ناشط مدني أعدَّ تقريراً استند الى معلومات حصل عليها من عشرات الطلبة والاساتذة في جامعات اهلية وحكومية، تؤكد خضوعها لإجراءات رقابية ، وصفها بأنها تنتهك الحريات الشخصية.. وذكر الناشط في تقريره ان وزارة الداخلية استحدثت في عام 2005 دائرة حماية أمن الجامعات ، توزع موظفوها بين الكليات والمعاهد ، واخذوا يجولون بزيهم المدني داخل الحرم الجامعي ، ويختلطون بالطلبة ويستمعون لأحاديثهم ، ويتعرفون حتى على تفاصيل حياتهم ، ويؤشر الناشط وجود ممارسات للضغط على الاساتذة وابتزازهم ، فضلا عن قيام الكليات بنصب كاميرات لمراقبة تحركات الطلبة ، وطبقاً لما ورد في تقرير الناشط فان الهمس يدور الآن بين الاساتذة حول وضع كاميرات لمعرفة ما يدور بينهم خلال احاديثهم .
عناصر حماية الجامعات كلفوا بمهمات امنية ومنها استقصاء المعلومات عن اي نشاط يدعو الى تبني الفكر المتشدد ، والعنوان العريض لهذه المهمة يفتح ابواب احتمال التدخل في شؤون اخرى ، قد تكون من وجهة نظر البعض فرض رقابة صارمة على الافكار وحرية التعبير ، ولا سيما ان عنصر الحماية لم يأخذ التدريب الكافي في استخدام الاسلوب الصحيح والسليم الذي لا يتقاطع مع أداء واجبه.
الجامعات العراقية عرفت سابقا الحرس الجامعي ، وكانت مهمته محددة بمتابعة ارتداء الطلبة الزي الجامعي ، اما مراقبة النشاط الفكري ، المعادي (للحزب والثورة) فيقع على عاتق جهات اخرى مرتبطة بأجهزة امنية تمتلك صلاحية الاعتقال الفوري العاجل من دون بيان الاسباب ، والاساتذة وقتذاك كانوا يخافون حتى من ظلهم ، ولا احد منهم يستطيع الادلاء بحديث سياسي ، للتعبير عن رأيه بقضية ما ، لان مصيره سيكون غير محمود العواقب ، اما قضية الكاميرات واللاقطات فهي ماثلة في الاذهان قبل وضعها في الجدران والسقوف والزوايا غير المرئية .
في يوم هروب حسين كامل من العراق الى الاردن ، كان احد المسؤولين مصاباً بكسر بقدمه ، وفي اثناء زيارته من قبل بعض الاعلاميين للاطمئنان على صحته ، تحدث الحاضرون في منزل المسؤول عن كيفية حصول عملية الهروب ، والرجل حاول تغيير الحديث ، ودعا الضيوف الى التركيز على اجراءات القيادة الحكيمة وقدرتها على احتواء ومعالجة أشد الازمات خلال 24 ساعة .
بعد خروج الضيوف طلب المسؤول من احدهم ان يبقى معه لدقائق وقال له معاتبا: ليس من المناسب الحديث في منزلي بقضية هروب حسين كامل، فردَّ عليه الضيف ، الخبر معلن وبثته وكالة الانباء العراقية، وصدر بيان من القيادة بإعفاء حسين كامل من منصبه ، المسؤول انفرجت أساريره ، فدفع كرسيه المتحرك نحو حديقة المنزل ليودع ضيوفه ثم عاد مسرعاً ليتابع ما يبثه التلفاز الرسمي من انباء جديدة ، واناشيد وطنية .
مخاوف المسؤول السابق من حديث ضيوفه ربما انطلقت من اعتقاده بوجود كاميرات ولاقطات الاستماع ، والامر ليس مستبعدا ، ومنذ ذلك الوقت ، وحتى الان المخاوف قائمة ، بعد ان اصبحت الكاميرات ترصد حركات الطالب او الاستاذ جامعي ، وصورت شخصا قاده حظه العاثر "ليريق المائية " على جدار مقر حزب متنفذ!