عبدالخالق دوسكيمقولة "خير جلس في الزمان كتاب" لم تأت من فرغ، بل أتت عن تجربة لا يدركها إلا من ذاق متعة قراءة الكتب وحلاوة التنقل من صفحة الى أخرى ومتعة الوصول الى نهاية الفصل وفرحة الانتهاء من قراءة الكتاب، إنها مراحل وحياة يعيشها الكاتب مع الصفحات
عبدالخالق دوسكي
مقولة "خير جلس في الزمان كتاب" لم تأت من فرغ، بل أتت عن تجربة لا يدركها إلا من ذاق متعة قراءة الكتب وحلاوة التنقل من صفحة الى أخرى ومتعة الوصول الى نهاية الفصل وفرحة الانتهاء من قراءة الكتاب، إنها مراحل وحياة يعيشها الكاتب مع الصفحات البيضاء ورسم الكلمات وصوت الأوراق حين تتصفح الكتاب.
إن التعامل مع الكتاب الورقي له أتيكيت خاص به، فحجم الكتاب ورائحته ولون الصفحات كلها أمور قد لا ينتبه إليها القارئ إلا عندما يتعامل مع الكتاب باستمرار الكتاب الذي قد تقضي معه أمتع اللحظات في اليوم فأنت تختار موعداً خاصاً في الليل أو الصباح أو عصراً في الحديقة أو المكتبة أو السرير قبل النوم، وأنت تشرب القهوة أو ترتشف الشاي أو ربما تدخن سيجارة وتستمتع بدخانها الذي يضفي على أجواء القراءة أجواءً أخرى تكاملية. كل هذه أمور قد لا ننتبه إليها لكنها أمور ترادف قراءة الكتب.
وأنت تقرأ الكتاب الورقي بإمكانك التمدد والجلوس ورفع الكتاب يميناً ويساراً بعكس الحاسوب الذي يتطلب وضعية صحية خاصة، لذا فإن الحرية التي يمنحك إياها الكتاب قد لا يمنحك إياها غيره، ناهيك عن تأثيرات سلبية أخرى قد تخلقها عليك وسائل أخرى غير الكتاب .
ونحن نقرأ الكتاب نحس بنبض الكاتب ووجوده معنا وكأننا نناقشه ونتكلم معه لأن الكتاب يحمل في طياته أنفاس الكاتب وأحاسيسه فهو جزء منه وقطعة عنه يجمع شتات فكره لذلك فأننا نكون أقرب إليه عندما نتناول الكتاب الورقي وندرك حقيقة الجهد الذي بذله هذا الكاتب من أجل أن تخرج كتابه الى النور ويلامس الواقع حيث تصبح أفكاره عملا مجسدا نمسكه بين أيدينا ونتصفحه.
كما أننا باقتنائنا للكتاب الورقي فإننا نزيد الكاتب فرحته بجهده المبذول إذ أننا عندما نشتري الكتاب فإننا ندعم الكاتب وأفكاره ونشجعه على كتابة المزيد وإصدار كتب جديدة لأن الجانب المادي له تأثيره على الكاتب لأن هم الكاتب الأساس هو طرح أفكاره المكتومة في أعماقه وكثيرا ما يصادف الكاتب صعوبات مادية في إصدار الكتب لذا فان اقتناء الكتب هي وسيلة لدعم الكاتب في نشر أفكاره .نقطة أخرى مهمة ينبغي الإشارة إليها وهي أن وجود الكتب الورقية في أي منزل هي دليل على ثقافة أهل البيت وحبهم للعلم والتحضر والتمدن لأن وجود الكتاب في البيت يضفي ثقلا وجمالا من نوع خاص كما أن توفره أمام أنظار الأطفال يجعلهم في إلفة دائمة معه، فلا يخشون الكتاب والقراءة وإنما تصبح العملية برمتها جزءاً من حياتهم إذ يعتادون على القراءة وتصبح من العادات الحسنة في حياتهم، بعكس المنزل الذي لا يضم مكتبة بالكتب فهو أشبه بالجسد الخالي من الروح فالكتاب يمنح المنزل والعائلة هيبة ووقارا كما العلم يمنح صاحبه جلال وقدرا بين أقرانه وبين العالم الذي يعيش فيه .