصاد حر.
يبدو الروتين في بنوكنا الحكومية والخاصة في الصورة التي عليها الروتين في جهاز الدولة، فأبسط المعاملات يستهلك من الوقت والجهد والورق الكثير.
في العالم كله تقريباً صار يمكنك فتح حساب بنكي في غضون دقائق، حتى من دون مراجعة الادارة العامة للبنك أو فروعه، فتكنولوجيا المعلومات وفّرت فرصة ذهبية للبنوك لتقديم خدماتها الى الجمهور بسرعة تقارب سرعة الصوت، وهذا ما خفّف كثيراً من التكاليف التي تتحملها البنوك العاملة الآن بعدد أقل من الموظفين ومن دون ورق، وما الى ذلك. وبفضل ماكنة الصراف الآلي (ATM) صارت البنوك موجودة في كل مكان يحتاج فيها المرء الى إنفاق ماله.
الانفتاح السريع على التكنولوجيا المتطورة وسواها من وسائط وأساليب العمل الحديثة، فتح أمام البنوك أبواباً أوسع للربح، وصارت الأرباح السنوية للعديد من البنوك تُحسب بمليارات الدولارات بدلاً من الملايين وعشرات الملايين الى ما قبل سنوات قليلة، وهذا ما أثار أكثر حمى المنافسة بين البنوك.. المنافسة حتى في تقديم أفضل الخدمات وأيسرها وأسرعها لزبائنها.
هذا كله في واد وبنوكنا في واد آخر مختلف تماماً. ففتح حساب في بنوكنا يشبه الورطة، بل هو ورطة حقيقية. الحساب الجاري لا يُفتح إلا للتجار! وهو لا يُفتح إلا لقاء رسوم يدفعها الزبون للبنك مع أن الأخير هو المستفيد الأكبر من فتح الحسابات لديه. في بقية أرجاء العالم لا رسوم على فتح الحسابات بكل أنواعها، وهي متوفرة للجميع وليس لفئة اجتماعية دون غيرها (بعض البنوك ترغّب الأفراد بمنحهم مبالغ مالية محدودة لقاء فتح حسابات لديها).
وسواء كان الحساب المراد فتحه في بنوكنا جارياً أم للتوفير فان معاملة الفتح تبعث على الملل والنقمة لكثرة ما تتضمنه من إجراءات.. هذه الإجراءات المملة للغاية تظل تطاردك ليس فقط عندما تحتاج لأن تسحب من نقودك وإنما أيضا عندما تريد أن تضيف اليها ليصبح في تصرف البنك، فالأمر في بنوكنا ليس بسهولة أن تحمل الدنانير أو الدولارات الى الكاشيير فيودعها في حسابك ويعطيك وصلاً بذلك أو يدوّن كميتها في دفتر الحساب، فلا مناص من توقيع الموظف(ة) ورئيس(ة) الشعبة ثم القسم! (اشدعوة؟).
كانت لي تجربتان في فتح الحساب البنكي في بغداد، واحدة مع بنك حكومي وآخرى مع بنك أهلي .. الروتين القاتل كان هو هو في الحالين، لكنني للإنصاف عليّ ان اشير الى تجربة ثالثة مختلفة مع المصرف العراقي للتجارة (TBI) الذي افتتحت لي حساباً في فرعه الكائن في الحارثية فوجدت انه الأقل بيروقراطية، بل يبدو أحياناً بمستوى البنوك العالمية.
لماذا لا تكون بنوكنا كلها مثل هذا البنك؟ بل لماذا لا تكون مثل بنوك العالم؟
اشدعوة يا بنوكنا؟
[post-views]
نشر في: 31 مارس, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
حسين موسى
لان من الصعب جدا سرقة المال الالكتروني ّ! ومن الصعب جدا اقتطاع جزء منه كما يفعل موظفونا عندما يسرقوك جزءا من راتبك وجزءا من حسابك وجزءا من تفويلة البنزين لسيارتك نحن وببساطة لم نُحدث طرق سراق المال العام والخاص لذا نناشد المسؤولين بجلب خبراء من نيجيريا يس
أحمد هاشم الحسيني
والله يا عمي ندري انك بريطاني وتحمل الجنسية وتقبض بالباوند وعندك حسابات بالبنوك واخذت إجازة السوق من أول نظرة وكراجك يعطيك بالسنة دخلك من الكتابة بأي جريدة وتعرف انه ماكنة الصرف الآلي اسمها أي تي أم وتكتب بالانكليزي بلبل بدون قاموس ولا مترجم وتنشر لك الص