TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حملة انتخابية غير منصفة

حملة انتخابية غير منصفة

نشر في: 2 إبريل, 2013: 09:01 م

سألتني إحدى محطات الإذاعة أمس عما إذا قد لفت نظري إعلان انتخابي لمرشحي مجالس المحافظات في العاصمة، فأجبت في الحال بالإيجاب. بدا الزميل المراسل متوقاً لمعرفة ما يكون هذا الإعلان ولأي مرشح فلم أتردد في إشباع فضوله المهني بالكشف عمّا أعجبني.
الإعلان، مثل الرسم الكاريكاتيري، يكون أفضل كلما قلّت تفاصيله، بما فيها الكلمات. ومن حيث القوائم والائتلافات تميّزت على غيرها إعلانات مرشحي كتلة المواطن أولاً ثم ائتلاف العدالة والديمقراطية العراقي. وتميّزهم برز بخاصة في عدم اتكائهم الى زعماء كتلهم وائتلافاتهم وتدثرهم بعباءاتهم.
وبين المرشحين جميعاً كان لافتا إعلان المهندس محمد الربيعي، وهو عضو مجلس محافظة بغداد الحالي، فقد كان ذكياً في "البوز" الذي اتخذ أثناء التصوير: نظرة عينين مباشرة وابتسامة عريضة ودودة وحركة يد أليفة للتحية.
سألني المراسل عما إذا عنى كلامي أن إعلان المهندس الربيعي مؤثر الى درجة يجعلني أدلي بصوتي لصالحه، ولم أتردد في الإجابة بالنفي هذه المرة، فقد كنت أتحدث بصفتي ابن مهنة لها علاقة وثيقة بالإعلان والدعاية وانظر الى إعلانات المرشحين من هذه الزاوية. أما من الذي سأنتخبه فهاذ أمر يخصني شخصياً. ومن دون التقليل من استحقاق المهندس الربيعي، فأنني قد حددت من سأنتخب قبل أن تنطلق إشارة البدء بالحملة الانتخابية منذ شهر. ومن دون تردد أو خشية أعلن أنني سأنتخب إحدى مرشحات ائتلاف العدالة والديمقراطية العراقي (422).
على أية حال، أرى أن حملاتنا الانتخابية لا تتسم بالتكافؤ والعدالة والإنصاف، فمن الواضح أن الأحزاب الحاكمة هي الأكثر بذخاً في إعلانات مرشحيها، وهذا راجع الى قوة إمكاناتها المالية المتأتية، ولا بد، من نفوذها في أجهزة الدولة وقربها من مصادر المال العام.
وعدم الإنصاف والعدالة لا يقتصر على هذا الجانب، فجمهور الناخبين لدينا يتعامل في الواقع مع أشباح وليس مع مرشحين ليكونوا ممثليه في المجالس التشريعية المحلية.
في معظم الدول الديمقراطية يتواجه المرشحون مع جمهور الناخبين مباشرة في تجمعات يعرّف فيها المرشحون أنفسهم ويعلنون عن برامجهم. وفوق هذا يعمد المرشحون الى التواصل مع الناخبين عبر البريد ووسائل الاتصال المختلفة. وهذا ما لا يتوفر لدينا، فالمرشحون جميعاً، حتى في الانتخابات البرلمانية، في عزلة تامة عمّن سيمثلونهم.. لا تجمعات ولقاءات عامة ولا نشرات عبر البريد، ووسيلة الاتصال الوحيدة هي إعلانات الشوارع التي تشوّه المدن على نحو مقرف. بل ليس في إمكان الناخبين مراجعة نوابهم في مكاتب معلومة لهم حتى بعد انتخابهم. وهذا كله بذريعة الاحترازات الأمنية.
ليس من العدل والإنصاف أن يجري انتخاب عضو برلمان أو مجلس بلدي لا يعرف الناخب عنه أكثر من صورة يظهر فيها المرشح مستظلاً بزعيم حزبه أو كتلته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. نوار عيسى

    مقال موفق و متميز استاذنا العزيز ... لقد مرت ببالي خاطرة عن المرشحين و كأني اراهم اشباحاً او اناساً من نسج خيال احزابهم و كتلهم ... وعود وردية و كلمات رنانه... أين كنتم الفترة السابقة و اين انتم من الفقراء و الارامل و الايتام الذي مليء بهم هذا الوطن الجري

  2. كاطع جواد

    انت يا سيدي تناولت الجانب الدعائي لمرشحي الحملة الانتخابية وانا اضيف لقراء مقالاتك الرائعة ما يصيب العراقين هذه الايام من حوادث مرورية بسبب إغلاق بعض الإعلانات الدعائية للمنعطفات كونها تحجب الرؤية اثناء الاستدارة مما يسبب بحوادث مرورية قد تكون قاتلة للاسف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram