ستوفر إعادة اختيار خالد مشعل رئيسًا للمكتب السياسي لحماس فرصة لتعزيز علاقات الحركة التي تسيطر على قطاع غزة مع الأنظمة العربية الجديدة وتطوير العلاقات مع الغرب، بحسب محللين. واكتسب مشعل (56 عامًا) المعروف بأنه وسطي وبراغماتي، صورة أكثر اعتدالاً لدى بع
ستوفر إعادة اختيار خالد مشعل رئيسًا للمكتب السياسي لحماس فرصة لتعزيز علاقات الحركة التي تسيطر على قطاع غزة مع الأنظمة العربية الجديدة وتطوير العلاقات مع الغرب، بحسب محللين. واكتسب مشعل (56 عامًا) المعروف بأنه وسطي وبراغماتي، صورة أكثر اعتدالاً لدى بعض الجهات الغربية لقبوله بدولة فلسطينية على أراضي 1967 وتوجهه نحو المصالحة مع حركة فتح ودفعه باتجاه هدنة مع إسرائيل العام الماضي رغم معارضة قادة تاريخيين في الحركة.
ويرى المحلل السياسي وليد المدلل بأن خلاف مشعل العلني مع قادة متشددين في حماس وإبداءه مرونة سياسية في عدد من القضايا كالمصالحة "قدماه للعالم كزعيم عقلاني ووسطي يمكن التعامل معه". ويضيف المدلل أن مشعل "يجيد لعبة المصالح في علاقاته مع الدول العربية والغرب"، موضحًا أن إعادة انتخابه لأربع سنوات "ستمنحه فرصة كافية لاستكمال ما بدأه في إعادة ترتيب علاقة حماس مع الغرب وتسويقها بأنها ليست عدوًا للغرب".
وربما أدى تصريح مشعل السنة الماضية بأنه مستعد "لإعطاء فرصة" للمفاوضات مع إسرائيل، إلى تحسين صورته في نظر الغرب، وإن كان ذلك يتعارض مع ميثاق حركته الذي يدعو إلى تدمير إسرائيل.
ويرجح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة أن مشعل غيّر رأيه وترشح مجددًا للمنصب نتيجة "للمتغيّرات العربية والإقليمية"، التي أسهمت حسب قوله كذلك في فوزه. ويضيف أن مشعل حظي بتأييد قادة حماس في الداخل والخارج نظرًا "لخبرته السياسية الواسعة ،حيث استطاع منذ توليه زعامة حماس عام 1996 وخاصة في السنوات الست الأخيرة، نسج علاقات مع دول عربية وإقليمية جيدة".
وتواجه حركة حماس العديد من التحديات، منها تلك المتعلقة بتعثر المصالحة مع حركة فتح أو المواجهة المفتوحة مع إسرائيل، والعلاقات مع مصر. ويؤكد أبو سعدة أن مشعل هو "أفضل شخص يستطيع إخراج حماس من هذه التحديات الصعبة إقليميا وعربيًا".
وأوضح صلاح جمعة مصيلحي المتخصص بالشؤون الفلسطينية في وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن هناك أطرافا إقليمية ودولية ومنها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لعبت دورًا بإعادة مشعل لرئاسة الحركة. وأعادت حركة حماس مساء الاثنين انتخاب خالد مشعل رئيسًا لمكتبها السياسي لأربع سنوات إضافية، وذلك في اجتماع لمكاتبها السياسية الفرعية وقيادة مجلس الشورى العام في القاهرة.
ويرى مصيلحي أن الاجتماع في القاهرة "له دلالة كبيرة بدعم الرئاسة والإخوان (..) لتسويق حماس وتطوير انفتاحها على الغرب والعالم". وتوقع مصيلحي بأن تحاول مصر تنفيذ اقتراح قطر في القمة العربية الأخيرة بعقد قمة عربية مصغرة لإنجاز المصالحة.
وأكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر ناجي شراب أن علاقة مشعل الجيدة مع الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة فتح محمود عباس "سيكون لها انعكاس ايجابي على المصالحة"، مشيرًا إلى أن اختيار مشعل "يعكس عملية التحول السياسي التي تشهدها حماس بسبب نفوذه وعلاقاته الواسعة مع زعماء عرب وعدم وجود بديل في هذه المرحلة". وبحسب شراب، فإن مشعل "يمثل صورة الاعتدال والتوازن والتوافق في حماس، والحركة بحاجة لتوسيع نافذتها الدولية ومشعل إحدى البوابات الرئيسية لما تجسده تصريحاته الأكثر واقعية".
وتوقع أبو سعدة أن يشهد الموقف الدولي، والذي يصنف حماس كحركة إرهابية، "تغييرًا إيجابيًا" لصالح حماس كون مصر ستشكل "بوابة جيدة للحركة لفتح قنوات اتصال مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة". ويؤكد أن الموقف الدولي تجاه الإسلام السياسي الذي تعتبر حركة حماس جزءاً منه، بعد صعود حركة الإخوان المسلمين للحكم في مصر وعدد من الدول العربية، قد تغيّر بعد أن كان الموقف "يتسم بالشك وعدم الثقة".
ويؤكد أبو سعدة أن "مشعل يستطيع (تحسين العلاقات مع أوروبا وأميركا) عبر البوابات المصرية والقطرية والتركية، والتي لديها علاقات جيدة بالولايات المتحدة والمجتمع الدولي".
وأكد دبلوماسي عربي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس أن مشعل "رجل مقبول عربيًا ودوليًا، والجميع يفضلون التعامل مع شخص برغماتي لا يخضع لضغوطات الداخل أكثر من أي زعيم جديد قد يكون متشددًا".
ويعتقد المدلل بأن تركيبة المكتب السياسي الجديد لحركة حماس "ستراعي مطالب بعض المتشددين في حماس في قطاع غزة الذين كانوا يطالبون بانتخاب رئيس للمجلس السياسي من الداخل".
بينما خلص أبو سعدة إلى أن مشعل بخطابه المعتدل وبقبوله دولة فلسطينية على حدود عام 1967 "يكون اقرب من النظام العربي من أي شخص آخر في حماس كما هو نائبه موسى أبو مرزوق أو رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية".
وأضاف أن "إسرائيل تفضل شخصًا تعرفه (...) مجرب خير من غير مجرب" على رأس حماس. وتعرض مشعل في 1997 في الأردن لمحاولة اغتيال بالسم نفذها عملاء لجهاز الموساد السري الإسرائيلي.