TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اشدعوة يا بنوكنا؟

اشدعوة يا بنوكنا؟

نشر في: 31 مارس, 2013: 09:01 م

في العادة يتكيّف النظام المصرفي بسرعة أكبر من سواه مع المتغيرات، لأنه يعمل بالمال، والبنوك هي أكثر من يعرف قيمة المال وأهمية التدفق السلس للمال منها واليها. لكن نظامنا المصرفي يظهر بوصفه استثناءً، من هذه القاعدة، وربما الاستثناء الوحيد أو النادر في دولة ذات اقتصاد حر.
يبدو الروتين في بنوكنا الحكومية والخاصة في الصورة التي عليها الروتين في جهاز الدولة، فأبسط المعاملات يستهلك من الوقت والجهد والورق الكثير.
في العالم كله تقريباً صار يمكنك فتح حساب بنكي في غضون دقائق، حتى من دون مراجعة الادارة العامة للبنك أو فروعه، فتكنولوجيا المعلومات وفّرت فرصة ذهبية للبنوك لتقديم خدماتها الى الجمهور بسرعة تقارب سرعة الصوت، وهذا ما خفّف كثيراً من التكاليف التي تتحملها البنوك العاملة الآن بعدد أقل من الموظفين ومن دون ورق، وما الى ذلك. وبفضل ماكنة الصراف الآلي (ATM) صارت البنوك موجودة في كل مكان يحتاج فيها المرء الى إنفاق ماله.
الانفتاح السريع على التكنولوجيا المتطورة وسواها من وسائط وأساليب العمل الحديثة، فتح أمام البنوك أبواباً أوسع للربح، وصارت الأرباح السنوية للعديد من البنوك تُحسب بمليارات الدولارات بدلاً من الملايين وعشرات الملايين الى ما قبل سنوات قليلة، وهذا ما أثار أكثر حمى المنافسة بين البنوك.. المنافسة حتى في تقديم أفضل الخدمات وأيسرها وأسرعها لزبائنها.
هذا كله في واد وبنوكنا في واد آخر مختلف تماماً. ففتح حساب في بنوكنا يشبه الورطة، بل هو ورطة حقيقية. الحساب الجاري لا يُفتح إلا للتجار! وهو لا يُفتح إلا لقاء رسوم يدفعها الزبون للبنك مع أن الأخير هو المستفيد الأكبر من فتح الحسابات لديه. في بقية أرجاء العالم لا رسوم على فتح الحسابات بكل أنواعها، وهي متوفرة للجميع وليس لفئة اجتماعية دون غيرها (بعض البنوك ترغّب الأفراد بمنحهم مبالغ مالية محدودة لقاء فتح حسابات لديها).
وسواء كان الحساب المراد فتحه في بنوكنا جارياً أم للتوفير فان معاملة الفتح تبعث على الملل والنقمة لكثرة ما تتضمنه من إجراءات.. هذه الإجراءات المملة للغاية تظل تطاردك ليس فقط عندما تحتاج لأن تسحب من نقودك وإنما أيضا عندما تريد أن تضيف اليها ليصبح في تصرف البنك، فالأمر في بنوكنا ليس بسهولة أن تحمل الدنانير أو الدولارات الى الكاشيير فيودعها في حسابك ويعطيك وصلاً بذلك أو يدوّن كميتها في دفتر الحساب، فلا مناص من توقيع الموظف(ة) ورئيس(ة) الشعبة ثم القسم! (اشدعوة؟).
كانت لي تجربتان في فتح الحساب البنكي في بغداد، واحدة مع بنك حكومي وآخرى مع بنك أهلي .. الروتين القاتل كان هو هو في الحالين، لكنني للإنصاف عليّ ان اشير الى تجربة ثالثة مختلفة مع المصرف العراقي للتجارة (TBI) الذي افتتحت لي حساباً في فرعه الكائن في الحارثية فوجدت انه الأقل بيروقراطية، بل يبدو أحياناً بمستوى البنوك العالمية.
لماذا لا تكون بنوكنا كلها مثل هذا البنك؟ بل لماذا لا تكون مثل بنوك العالم؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. حسين موسى

    لان من الصعب جدا سرقة المال الالكتروني ّ! ومن الصعب جدا اقتطاع جزء منه كما يفعل موظفونا عندما يسرقوك جزءا من راتبك وجزءا من حسابك وجزءا من تفويلة البنزين لسيارتك نحن وببساطة لم نُحدث طرق سراق المال العام والخاص لذا نناشد المسؤولين بجلب خبراء من نيجيريا يس

  2. أحمد هاشم الحسيني

    والله يا عمي ندري انك بريطاني وتحمل الجنسية وتقبض بالباوند وعندك حسابات بالبنوك واخذت إجازة السوق من أول نظرة وكراجك يعطيك بالسنة دخلك من الكتابة بأي جريدة وتعرف انه ماكنة الصرف الآلي اسمها أي تي أم وتكتب بالانكليزي بلبل بدون قاموس ولا مترجم وتنشر لك الص

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram