سألتني إحدى محطات الإذاعة أمس عما إذا قد لفت نظري إعلان انتخابي لمرشحي مجالس المحافظات في العاصمة، فأجبت في الحال بالإيجاب. بدا الزميل المراسل متوقاً لمعرفة ما يكون هذا الإعلان ولأي مرشح فلم أتردد في إشباع فضوله المهني بالكشف عمّا أعجبني.
الإعلان، مثل الرسم الكاريكاتيري، يكون أفضل كلما قلّت تفاصيله، بما فيها الكلمات. ومن حيث القوائم والائتلافات تميّزت على غيرها إعلانات مرشحي كتلة المواطن أولاً ثم ائتلاف العدالة والديمقراطية العراقي. وتميّزهم برز بخاصة في عدم اتكائهم الى زعماء كتلهم وائتلافاتهم وتدثرهم بعباءاتهم.
وبين المرشحين جميعاً كان لافتا إعلان المهندس محمد الربيعي، وهو عضو مجلس محافظة بغداد الحالي، فقد كان ذكياً في "البوز" الذي اتخذ أثناء التصوير: نظرة عينين مباشرة وابتسامة عريضة ودودة وحركة يد أليفة للتحية.
سألني المراسل عما إذا عنى كلامي أن إعلان المهندس الربيعي مؤثر الى درجة يجعلني أدلي بصوتي لصالحه، ولم أتردد في الإجابة بالنفي هذه المرة، فقد كنت أتحدث بصفتي ابن مهنة لها علاقة وثيقة بالإعلان والدعاية وانظر الى إعلانات المرشحين من هذه الزاوية. أما من الذي سأنتخبه فهاذ أمر يخصني شخصياً. ومن دون التقليل من استحقاق المهندس الربيعي، فأنني قد حددت من سأنتخب قبل أن تنطلق إشارة البدء بالحملة الانتخابية منذ شهر. ومن دون تردد أو خشية أعلن أنني سأنتخب إحدى مرشحات ائتلاف العدالة والديمقراطية العراقي (422).
على أية حال، أرى أن حملاتنا الانتخابية لا تتسم بالتكافؤ والعدالة والإنصاف، فمن الواضح أن الأحزاب الحاكمة هي الأكثر بذخاً في إعلانات مرشحيها، وهذا راجع الى قوة إمكاناتها المالية المتأتية، ولا بد، من نفوذها في أجهزة الدولة وقربها من مصادر المال العام.
وعدم الإنصاف والعدالة لا يقتصر على هذا الجانب، فجمهور الناخبين لدينا يتعامل في الواقع مع أشباح وليس مع مرشحين ليكونوا ممثليه في المجالس التشريعية المحلية.
في معظم الدول الديمقراطية يتواجه المرشحون مع جمهور الناخبين مباشرة في تجمعات يعرّف فيها المرشحون أنفسهم ويعلنون عن برامجهم. وفوق هذا يعمد المرشحون الى التواصل مع الناخبين عبر البريد ووسائل الاتصال المختلفة. وهذا ما لا يتوفر لدينا، فالمرشحون جميعاً، حتى في الانتخابات البرلمانية، في عزلة تامة عمّن سيمثلونهم.. لا تجمعات ولقاءات عامة ولا نشرات عبر البريد، ووسيلة الاتصال الوحيدة هي إعلانات الشوارع التي تشوّه المدن على نحو مقرف. بل ليس في إمكان الناخبين مراجعة نوابهم في مكاتب معلومة لهم حتى بعد انتخابهم. وهذا كله بذريعة الاحترازات الأمنية.
ليس من العدل والإنصاف أن يجري انتخاب عضو برلمان أو مجلس بلدي لا يعرف الناخب عنه أكثر من صورة يظهر فيها المرشح مستظلاً بزعيم حزبه أو كتلته.
حملة انتخابية غير منصفة
[post-views]
نشر في: 2 إبريل, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
نوار عيسى
مقال موفق و متميز استاذنا العزيز ... لقد مرت ببالي خاطرة عن المرشحين و كأني اراهم اشباحاً او اناساً من نسج خيال احزابهم و كتلهم ... وعود وردية و كلمات رنانه... أين كنتم الفترة السابقة و اين انتم من الفقراء و الارامل و الايتام الذي مليء بهم هذا الوطن الجري
كاطع جواد
انت يا سيدي تناولت الجانب الدعائي لمرشحي الحملة الانتخابية وانا اضيف لقراء مقالاتك الرائعة ما يصيب العراقين هذه الايام من حوادث مرورية بسبب إغلاق بعض الإعلانات الدعائية للمنعطفات كونها تحجب الرؤية اثناء الاستدارة مما يسبب بحوادث مرورية قد تكون قاتلة للاسف